أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 6th May,2000العدد:10082الطبعةالاولـيالسبت 2 ,صفر 1421

محاضرة

دراسة توثيقية
الرياض وبدايات الإعلام
د,عبدالرحمن الصالح الشبيلي
المبحث الأول:
الرياض ووسائل الاتصال - مقدمة تاريخية
بالرغم من أهمية الرياض في قلب التاريخ الديني والسياسي المعاصر، إلا أن نصيبها من وسائل الإعلام الحديثة جاء متأخراً، إذا ما قورنت مع مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة، التي شهدت بداية مبكرة للطباعة والصحافة والإذاعة.
ولاشك أن العزلة الجغرافية، والمحافظة الاجتماعية، والظروف الاقتصادية، والأوضاع الثقافية، قد تسببت إلى حد كبير في تأخير نشوء تلك الوسائل، وفي بدئها بداية محدودة، ومع ذلك، وبالرغم من تلك الظروف، إلّا أن من يستعرض ما تمّ على صعيد الإعلام، لا يكاد يصدّق نوعه وحجمه في ظل ما هو معروف من عزلة ومحافظة، وضعف في الإمكانات، وتأخر في التعليم.
ولولا توفيق الله للملك عبدالعزيز، وما منحه من البصيرة والرجاحة وبعد النظر، لما تحققت بعض وسائل الاتصال الضرورية التي مهّدت لقيام وسائل الإعلام، ولاستمرت المناطق الداخلية من هذه الجزيرة على ما كانت عليه من انغلاق.
فبينما كانت الحرب العالمية الأولى بدباباتها وطائراتها وبوارجها ومبرقاتها تدور رحاها في الشطر الشمالي من عالمنا، فإن حركة موازية يقودها عبدالعزيز ورجاله، كانت تنجز برنامجها التوحيدي والإصلاحي للم شمل هذه الجزيرة التي تعادل ثلثي أوروبا الغربية، وليس معهم إلاّ المصحف والسيف والخيمة والجمل.
وإذا ما أراد السلطان عبدالعزيز أن يبلغ رسالة أو أمراً، فإن مبعوثه يحتاج إلى أسابيع للوصول إلى هدف واحد، فكيف إذا كانت الرسالة تعميماً موجهاً إلى عدة جهات ويحتاج إلى عدد من الرسل.
أما في داخل المدن، فكان النداء في المساجد والشوارع والأسواق هو الوسيلة المتاحة لنقل البلاغات في مجتمع تعمه الأمية، وأما البادية فقد كانت في معزل عما يجري حولها من أحداث، ولولا أن هناك بعض رواة وشعراء، ورحلات للحج أو العمرة، وبعض رحلات تجاربة بسيطة (كالعقيلات)، لكانت واحات نجد في عزلة مطبقة وجهل تام بما يدور في أقرب المناطق لها من متغيرات، وهكذا كانت نجدٌ بشكل عام، والرياض من ضمنها، تخلو من كل وسائل الاتصال الحديثة حتى منتصف القرن الهجري الرابع عشر.
وبينما شهدت المدينة المنورة الكهرباء في أواخر العشرينيات الهجرية منه، وأدخلت في مكة المكرمة في منتصف الثلاثينيات، فإن الكهرباء في الرياض لم تبدأ حسبما أوضح ذلك محمد بن سعد بن جبر إلا في الأربعينيات الهجرية، عندما أضيء القصر القديم للملك عبدالعزيز من أول مولّد وضع في حوش ابن دغيمش في عام 1341ه، ومع الثقة بما ذكر إلا أنها بداية تبدو مبكرة جداً بالنسبة لما نعرفه من الأوضاع، إذ يقدّر غيره أنها بدأت في أوائل الخمسينيات، بل إن ابن جبر يؤكد أن أول سيارة جلبت إلى الرياض كانت في حدود عام 1336ه، وهي سيارة خضراء من نوع فيات جلبت من البحرين لاستخدام الإمام عبدالرحمن الفيصل رحمه الله، إلاّ أن هاتين المعلومتين بحاجة إلى مزيد من البحث والتوثيق.
وبالنسبة للاسلكي والهاتف، فقد دخلا في الحجاز مع بدء تشغيل الخط الحديدي الحجازي في عام 1328ه (1908م)، أما في الرياض فقد بدأ تشغيلهما في مطلع الخمسينيات الهجرية، كما يتضح من أم القرى.
