ارتبطت الأسرة السديرية بالأسرة السعودية بالصهر والنسب والولاء منذ عهود طويلة وكان أبرز العلاقة خئولتهم للملك المؤسس (عبدالعزيز) ثم لعدد من أبنائه الميامين وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك (فهد بن عبدالعزيز),.
وبرز من بينهم رجال كانوا موضع ثقة ولاة الأمر وشاركوا في مسئوليات قيادية متعددة عرفت منهم الأمير (تركي بن أحمد السديري) أمير عسير وملحقاته سابقاً ثم أمير منطقة جيزان,, وأخاه الأمير (خالد بن أحمد) الذي كان وكيلاً لأخيه تركي بعسير ثم أميراً لجيزان والخبر وتبوك ووزيراً للزراعة ثم أخيراً مشرفاً على إمارة منطقة نجران وقد قاد خلال إمارتيه في جيزان ونجران عدداً من المعارك الحربية الناجحة التي ساعدت على صيانة الحدود وتحقيق الأمن والاستقرار لأجزاء من الوطن.
والأمير (خالد السديري) تحمل المسئولية العامة منذ فجر شبابه وإلى أن أدركه الأجل المحتوم,, وهو ذلك الرجل المخلص الأمين لدينه ثم لمليكه ووطنه.
وكان محباً للعلم والأدب والتاريخ,,ويقرب كل من هو ضليع في هذه الفنون ويشجعهم مادياً ومعنوياً,, وكانت مجالسه حافلة بالمذاكرة والمساجلة والأحاديث العطرة,, وكان الشعراء يتبارزون في مجالسه الخاصة والعامة ومنها مناسبة العيدين حيث كان شعراء جيزان ومن أشهرهم (المحمدان العقيلي والسنوسي) يلقيان فوائدهما بين يديه ويفتحان الآفاق أمام شداة الأدب وفرسان القوافي,.
بل أن الأمير (خالد) كان شاعراً مجيداً بالفصحى والعامية وله ديوان مطبوع حافل بأغراض الشعر وهو من أسرة شاعرة عُرف بعض أفرادها بالفروسية والشجاعة والحزم وسداد الرأي ومنهم الأمراء (محمد وعبدالرحمن وعبدالعزيز ومساعد الأحمد) الذين شكلوا مع أخويهما الكبيرين (تركي وخالد) مجموعة متكاملة آزرت الملوك عبدالعزيز وخلفاءه في كل المهمات والمناصب التي أسندت إليهم بكل أمانة وصدق.
ولقد نالوا التقدير والمحبة من ولاة الأمر والمواطنين على حد سواء لما اتصفوا به من التواضع والمعاملة الحسنة والتواصل مع كل من عرفهم أو عمل معهم.
وأذكر على سبيل المثال أن الأمير (خالد السديري) حينما يصل مدينة (أبها) في مهمة رسمية فإنه يحرص على زيارة أصدقائه القدامى فيها بمنازلهم ويتفقد أحوالهم, ويشرب قهوتهم ويمازحهم ويتبادل معهم الأحاديث عن أجمل الذكريات ومن بينهم والدي تربطه به علاقة قديمة امتدت عشرات السنين وأكدتها الرابطة الأدبية وحب اللغة العربية وتدارسها.
ولا أنسى فجيعة الوالد بوفاة صديقه الحميم الأمير (خالد السديري) ورثائه له بقصيدة من روائع الشعر,, ثم لحاقه به إلى دار النعيم إن شاء الله تعالى خلال شهر واحد فقط جمعنا الله بهما في دار كرامته.
ولأن الأمير (خالد السديري) كان باراً بأبيه وأمه وعطوفاً على إخوته وذويه,, فقد رزقه الله تعالى بأبناء بررة في طليعتهم الأمير (فهد وأخوه الأستاذ تركي) والذين حرصوا على إحياء ذكراه والبر به بعد غيابه بتخصيص جائزة للتفوق العلمي لأبناء وبنات (منطقة نجران) التي قضى سنوات عمره الأخير مسئولاً عنها وموضع تقدير أهاليها,, واستمرت الجائزة هناك سبع سنوات تدخل الفرحة إلى العشرات من الطلبة والطالبات وتحفزهم للمزيد من العطاء والتفوق,, حتى إذا ما ترجل الفارس الأمير، فهد وأصر على طلب التقاعد وانتقل نشاطه إلى الرياض العاصمة، قرر نقل الجائزة إلى مسقط رأس والده في (الغاط) لينال أبناء وبنات (منطقة سدير) نصيبهم منها,, فالوطن واحد والرسالة مشتركة,,, وهو لم يقصرها على السعوديين سواء في نجران أو سدير بل انها تشمل المقيمين فيهما من العرب والمسلمين.
ولقد رعى هذه الجائزة في سنواتها الماضيات عدد من أصحاب السمو الأمراء تشرفت بمرافقتهم وهم حسب ترتيب المناسبات (أحمد بن عبدالعزيز ومقرن بن عبدالعزيز، وسلمان بن عبدالعزيز وسطام بن عبدالعزيز) وفي هذا العام تحظى برعاية سمو الأمير (نايف بن عبدالعزيز) وكل ذلك يدل على محبة واعزاز أولئك الأمراء الأفذاد لخالهم الحنون وتقديرهم لتاريخه الضخم في التأسيس والبناء وتثمينهم للجهد الصادق الذي يبذله الأمير (فهد بن خالد السديري) وإخوانه من أجل إحياء ذكر والدهم الجليل وهو جدير بذلك فرصيده كبير وضخم في مجالات البر والإحسان والخدمة العامة وتشجيع طلبة العلم والمبدعين في مجالات الفكر,.
وإن هذه الجائزة وهي تدلف إلى عامها العاشر وتتوج برعاية رجل الأمن الأول سمو الأمير (نايف بن عبدالعزيز) لجديرة بالتجدد والاستمرارية لينالها أكبر عدد من طلبة وطالبات العلم المتفوقين بإقليم سدير والله المسئول أن يضع حسناتها في موازين من حملت اسمه لقاء ما قدم من صالح الأعمال ووفق الله القائمين عليهاوفي مقدمتهم الأمير (فهد بن خالد) لمواصلة المسيرة المباركة في برّهم بوالدهم ومواطنيهم وما مات من خلّف ابناً صالحاً يدعو له ويحفظ ذكراه ويجدد تاريخه.
محمد بن عبدالله الحميد