نوافذ الحافة أميمة الخميس |
سئل المؤلف الأمريكي الذي ألف كتاب (JAWS) في عام 77 والذي تحول إلى فيلم شهير (الفك المفترس) لماذا احتوى كتابك على هذ الكم من الرعب والمشاهد التي تثير التقزز؟
فأجاب إنه على الرغم من هذا فقد لقي الفيلم والكتاب أيضا رواجا كبيرا، لأن البشر أنفسهم يسعون لمشاهدة الأفلام المرعبة والمخيفة التي تدور حول الوحوش والمخلوقات الخارقة وكيفية الصراع معها ومن ثم التغلب عليها والتي بدورها تعكس وحوشهم وغرائزهم الداخلية والكامنة عميقا في أعماق اللاوعي.
وحول نفس هذه العقدة تدور أحداث فيلم THE EDGE وهو من بطولة الممثل الانجليزي (انتوني هوبكينز) حيث تحكي قصة الفيلم حكاية مليونير أمريكي كهل متزوج من عارضة أزياء فتية وجميلة في الوقت نفسه، يجتمعون في منتجع شتوي برفقة مجموعة من الأصدقاء، حيث تحيط بهم التحذيرات من كل جانب عن وجود الدببة المتوحشة التي قد تباغتهم في أي لحظة اذا ساقتها إليهم رائحة الطعام.
ويستقل الكهل الثري هو وصديق مقرب للزوجين طائرة صغيرة في رحلة صيد قصيرة حيث تتحطم الطائرة بهما وتسقط وينجوان من الموت ولكنهما ينقطعان عن العالم وحيدين، فيتعرضان لمطاردة شرسة من قبل دب صخم متوحش.
لنجد بأن هذا الصديق يعشق زوجة الكهل الفاتنة ويتمنى موته وتقودنا تفاصيل المطاردة والصراع التي يقدمها المخرج بطريق متفوقة وجذابة إلى اكتشاف الاعماق النفسية لكل منهما وطريقة مقارعته للحياة، على حين ان هذا الكهل لديه من الخبرة والمعرفة والتجارب مايساعدهما على التخلص من الدب المتوحش في ظل ظروف طبيعية فائقة القسوة، وكل منهما يواجه وحشه الداخلي بطريقة مختلفة فعلى حين كان الكهل يخاتله ويناوره عن طريق الحيلة والذكاء وتجارب السنين, كان غريمه الشاب يقف عاجزا ومرعوبا امام الوحش الذي ليس الا غرائزه ونزعاته, والفيلم ينتهي بنهاية عادلة ترضي المشاهدين وقوانين الخير والعدالة الكونية.
واذا سلمنا بالمهمة التفريغية التي يقوم بها الفن اتجاه المكبوتات النفسية الكامنة بأعماق اللاوعي كما جاء في نظرية ارسطو فلنا ان نفهم ذلك الولع الكبير الذي يبديه صغارنا للديناصورات والمخلوقات الكارتونية البشعة والمرعبة في الوقت نفسه.
وظل الفن عبر التاريخ ينمو بشكل مواز للحياة، ليقترن بجميع أشكالها وأبعادها ليمثل حاجة اساسية ومتأصلة في النفس البشرية.
|
|
|