وعرفت الطائرات في الحجاز قبل دخولها في الحكم السعودي، وأهديت عدة طائرات للملك عبدالعزيز بعد ذلك، ويذكر التاريخ أن ثلاث طائرات سقطت أثناء حصار جدة، وأن عدداً من العسكريين قد أرسلوا في بعثات تدريب على الطيران في عام 1348ه، وربما نزلت بعض الطائرات العسكرية قريباً من الرياض، وقد ذكر أن طائرات أرامكو الخفيفة كانت تنزل في صحراء نجد، كما أسست مدرسة للطيران في الحجاز، وهناك رواية تقول بأن الأميرة البريطانية أليس وزوجها اللورد أثلون قد حضرا إلى الرياض سنة 1356ه بطائرة نزلت قرب الثمامة، لكن المؤكد أن الملك عبدالعزيز استقل الطائرة من عفيف إلى جدة في 25/شوال/1364ه، وأن أول طائرة حطت في الرياض في ذي القعدة 1364ه، كما هو موثق ومعروف، (وكما أكده لي الفريق عبد العزيز الهنيدي قائد القوات الجوية).
ويرجح ثنيان فهد الثنيان للباحث أن مكبر الصوت (المايكروفون) قد استخدم في جامع الإمام تركي بن عبد الله بعد اكتمال توسعته في رمضان المبارك سنة 1371ه، أي بعد خمسة أعوام من استخدامه في الحرمين الشريفين.
أما بالنسبة لتشغيل سكة حديد الرياض الدمام، فقد بدأ في محرم عام 1371ه، في حفل رعاه جلالة الملك عبدالعزيز، كما هو موثق ومعروف أيضاً.
وأما الإذاعة والتلفزيون وتاريخ بدئهما في الرياض، فإن المباحث الآتية ستتطرق إليهما بشيء من التفصيل، لكن تشغيل أول محطة للأقمار الصناعية الفضائية لأغراض الاتصالات الهاتفية والتلكسية - البرقية - والإذاعية والتلفزيونية، بدأ في ذي الحجة سنة 1394ه في سنترال المربع بجوار مركز الملك عبد العزيز التاريخي.
أسهم دخول وسائل النقل والاتصال هذه في منتصف القرن الهجري الماضي، وكذلك افتتاح المدارس النظامية في نجد، وما رافقه من بعثات تعليمية من وإلى الخارج، في انفتاح جغرافي واجتماعي وثقافي كبير، أخرج وسط الجزيرة العربية - لأول مرة - من عزلة دامت عدة قرون، وأفسح المجال لما تشهده العاصمة اليوم من تغير وتطور، نجني ثماره في شكل مدينة عصرية متمسكة بقيمها وثوابتها.
ولابد في هذه المناسبة أن يعزى الكثير من الفضل لمناسبة الاحتفال بالذكرى المئوية العزيزة، ثم الاحتفال بإعلان الرياض عاصمة للثقافة العربية، في كشف معلومات عن التاريخ الثقافي للرياض وتوثيقها وإبرازها، لكن هذه الدراسة، توضح أن معلومات كثيرة مازالت طي الصدور والغموض، وتنتظر مزيداً من الاستكشاف والتوثيق.
***
المبحث الثاني:
الرياض ووزارة الإعلام
كانت الأخبار السياسية للعاصمة تغطى من قبل الجريدة الرسمية أم القرى ، بواسطة إدارة المطبوعات التي أسسها الملك عبدالعزيز في مكة المكرمة، بعد عامين من دخول الحجاز في الدولة السعودية أي في عام 1345ه.
كانت تلك الإدارة تعنى بالأخبار الداخلية تردها من النيابة العامة (وهو مكتب الأمير فيصل نائب الملك في الحجاز)، وتعنى بالأخبار الخارجية تصلها من الديوان الملكي، وما لبثت تلك الإدارة أن أصبحت جزءاً من مديرية الشؤون الخارجية عند إحداثها سنة 1347ه، ثم من وزارة الخارجية عند إنشائها سنة 1349ه، وقد تحول اسمها إلى قلم المطبوعات.
والذي يتتبع أم القرى من عام 1345ه وحتى سنة 1373ه، أي لمدة حوالي ثلاثة عقود، يجد أن كل البلاغات المنشورة فيها كانت صادرة في شكل أخبار من مندوب الجريدة، أو في شكل بلاغات صادرة من قلم المطبوعات، وكان يرأسه في البداية يوسف ياسين، الذي كان أول من أشرف على تحرير أم القرى.
ولما تشكلت الشعبة السياسية في الديوان الملكي سنة 1349ه وعُيّن يوسف ياسين أول رئيس لها، أصبح رشدي ملحس مسؤولاً عن أم القرى، ثم أصبح يتناوب على قلم المطبوعات موظفون باسم سكرتير، وفي كل الأحوال لم يعرف الرياض إدارة تعنى بتزويد أم القرى بالأخبار، سوى ما ذكر أي بواسطة الشعبة السياسية، كما لم يوجد للصحف السعودية الصادرة في الحجاز أي نشاط يذكر في الرياض.
