أعلن مؤخرا أن وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات تتجه نحو تحسين مستوى المعلمين والمعلمات من السعوديين العاملين في المدارس الأهلية، من خلال تحديد الحد الأدنى للرواتب بحيث لا يقل عن أربعة آلاف ريال، وهذا الاتجاه يعتبر خطوة في الطريق الصحيح، وبداية جادة لانصاف فئة من معلمي الأجيال وصانعي رجال المستقبل، الذين حكمت عليهم الظروف ان يعملوا في المدارس الأهلية دون ان يتساووا في المزايا والحقوق مع زملائهم في المدارس الحكومية، بمرتباتها العالية وعلاواتها السنوية وغيرها من الحوافز.
وكما هو معروف ان العمل في مهنة التدريس في المدارس الأهلية لا يستهوي الكثير من شبابنا وخريجينا وكفاءاتنا الوطنية، بسبب قلة الراتب الذي تحدده المدارس الأهلية للمعلم أو المعلمة، وعدم وجود حوافز أو مكافآت تدفعهم للمزيد من الابداع، مما حدا بالكثير منهم الى الاحجام عن مجرد التفكير في العمل في هذا القطاع التعليمي المهم، وفي كثير من الأحيان كان القبول بالعمل في هذه المدارس يأتي عملا بمبدأ شيء أفضل من لا شيء وهو مبدأ ليس عادلا في معظم الأحيان، وكان يقابله من جانب بعض المعلمين والمعلمات عدم التركيز في أداء الواجب الوظيفي، وربما عدم التفكير في تطوير الامكانيات والقدرات الذاتية، وهو أمر غير محمود العواقب في مجال مهم ومؤثر كالتعليم.
لكن الأكثر أهمية فيما أعلن عنه من قبل وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات، أنه يكشف عن توجه جيد يشكل استراتيجية واضحة وثابتة يتم تنفيذها في الطريق الصحيح، وقوام هذه الاستراتيجية هو بحث المشاكل المزمنة التي تعوق تقدم المسيرة التعليمية في بلادنا، والتعامل معها بجرأة وشجاعة من خلال قرارات تراعي مختلف الظروف والأوضاع، وتعالج أوجه القصور التي تشكو منها الساحة التعليمية، وتقدم حلولا مطلوبة لقضايا مزمنة ظلت فترات طويلة بعيدة عن دائرة الاهتمام.
ولا ريب ان هذا الاتجاه الذي أعلن عنه مؤخرا، سوف يكون له أبلغ الأثر في جذب الكفاءات الوطنية الشابة من المعلمين والمعلمات للعمل في قطاع المدارس الأهلية، لاثراء هذا المجال، والاسهام في تصحيح مسيرته، ولعل هذا ما قصده المسؤولون في وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات من وراء اصرارهم على الزام المدارس الأهلية باقتصار التدريس في تخصصات العلوم الشرعية والعلوم الاجتماعية والتربية الفنية والبدنية على السعوديين.
انها خطوة موفقة في الاتجاه الصحيح,, لكنها تفقد جدواها وفاعليتها اذا لم يتم وضع ما تتضمنه موضع التنفيذ، ومتابعة ذلك بكل الحزم والجدية، حتى لا تكون عرضة للتلاعب أو التسويف، أو يتم تنفيذها من جانب بعض أصحاب المدارس الأهلية وفق قاعدة انفاق أقل وأرباح أكثر , دون مراعاة مدى انعكاس ذلك على كفاءة العملية التعليمية,, آملين أن تتبع هذه الخطوات خطوات أخرى جريئة وشجاعة,, لازالة كل ما يعترض تقدم مسيرة التعليم في بلادنا العزيزة.
* الخبير بمكتب التربية العربي لدول الخليج