الحزب المسيحي يصارع الظروف للعودة بقوة إلى الساحة السياسية في ألمانيا |
* ايسين (د,ب,أ)
يحاول المسيحيون الديمقراطيون في المانيا محو آثار الفضيحة المالية المدوية للحزب واستعادة مكانته باعتباره حزب المعارضة الرئيسي في البلاد.
وقال فولفجانج شويبله الرئيس الحالي للحزب المسيحي الديمقراطي: لقد خسرنا قدرا كبيرا من الثقة وتكبدنا خسارة وكان الرجل قد اعلن انه سوف يستقيل لأن ذلك افضل شيء لصالح الحزب.
ونبه شويبله الى ان الحزب لم يتخلص بعد من مشكلاته المتراكمة ولكن المؤتمر الذي عقده الحزب في ايسين خلال اليومين الماضيين سيكون بمثابة بداية جديدة لإعادة بناء الحزب.
وتقف انجيلا ميركيل المرأة القوية من شرق المانيا التي تجمع بين سحر الانوثة والذكاء السياسي الحاد وحدها في ساحة الترشيح لرئاسة الحزب دون معارضة وهي مطالبة بمحو آثار فضيحة الاموال غير القانونية والتبرعات السرية الكارثية التي خلفها وراءه المستشار السابق هيلموت كول ورفاقه.
ولا يحضر كول هذا المؤتمر المنعقد في مدينة ايسين بوادي الرور، إلا ان ظله يخيم بقوة على جلساته، والمعروف ان كول 70 عاما ترأس هذا الحزب طوال ربع قرن من الزمان، كما شغل منصب المستشار من عام 1982 حتى عام 1998.
وكان كول قد اوقع الحزب العام الماضي في أزمة عميقة باعترافه انه تلقى مبلغ 2,1 مليون مارك مليون دولار كتبرعات نقدية غير معلنة للحزب خلال التسعينيات.
ومنذ ذلك الحين توالت اعترافات الحزب حتى وصلت الاموال التي اعترف بتلقيها بصورة غير مشروعة الى حوالي خمسين مليون مارك، وتم تغريمه ما يزيد على اربعين مليون مارك.
ومن المتوقع فرض المزيد من الغرامات على الحزب، مما حدا بشويبله الى المطالبة باجراء تخفيضات كبيرة في الانفاق لكي يتسنى للحزب مواجهة عجز مالي سنوي قدره 16,5 مليون مارك خلال السنوات المقبلة.
وقد رفض كول حتى الآن الكشف عن مصدر الاموال التي تلقاها مما جعله هو ومسوؤلون سابقون آخرون في الحزب المسيحي الديمقراطي، هدفا لتحقيقات جنائية وبرلمانية.
وغرق شويبله الذي تسلم دفة القيادة من كول عام 1998 في الفضيحة هو الآخر بعد اعترافه بتلقي 100,000 مارك من تاجر اسلحة هارب,وتحدث شويبله بمرارة عن مكائد جنائية خطط لها كول، ورغم انه لم يذكر كول بالاسم مطلقا في خطابه الذي استمر ساعة أمام مؤتمر الحزب، فإن شويبله شن عدة هجمات مستترة على الزعيم الالماني السابق.
وقال شويبله: لقد ولى زمن الحجرات المليئة بالدخان والتحكم في مجريات الامور من وراء الستار ، وفي اشارة واضحة الى رفض كول تحديد اسماء مقدمي التبرعات السرية قال شويبله: ان القانون يسري على الجميع .
غير ان شويبله اكد انه لا يشعر بالمرارة واعرب عن استعداده لخدمة الحزب المسيحي الديمقراطي بأي وسيلة مستقبلا.
والهدف الاساسي للمؤتمر هو انتخاب ميركيل وقائمة كاملة من القيادات الجديدة.
وتمثل ميركيل علامة فارقة في الانفصال عن ماضي الحزب المسيحي الديمقراطي الذي شهد هيمنة كبار السن من غربي ألمانيا على الحزب، فهي لم تتجاوز الخامسة والاربعين عاما وتنحدر اصلا من المانيا الشرقية الشيوعية السابقة التي نشأت فيها كابنة في اسرة قسيس بروتستانتي.
وكانت ميركيل التي تشغل حاليا منصب سكرتير عام الحزب، الاولى بين قيادات الحزب التي طالبت علنا برأس كول بعد ان كادت الفضيحة تدمر الحزب تماما أواخر العام الماضي.
وارتفعت اسهم ميركيل بصورة كبيرة منذ ترشيحها لرئاسة الحزب، فقد اظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة بيلد آم سونتاج انها تعتبر الآن الشخصية السياسية الاكثر شعبية في البلاد وانها تتفوق في ذلك على المستشار جيرهارد شرويدر، غير ان شعبية الحزب المسيحي الديمقراطي كحزب، مازالت اقل بكثير من شعبية الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة شرويدر.
وتقول مراكز استطلاع الرأي العام ان ميركيل تجمع بين عدة مزايا بصورة غير عادية، فهي تعتبر ذات مصداقية وامينة وودودة ولكنها ايضا وحسبما وصفها كلاوس بيتر شوبنر رئيس معهد امنيد المرموق لاستطلاعات الرأي، خشنة وصلبة كالمسامير .
وترفض ميركيل القول اذا ما كانت سترشح نفسها لمنصب مستشار ألمانيا في الانتخابات العامة في عام 2002، ويقرر المسؤولون في الحزب الاشتراكي الديمقراطي بأنها من الممكن ان تكون منافسا خطيرا .
|
|
|