إلا أنه عندما أنشئت الإذاعة، وفي عهد مديرها إبراهيم فودة صار هناك مذيع متجول يكلف بتغطية أخبار الديوان الملكي، وبقية مناطق المملكة، ولعل أول من قام بهذه المهمة هو عبدالله المنيعي - رحمه الله - الذي رافق على سبيل المثال موكب ولي العهد الأمير سعود رحمه الله في زيارة المنطقة الشرقية في جمادى الأولى سنة 1372ه، ونشرت أخبارها في جريدة أم القرى (العدد 1449 في 14/5/1372ه).
ثم خلفه في ذلك العمل بكر يونس رحمه الله الذي أمتدت فترته حتى بداية الثمانينيات الهجرية، ثم شاركه غيره في تنفيذها، وبذلك صار إعداد الأخبار يتحول تدريجياً إلى الإذاعة، قبل وصولها إلى أم القرى والصحف الأخرى.
وكذلك كان الشأن بالنسبة لرقابة المطبوعات، فبالرغم من وجود قلم المطبوعات في وزارة الخارجية مسؤولاً عن تلك المراقبة، وبالرغم من وجود نظام المطبوعات الذي صدر أول ما صدر سنة 1347ه، ثم جدد في عام 1358ه، وكان يقضي بإنشاء لجان تتولى الرقابة، وصارت تباشر أعمالها في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة إلا أنه يبدو أن حجم ما كان يرد من كتب إلى الرياض لم يكن يستدعي وجود فرع أو لجنة من هذا النوع، اللّهم باستثناء الرقابة الدينية التي كانت تتولاها لجنة من إدارة الإفتاء.
في عام 1374ه، أي بعد عام من تولي الملك سعود رحمه الله مقاليد الحكم، صدر مرسوم ملكي قضى بدمج قلم المطبوعات ومديرية الإذاعة في مديرية تحمل اسم: المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر بجدة، وأسند الإشراف عليها إلى عبدالله بلخير الذي كان سكرتيراً للملك سعود، ويشرف على شعبة الأنباء ورصد الإذاعات في الديوان الملكي، وقد اقتضى عمله التنقل بين عمله في جدة والرياض.
في عام 1377ه، كلفت تلك المديرية، عبد الله الحصيّن بإنشاء فرع لها بالرياض، شغل في البداية غرفاً مؤقته في منزل عبد الله بلخير (الواقع نهاية شارع الخزان من ناحية الغرب، وهو المكان الذي أقيمت عليه فيما بعد مدارس الرياض الأهلية)، وفي ذلك العام، وذلك المقر، تم إنشاء أول استوديو إذاعي صغير لغرض التسجيلات والمونتاج، كما سيتم إيضاحه عند الحديث عن الإذاعة.
وبعد عام واحد، تولى الإشراف على الفرع عبد الغني آشي، ثم انتقل الفرع إلى عمارة الجميح في شارع البطحاء، شغل فيها شقتين، خصصت إحداهما للإذاعة والأخرى للصحافة ورقابة المطبوعات.
في سنة 1380ه، ولعلها كانت الأولى بين صحف المنطقة الغربية، أنشأت جريدة (البلاد) مكتباً لها في شارع الثميري، وقد افتتحه الأمير فواز بن عبدالعزيز الذي تولى أمارة الرياض لمدة عام في تلك الفترة، في حفل أقيم في فندق زهرة الشرق، وكان يوسف دمنهوري مديراً لذلك الفرع، ثم ما لبث أن أصبح الدمنهوري مديراً لقسم الصحافة والمطبوعات، بينما بقي بكر يونس مندوباً متجولاً للإذاعة، واستمر عبدالغني آشي مشرفاً على فرع المديرية.
في مطلع سنة 1382ه، انتقل هذا الفرع إلى قصرين متجاورين في شارع الفرزدق، كان أحدهما لسمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز والآخر لعبد الله السعد (ثم للشربتلي)، وقد خصص أحد القصرين للإذاعة، بينما خصص الآخر للصحافة والمطبوعات التي تولى الأشراف عليها فؤاد عنقاوي خلفاً للدمنهوري.
وفي نهاية العام، عين جميل الحجيلان وزيراً للإعلام، فصار مكتبه في الرياض يشغل جانباً من المبنى المخصص للإذاعة.
