أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 2nd May,2000العدد:10078الطبعةالاولـيالثلاثاء 27 ,محرم 1421

محليــات

بيننا كلمة
ما لا يباح به؟
د, ثريا العريّض
في اعقاب امسية شعرية جاء سؤال جوهري من شاعرة شعبية يافعة مازالت طالبة في الكلية وجهته لضيفة الحفل: لماذا لم نسمع شعراً موجهاً للآخر؟ وضحت بعدها أن المقصود بالآخر هو الرجل فهل المكان يفرض ذاته ويحدد ما يطرح في أرجائه؟ أم هو الجمهور المتوقع حضوره بكل خصوصيته؟ أم,, ؟
للحظات بدا أن المكان قد تكهرب,, وساد صمت مترقب قبل أن تستعيد الشاعرة عنان الوضع وترد فتعطي إجابة تنفي بها اختزال ابداعها ثم تتحاشى أن تزعج أو تثير استنكار أي من الحضور, مؤكدة أنها تأنف من الشعر الغزلي المباشر الفجاجة.
لم يكن السؤال عن الغزل الفج!! والجواب حتى وهو يتشبث بأهداب الديبلوماسية، لمسنا فيه تحت تأكيدات الالتزام بفرضيات المجتمع ووقاره بعض توجع الشاعرة مواجهة بضغوط الاذعان لهذه الفرضيات مانعة بوحها بالأجمل من شعرها وكل ما يعنيه الآخر .
السؤال الذي جاء محملا بشحنة من قساوة المنطق ومجابهة الواقع المتناقض تقابلها شحنة مناقضة من الانفعالات المقموعة، ايقظ من الحاضرات من كانت قد كاد يغلبها النوم وشد انتباه من كانت تبحث عن حقيبتها استعدادا للخروج هكذا حين جاء مباغتا هدوء القاعة المتشبع بظلال القصائد، أثارني للتفكير الجاد في الكلمة وموقعها.
الكلمة الابداعية لا القصدية ولا الإرشادية ولا الخطابية ولا الترفيهية كيف نعاملها بين حرية البوح وفرضيات المنصة؟
والكلمة العفوية المرتبطة بشجون الذات خارج إطار فرضيات المناسبة الرسمية والجمهور العام؛ لمن توجه وأين تنطلق؟, هل تضطر مرغمة للتزيي بما تفرضه المناسبة والجمهور المتلقي؟.
والكلمة المختارة بعناية لتنسجم مع إطار موقعها في منبر بعينه وموجهة في سياق بعينه لمتلق ذي خصوصية هل تمنح للابداع مداه الحر لتفصح عن كل إمكانيات المشاعر والتعبير؟.
ثم الأهم؛,, ماذا يحدث لو تمردت الكلمة وأصرت على حريتها الفطرية؟ ألا تحدث ذلك التأثير العفوي الذي بسببه تلجم الكلمات لتمنع من إحداث التغيير؟ الشعر يفرض نفسه تحت أي مؤثر ولا يتوقف ليتأكد أولا أن المؤثر الانفعالي مشرع ومقنن ومسموح به اجتماعيا قبل أن تنطلق القصيدة.
الممارس الآن أن المنصة وما تعبر عنه تلجم جانبا من الواقف على المنبر ليتكلم فلا يتكلم إلا بما يسمح به المكان والزمان وتداخلهما في جمهور بعينه ومناسبة بعينها.
وحين نخضع لفرضيات المنصة هل يتبقى لنا اي تأثير في إيقاظ وعي المجتمع ممثلا بالحضور حين يسمع شيئا يؤكد تلك المشاعر المتأججة فرديا والممنوع كشفها مجتمعياً, أفي شعراء اليوم من هو قادر على مواجهة وتغيير وجدان المجتمع القريب؟
من منا يملك تأثير كلمات بروتس عن قيصر؟ محولا الاحتفال باغتيال طاغية إلى مرثية لبطل تستجلب مناحة جماعية ؟.
ثم حين من على المنصة هي شاعرة امرأة هل تملك من القوة الروحية مالا يملكه عموم الخطباء لتفرض على الحشد أن يشمل المرأة بحق الشعور ب الآخر في غياب رابط رسمي؟

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved