الشباب الروس ممزق بين حب الغرب وكراهيته |
* موسكو (د,ب,أ)
يجد معظم الشباب الروسي من جيل فترة ما بعد الشيوعية، نفسه ممزقا بين حبه للثقافة الاستهلاكية الغربية وكراهيته للتفوق السياسي والعسكري الذي يتمتع به الغرب.
فالمراهقون في روسيا يستخدمون شبكة المعلومات الدولية الانترنت ويمارسون ألعاب الكمبيوتر ويتناولون الهامبرجر ويحتسون الكوكاكولا بصورة كبيرة تماما مثلما يفعل نظراؤهم الغربيون.
غير ان جيل الشباب الذين كبروا بعد انهيار النظام الشيوعي السابق في عام 1991 لايزالون يشعرون بعد الارتياح لما يعتقد انه تفوق غربي رغم انهم يرفضون القيم الشيوعية.
وتشهد بعض الاوساط عودة فكرة روسيا العظيمة، وعارض معظم الشباب الغارات الجوية التي شنها حلف شمال الاطلنطي الناتو على يوغسلافيا.
وعادت الافكار المعادية لأمريكا والغرب التي استوعبوها اثناء ايام الدراسة الى البروز مرة اخرى كما يظهر في الرفض الواسع للنقد الغربي للحملة العسكرية التي تشنها روسيا ضد المقاتلين الشيشان.
ويعتقد الكثيرون ان اقتصاد السوق والحريات التي نتجت عنه في بداية التسعينات قد تسببت في الثراء للبعض ومنهم البيروقراطيون السابقون وبعض رجال المال والمافيا، كما تسببت في الفقر المدقع للعديدين.
وكان نتيجة ذلك انتشار مبدأ العدمية واظهرت دراسة ان 80% تقريبا اعربوا عن عدم ثقتهم في كافة السياسيين وان اكثر من النصف قالوا ان هدفهم الرئيسي هو الحصول على سلع استهلاكية غالية الثمن.
غير ان الشباب تبنوا اقتصاد السوق بسرعة اكبر مما فعل الاكبر منهم سنا بعد انهيار شبكة الامان التي كان يوفرها الاتحاد السوفيتي سابقا للمواطنين.
ولم يكن التغيير سهلا فقد تطلبت الحريات الجديدة توفر روح المغامرة والخيال والعمل الشاق من اجل البقاء في السوق الذي يعمل بالأسلوب القاسي للرأسمالية.
وقد ادى ارتفاع معدل التضخم الى ارتفاع أجور المساكن وقضى على المدخرات التي عمل الناس على جمعها سنين طويلة.
وكان من الصعب جدا على البعض تأمين معيشة مرضية لأنفسهم نظرا لعدم وجود البنية التحتية والخدمات الاجتماعية من جهة وازدياد الجريمة من جهة اخرى.
أما ألمانيا التي كان النظام الشيوعي السابق يبقيها تحت السيطرة فقد عرفت جيدا كيف تستغل تماما الحريات الجديدة والفوضى الشائعة في هياكل الدولة.
وظهرت فرص للعمل في صفوف المافيا واستسلم العديد من الشبان للعرض المغري، وكان رجال الشرطة ذوو الدخول المنخفضة مستعدين لممارسة الفساد ولم يكونوا قادرين على السيطرة على العصابات.
وشكلت عمليات الاختطاف والابتزاز وتعاطي المخدرات مهربا سهلا للشباب من التجمعات السكنية التي تبعث على الكآبة والتي شيدت ابان العهد السوفيتي.
غير ان حياة العصابات مليئة بالاخطار واصابت حرب العصابات كثير ممن حققوا ثروات سريعة وخر الكثير منهم صرعى برصاص تلك العصابات.
وفي دوائر الاقتصاد الشرعي ظهرت مجموعة جديدة من الصفوة بحلول منتصف التسعينات، تضم اشخاصا في الثلاثينات من العمر يتمتعون بمستوى عال من التعليم وبعضهم تلقى تعليمه في جامعات غربية وعمل بعضهم الآخر في شركات غربية او روسية بارزة.
واضرت الازمة المالية التي شهدتها روسيا في اب/اغسطس 1998 عندما اوقفت الدولة سداد الديون المستحقة عليها، بهذه المجموعة الجديدة فقد تم طرد آلاف الاشخاص من اعمالهم بينما خفضت رواتب المحظوظين منهم الى النصف.
ولكن بالنسبة لمعظم الشباب فإن الحياة منذ انهيار الشيوعية اصبحت صعبة، ويشعر الكثيرون ان الدولة تركتهم في وضع حرج، ولاتستطيع العائلات الشابة ان تعتمد على دعم الحكومة التي هي على اية حال قليلة للغاية.
اما الجيش الذي يجبر الشباب على دخوله مدة 14 شهرا فهو بنفس الوحشية التي كان عليها في السابق رغم الوعود بإدخال اصلاحات عليه.
ومن الناحية النظرية فإن اي شخص يحصل على نتائج طيبة في دراسته يمكن ان يحصل على الدراسة العليا مجانا، غير ان المنح التي تقدمها الدولة لا توفر حتى الخبز للطلاب.
وثمة حافز اضافي لكي يكمل الطالب تعليمه وهو ان الطلبة في مقدورهم ان يتجنبوا اداء الخدمة العسكرية عن طريقة تأديتهم دورات تدريبية خلال دراستهم.
غير ان الاكاديميين الجيدين يتم سحبهم حاليا من مناصبهم التي لا تدر عليهم دخلا كبيرا في الجامعات الحكومية الى كليات القطاع الخاص التي لا يستطيع دفع اقساطها سوى الاغنياء فقط.
|
|
|