وفي سنة 1386ه، انتقلت وزارة الإعلام رسمياً إلى الرياض، وشغلت لمدة ثمانية أعوام قصراً للأميرة دليّل بنت عبدالعزيز مقابل مبنى التلفزيون، ثم أنشأت مقراً دائماً لها في الشارع نفسه، أصبحت تشغله منذ عام 1394ه ويضم كل فروع الوزارة.
***
المبحث الثالث: الرياض والطباعة والنشر (والمكتبات)
ذكر حمد الجاسر في كتابه (مدينة الرياض: عبر أطوار التاريخ) أن مكتبة الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، كانت الأقدم وكانت غنية بالمخطوطات، وأن مكتبة الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ أكثر عدداً، ثم ذكر مكتبة الشيخ حمد الفارس ومكتبة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمهم الله جميعاً.
ثم يؤكد الشيخ الجاسر أن أول مكتبة خاصة فتحت للاطلاع العام، هي مكتبة الأمير مساعد بن عبد الرحمن رحمه الله التي شغلت زاوية من بيته سنة 1363ه، وعين موظفاً خاصاً يعنى بتنظيمها.
وفي سنة 1373ه افتتحت المكتبة السعودية (الحكومية)، تحت إشراف الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في مقر أنشىء لها خصيصاً على طراز معماري جميل في جوار منزله، وقد كتب حمد الجاسر في عدد أم القرى (1417) الصادر بتاريخ 20/9/1371ه (013/6/1952م) مقالاً شكر فيه اهتمام الأمير سعود بالعلم، وأثنى على أمره بإنشاء هذه المكتبة، وبعد ذلك توالى إنشاء المكتبات العامة، من قبل بلدية الرياض ووزارة المعارف وجامعة الملك سعود.
أما بالنسبة للمكتبات التجارية، فقد ذكر لي عمران بن محمد العمران أن مكتبة الطبع والنشر لحسن الشنقيطي التي تأسست عام 1358ه، ربما كانت الأقدم، ثم أتى بعدها المكتبة الأهلية لعبد المحسن أبا بطين، وقد أنشئت سنة 1364ه، ثم أسس عبدالكريم الجهيمان مكتبة الشعب عام 1370ه، وبعد عام افتتح محمد الرجيعي المكتبة الوطنية، وأنشأ محمد عبد الرؤوف المليباري المكتبة السلفية سنة 1372ه، وفي العام نفسه أسس حمد الجاسر مكتبة العرب، وفي تواريخ لاحقة تأسست مكتبات الفلاح والنصر والنهضة والنور.
وقد عنيت كل هذه المكتبات ببيع الكتب بالدرجة الأولى، ثم ببيع المطبوعات الصحفية وتوزيعها، لكن عبد الكريم الجهيمان ذكر لي أن الصحف والمجلات، لم تكن ترد بانتظام، وربما حصلوا على بعضها من فراشي الأجهزة الحكومية، الذين كانوا يبيعونها بعد الاستغناء عنها، ولابد أن بعض المثقفين كانوا يتلقون صحف الحجاز وبعض المجلات المصرية، كالهلال والمنار والرسالة بالاشتراك المباشر عن طريق البريد.
على أن من أبرز المؤسسات الرائدة التي قامت في الرياض، وعنيت ولا تزال بتوزيع الكتب والصحف والمجلات، هي مؤسسة عبد الرحمن بن محمد الجريسي، التي قامت منذ أول الثمانينيات الهجرية.
وكما تأخر ظهور الصحف في نجد، كانت وسائل الطباعة قد تأخر إنشاؤها أيضاً وتوضح مذكرات حمد الجاسر، أنه قد سعى قبيل وفاة الملك عبد العزيز رحمه الله إلى استحداث أول مطبعة في منطقة الرياض، لكن ذلك لم يتحقق إلا في 26 شعبان 1374ه (أبريل 1955م)، أي بعد عام ونصف من وفاة جلالته، وهي مطابع الرياض (شركة الطباعة والنشر الوطنية) التي أنشئت في المرقب (شرق البطحاء) من قبل الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم وحمد الجاسر وعبدالله بن عدوان ومحمد بن صالح بن سلطان ومحمد المشعل وعبد الله وثنيان فهد الثنيان وآخرين، وصارت اليمامة تطبع فيها، وقد افتتحها الأمير سلمان بن عبدالعزيز (عندما كان نائباً لأمير منطقة الرياض قبيل تعيينه أميراً لها في المرة الأولى في العام نفسه)، ثم ظهرت بعد ذلك مطابع الجزيرة في شوال 1380ه (ابريل 1960م)، وهي لا صلة لها بمجلة الجزيرة التي كانت قد صدرت قبل عام من ذلك التاريخ، وكان أول كتاب طبع في مطابع الرياض تلك، حسب إفادة عمران بن محمد العمران هو: أهداف العمران في المملكة العربية السعودية، وهو كتاب اقتصادي، كان مؤلفه - د, عمر حلّيق - يعمل ضمن الوفد السعودي في الأمم المتحدة، وقد نوهت مجلة اليمامة عن ذلك في عدديها 10 و11 الصادرين في شوال وذي القعدة 1374ه، كما ذكر ذلك د, علي جواد الطاهر في كتابه: معجم المطبوعات العربية في المملكة (ص 1012)، وتضم الرياض اليوم ما لايقل عن (200) مطبعة و(300) دار نشر تنتج حوالي (2000) كتاباً سنوياً، وذلك حسبما أفاد به مسفر بن سعد المسفر وكيل الوزارة المساعد للإعلام الداخلي.
***
المبحث الرابع:
الرياض والصحافة
لئن ظلت الرياض بدون صحافة تصدر فيها حتى نهاية عام 1372ه، فإن قليلاً من الصحف التي تصدر في الحجاز، أو ترد من مصر وسوريا والعراق والكويت وغيرها كانت تصل إلى المهتمين بقراءتها، فضلاً عن وصولها بانتظام إلى الديوان الملكي والأمراء وكبار المسؤولين، وتبين سجلات الاشتراك بصحف هذه البلدان أسماء أهل الرياض الذين كانوا يتلقونها.
وشهدت الرياض، منذ أن استقر فيها الحكم للملك عبدالعزيز رحمه الله، مجيء وفود صحفية متتالية لزيارته وإجراء تحقيقات أو مقابلات صحفية معه، وكان من أبرزها تلك المقابلة الصحفية التي أجرتها معه مجلة (لايف) الأمريكية عام 1362ه، (1943م)، حين أوفدت مراسلها نويل بوش وزميله المصور روبرت لاندري ونشرت صورته رحمه الله على غلافها.
وقد رصدت ما يقرب من عشر مقابلات صحفية أجريت مع جلالته، إلا أنني لا أستطيع القطع بما تم منها في مدينة الرياض غير ما ذكرت، كما كان فيلبي أثناء إقامته في الرياض ينقل أخبار المملكة إلى الصحافة البريطانية والهندية وإلى وكالة رويترز، وذلك من خلال الشركات التي كان يمثلها.
وقد نشرتُ في صحيفة الجزيرة مقالاً بتاريخ 22 شعبان 1420ه أشرت فيه إلى اعتقادي بأن مقابلة الملك عبدالعزيز مع جريدة الدستور البصرية العراقية عام 1331ه عقب دخوله الأحساء، ربما كانت أول مقابلة تمت مع جلالته، وصاحب الجريدة هو عبدالله الزهير: (من أهالي حريملاء المهاجرين إلى العراق)، وأجرى المقابلة إبراهيم عبدالعزيز الدامغ (من أهالي عنيزة المقيمين في العراق).
لكن الرياض تدين بالفضل لعلامتيها: حمد الجاسر وعبدالله بن خميس في دخول عالم الصحافة، فلقد أصدر الأول مع كثير من العناء صحيفة اليمامة في ذي الحجة سنة 1372ه مطبوعة في مصر، ثم انتقلت طباعتها إلى مكة المكرمة ثم إلى لبنان ثم إلى مطابع الرياض عند إنشائها عام 1374ه، وأصدر الثاني مجلة الجزيرة في ذي القعدة سنة 1379ه أي بعد سبع سنوات من صدور الأولى، وكان حمد الجاسر يطمع في أن تحمل صحيفته اسم الرياض، لولا الإشكال الذي أوضحه في مذكراته التي يروي فيها تاريخ الصحافة في نجد، ونشرها في مجلة العرب.
وفي غرة صفر 1375ه صارت اليمامة صحيفة أسبوعية، وفي جمادى الآخرة عام 1379ه صدرت جريدة القصيم لعبدالله العلي الصانع (مطبوعة في الرياض)، وقد أصدرت وزارة المعارف مجلة المعرفة في رجب 1379ه وقبلها أصدرت جامعة الملك سعود دورية لها، وفي أواخر عام 1379ه أصدر الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ مجلة راية الإسلام.
وقد اختير اسم الرياض عنواناً لمطبوعات صحفية أو لمطابع، ورصد حمد الجاسر ومحمد بن عبدالله الحمدان مالا يقل عن ثمان حالات بهذا الاسم لصحف صدرت في بغداد والقاهرة، ولعل أولها جريدة الرياض الأسبوعية التي أصدرها سليمان الدخيل (من أهالي بريدة) في بغداد سنة 1326ه، وقد أنشأ لها مطبعة باسم الرياض أيضاً، ثم كان هناك جريدة قاهرية أصدرها محمد شفيق مصطفى، (الصحفي المصري الذي ألّف كتاب في قلب نجد والحجاز سنة 1346ه)، وقد صدرت بين عامي 1349ه و1351ه وكان يصفها بأنها لسان حال النهضة الحجازية النجدية، ثم سمى المطبعة باسم الرياض أيضاً، (ويوجد لدى محمد بن عبدالله الحمدان مجموعة كبيرة من أعدادها، ضمن مكتبة قيس للصحف والمطبوعات النادرة)، كما تجدر الإشارة إلى مجلة الرياض المصورة، أول مطبوعة ملونة أصدرها أحمد عبيد في جدة في عام 1373ه.
أما اليوم، فإن الرياض تضم مالا يقل عن (85) مطبوعة صحفية ما بين حكومية وأهلية، وتظهر فيها أو تختفي أعداد من الصحف والمجلات في كل عام، وقد تأسست فيها ثلاث مؤسسات صحفية.
***
المبحث الخامس:
الرياض والإذاعة
قبل الحديث عن الإذاعة في الرياض، والتي أنشئت فيها بعد تأخير طال أمده، تجدر الإشارة إلى توثيق عدة أمور ذات صلة:
1) لم تسجل الصحف السعودية الصادرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة تاريخ بدء جلب أجهزة الراديو وانتشارها في الحجاز ونجد وبقية مناطق المملكة، وربما يعود ذلك إلى الحساسية المفرطة من الجهر باستخدامها، وأقدم مرجع عثرت عليه يوثق لبدء استيراد أجهزة الراديو، هو الخبر الذي نشرته مجلة الفتح المصرية في رمضان المبارك 1353ه بأن الراديو بدأ ينتشر في نجد، وهو العام الذي أخذت تظهر فيه بعض الإذاعات الناطقة بالعربية.
2) أن ديوان الملك عبدالعزيز رحمه الله، قد استثمر ظهور الراديو لمتابعة الأخبار والتطورات السياسية، ولاسيما مع اقتراب نشوب الحرب العالمية الثانية وأثناءها، فشكل فريقاً من عبدالعزيز المعمر وأحمد عبدالجبار وعبدالله السلطان وعبدالله البسام وعبدالعزيز الماجد وعبدالله بلخير وعلي النفيسي وغيرهم، لرصد الإذاعات من جهات عدة وتقديمها في ثلاث فترات يومية أمام الملك عبدالعزيز، وظلت وحدة الإذاعة ترافقه أينما ارتحل أو حل، فضلاً عن كونه رحمه الله يتابع بعض البرامج الدينية والأخبار والتعليقات، فيما لا يتعارض مع عمله، وكذلك فعل أبناؤه من بعده.
3) كانت الإذاعة السعودية في مكة المكرمة كما أسلفت ومنذ مطلع السبعينيات الهجرية قد عينت مندوباً لها في الرياض لتغطية أخبار الديوان الملكي ونشاط الدولة، وكان يرتبط بعبدالله بلخير، الذي كان مساعداً لرئيس ديوان ولي العهد الأمير سعود بن عبدالعزيز وسكرتيراً خاصاً له، وقد ذكر لي المهندس حسن حلمي - كما سبق ذكره - أنه أشرف على تركيب أول استوديو إذاعي صغير عام 1377ه في سكن الشيخ بلخير، ليس للبث وإنما لتسجيل الأحاديث أو إجراء المونتاج.
ولعل اهتمام عبدالله بلخير بهذا الموضوع، عبر موقعه في الديوان الملكي، ومن خلال نشاطه في رصد الأخبار، ومن خلال اهتماماته الأدبية، هو ما ساعد لاحقاً في اختياره مديراً عاماً للمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر عند إنشائها عام 1374ه، وقد روى لي أن الملك سعود رحمه الله، كان قد لاحظ ضعف تغطية الصحف السعودية لأخبار وفد المملكة برئاسة ولي العهد الأمير فيصل رحمه الله إلى مؤتمر عدم الانحياز في باندونج بإندونيسيا، فأمر بإنشاء مديرية للصحافة والنشر تعنى بهذا الأمر، وقد دمجت بها الإذاعة، التي كانت آنذاك مديرية مستقلة مرتبطة برئيس مجلس الوزراء (بعد أن كانت مرتبطة بوزارة المالية فترة من الزمن)، كما ربط بها قسم المطبوعات الذي كان يتبع وزارة الخارجية.
4) قام مواطن من أهالي بريدة، وهو عبدالله بن سليمان العويّد المعروف بطامي، بإنشاء إذاعة هواة في عمارة الأمير محمد بن سعود الكبير في شارع الملك فيصل (المسمى آنذاك شارع الوزير) وذلك في عام 1381ه، ولم تتوقف إلا بعد عامين أو أكثر عندما بدأت المرسلة الإذاعية في الرياض بالبث.
أما بالنسبة للإذاعة في الرياض، فقد بدأت على مرحلتين:
المرحلة الأولى: عندما ضجرت الحكومة من تأخر مديرية الإذاعة في فتح مرسلة في الرياض، فكلفت وزارة المالية بسرعة استيراد مرسلة جلبت أجهزتها بالطائرة (حسبما روى لي حسن المشاري وكيل الوزارة آنذاك)، وأقيمت في ظهرة الدرعية بالرياض (في المكان الذي يقع فيه قصر اليمامة حالياً) في الشهر نفسه الذي أنشئت فيه وزارة الإعلام، ذي القعدة سنة 1382ه (أبريل 1963م)، وقد افتتحها ولي العهد الأمير فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، وكانت تستقبل برامج الإذاعة السعودية وتعيد بثها إلى بقية مناطق المملكة بقوة 50 كيلووات على الموجة القصيرة، ثم عززت هذه المرسلة بمرسلة صغيرة أخرى قوتها واحد كيلووات على الموجة المتوسطة لخدمة مدينة الرياض وما جاورها.
المرحلة الثانية: عندما فصلت هذه المرسلة في غرة رمضان 1384ه، لتصبح إذاعة مستقلة للرياض، وقد اتخذت من المبنى المستأجر في شارع الفرزدق بالملز مقراً لها، حيث أقيم استوديو إذاعي لها في عام 1383ه.
ثم بعد ذلك توالى تعزيز الإذاعة بمرسلات عملاقة، وأقيم لها مبنى ضخم في شارع عمرو بن العاص، وأصبحت تبث عدة برامج وبلغات مختلفة فضلاً عن إذاعة القرآن الكريم.
***
المبحث السادس:
الرياض والتلفزيون
وقبل الدخول في موضوع التلفزيون في الرياض، تجدر الإشارة إلى بعض معلومات طريفة ذات صلة:
1) فكرت الحكومة في مطلع الثمانينيات الهجرية في إيصال بث تلفزيون أرامكو إلى الرياض، وقد أعدت المواصفات والدراسات إلا أن الفكرة لم تنفذ بسبب بعض العقبات الاجتماعية.
2) أنتجت أرامكو في عام 1375ه (1955م) أي بعد عامين من وفاة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه فيلماً وثائقياً عن فتح الرياض بعنوان (جزيرة العرب) وهو الذي يتكرر عرضه ويستفاد منه في العديد من المناسبات.
3) أن مخرجاً سينمائياً إنجليزياً أو إيطالياً اسمه (كوهارسكي) زار الملك عبدالعزيز في الرياض في عام 1369ه لإقناعه بإنتاج فيلم وثائقي عن قصة حياته وكفاحه، وقد تعثرت الفكرة عندما تبين أن القصة ستمزج الحقيقة بالخيال.
أما بالنسبة لإنشاء التلفزيون في الرياض، فقد بدأت الفكرة تأخذ حيّز التنفيذ الجاد في مطلع عام 1383ه على إثر إنشاء وزارة الإعلام أواخر العام الذي سبقه، وقد بدئ بإنشاء محطتين متماثلتين مؤقّتتين في كل من الرياض وجدة، وبدا البث فيهما يوم 19/3/1385ه (17/7/1965م)، ثم بعد ذلك أقيم مركز دائم في الموقع نفسه على شارع عمرو بن العاص، (الذي غلبت عليه تسمية التلفزيون)، وافتتح المقر الجديد في عام 1402ه (1982م).
***
المبحث السابع:
الرياض ووكالة الأنباء السعودية
لن نتوقف طويلاً أمام هذا الموضوع لسببين: أولاً لأنه موضوع حديث نسبياً، فهو ما يزال في ذهن الكثير من الناس، وثانياً لأنه موضوع لم يكن له خلفيات أو مقدمات، تخفى على القارئ أو المستمع.
ما يمكن قوله بإيجاز: إن وزارة الإعلام كانت تشعر بالحاجة إلى آليّة تتولى جمع الأخبار الرسمية وتوزيعها، فالأخبار كما سبق شرحه، كانت عملية مشتتة بين الإذاعة والصحف والتلفزيون، تحتاج إلى جهة مركزية واحدة تتولى البحث عنها وجمعها ومراقبتها وتوزيعها.
وقد بادر وزير الإعلام: الشيخ إبراهيم العنقري فور تعيينه، بالعرض عن الفكرة على الملك فيصل رحمه الله وتمت الموافقة عليها بتاريخ 8/11/1390ه (4/12/1970م).
***
المبحث الثامن:
الرياض والقطاع الخاص في الإعلام
يدخل في حقل الإعلام نشاط كثير، مما يقوم به القطاع الخاص، بدءاً من محلات الخط والرسم والتصوير (التي ترخص لها وزارة الإعلام بموجب نظام المطبوعات)، مروراً بمحلات تأجير الأفلام والأشرطة السمعية والبصرية وبيعها ونسخها، وباستوديوهات الإنتاج، وانتهاءً بالشركات الإعلامية العملاقة مثل: تهامة ومجموعة دلة والشركة السعودية لللأبحاث وغيرها.
فالحديث عن نشاط القطاع الخاص طويل جداً، يستحق أن تفرد له أمسية خاصة، لكنني أكتفي في هذا الحيز المحدود بالتوقف عند عينة من أبرز أصناف هذا النشاط في مدينة الرياض، مما أصبح له تاثير داخلي أو عالمي كبير:
الصنف الأول: دُور إعلام ونشر صغيرة، كتلك التي أسسها عبدالله الماجد وصالح الصويان وعبدالله العوهلي وعلي الشدي، وكان من أبرزها في تقديري وكالة نبراس للإعلام التي أسسها محمد العجيان في عام 1400ه وأصدرت جريدة (العصر) من قبرص.
الصنف الثاني: دُور إعلام وإعلان ونشر وتسويق برؤوس أموال كبيرة، ومن أبرزها شركة تهامة التي تأسست في جدة وأصبح لها نشاط إعلامي معروف في الرياض منذ عام 1394ه.
الصنف الثالث: شركات توزيع صحفي، كان من أقواها الشركة الوطنية للتوزيع التي تأسست في عام 1406ه (1985م)، من مجموعة المؤسسات الصحفية بالإضافة إلى تهامة.
الصنف الرابع: مجموعات إنتاج إعلامي عملاقة، ذات تخصصات متنوعة، ومن أبرزها مجموعة الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، التي أصبحت قبل أشهر شركة مساهمة براس مال قدره 600 مليون ريال، وتمتلك عدة شركات في مختلف فنون العمل الصحفي، تحريراً وإنتاجاً وتوزيعاً، وتصدر حوالي 17 مطبوعة صحيفة في الداخل والخارج.
ويدخل في هذه الصنف، مجموعة آرا (التي تمتلك المحطة التلفزيونية والإذاعية إم,بي,سي) ومجموعة أوربيت ومجموعة الحياة ومجموعة الشركة العربية للإعلام التابعة لصالح كامل وشركاه.
الصنف الخامس: شبكات نظم المعلومات وخدمات الإنترنت وهي بالعشرات.
وبعد:
فالموضوع أوسع من أن يلخص في ساعة، ولذلك تم الاقتصار على أبرز محطاته، مع التركيز على الجانب التاريخي منها، واختزال أمور هي أقرب إلى التعليم أو الثقافة، وإلا فإن كلاماً طويلاً يمكن أن يقال عن دور (رياض) عهد الملك عبدالعزيز في نشر الكتب, وفي تشجيع المؤلفين، وعن كتب إعلامية وتاريخية ووثائقية وكتب رحلات دوّنت في الرياض أو عن الرياض مما له صلة بالإعلام، وقد أحصى محمد بن عبدالله الحمدان الكتب الوثائقية التي حملت اسم الرياض، وأعطى فكرة عنها في مقال تنشره دورية (الرياض) التي تصدرها أمانة مدينة الرياض.
وكلام طويل آخر يمكن أن يقال عن الرياض والمجلس الأعلى للإعلام، وعن الرياض وأول قسم للإعلام في الجامعات السعودية.
والرياض اليوم، تنتج وتطبع وتشع وتستقبل وترسل وتصور وتبث وتعرض وتحتضن أنواعاً من المعارض والمهرجانات ووسائل الإعلام الأجنبية والقنوات الفضائية والوفود الصحفية والمؤتمرات والندوات والدراسات الإعلامية والمؤسسات الصحفية والإصدارات الخاصة والعامة ومراكز الطبعات المتزامنة، لكن المقام يستدعي الاختصار، فأكتفي بما أوردت وأعتذر عن القصور، والسلام عليكم.
* ألقيت هذه المحاضرة في صالون د, محمد بن سعد بن حسين الأدبي بالرياض مساء27/1/1421ه.
أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved