أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 8th May,2000العدد:10084الطبعةالاولـيالأثنين 4 ,صفر 1421

محليــات

عبدالعزيز الثنيان
لا أدعي أنني كنت صديقا شخصيا للأمير عبدالعزيز الثنيان - رحمه الله - أو أنه كان بيننا أي علاقة مميزة سوى علاقة العمل الرسمية, لذا فلست هنا لسرد تاريخ الرجل أو سيرته فهو أشهر من أن أقوم بتعريفه، كما أن هناك من هم اقدر مني للكتابة عن ذلك الجانب من حياة الفقيد رحمه الله, ولكنني عرفت الرجل وترك لدي أثرا كبيرا وانطباعا ايجابيا في طريقة تعامله مع العاملين معه واسلوب ادارته وحسن خلقه وقلبه الكبير الذي كان يتسع لكل صغيرة وكبيرة من قضايا وزارة الخارجية وممثليات خادم الحرمين الشريفين المتعددة في الخارج.
وقد كانت المرة الاولى التي عرفت فيها الامير عبدالعزيز او معالي الشيخ كما كان يدعوه موظفو وزارة الخارجية، كانت المرة الاولى التي عرفته فيها هي خلال مؤتمر القمة الاسلامي الثالث الذي استضافته المملكة في مكة المكرمة عام 1401ه/1981ه حيث كنت وكيلا مساعدا لوزارة الاعلام للإعلام الخارجي، وكلفت بالإشراف على الصحافة ووسائل الاعلام العالمية التي حضرت لتغطية المؤتمر وكان من ضمن اختصاصاتي ترتيب المؤتمرات الصحفية التي كان يعقدها صاحب السمو الملكي وزير الخارجية، فنشأ بيننا قدر من الود والتفاهم حيث كان لسمو الامير عبدالعزيز الثنيان اكبر الاثر في تسهيل نجاح مهمتي على الوجه المطلوب, ثم انتقلت عام 1406ه الى وزارة الخارجية حيث كان سموه الرجل الاول في الوزارة بعد وزيرها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل حيث كان وكيلا للوزارة آنذاك, وعندما كلفني سمو وزير الخارجية برئاسة الادارة الاعلامية في وزارة الخارجية وجدت من الامير عبدالعزيز الثنيان كل دعم ومساندة في مهمتي الجديدة.
ولعل ما يقفز الى ذاكرتي في هذا الشأن من بين مختلف الاحداث والمناسبات هو موقفه رحمه الله في مناسبتين مختلفتين تستحقان مني الحديث عنهما فهما يدلان على المعدن الاصيل الذي كان يتمتع به الرجل, فقد كلفت من قبل سمو الوزير باعداد خطة للادارة الاعلامية بوزارة الخارجية فعكفت نحو شهر تقريبا في اعداد الخطة المطلوبة بلغ حجمها حوالي 150 صفحة بالتفصيل الممل, وقد احالها سمو الوزير للأمير عبدالعزيز لدراستها وعقد لذلك اجتماعات متعددة حضر فيها بعض الزملاء في الوزارة واستقر الامر علىان هذه الخطة كبيرة الحجم وانه من المناسب تقليص حجمها , وقد ذهب بعض الزملاء الى التندر على تلك الخطة الى درجة القول بأنني كنت اسعى من خلالها الى انشاء وكالة وزارة للشئون الاعلامية في وزارة الخارجية! وقد عكفت على تقليص الخطة حتى انتهت الى 25 صفحة كما اذكر غير ان الرأي استقر مرة اخرى على ان الخطة المعدلة اصبحت صغيرة ومن المستحسن ان يتم تكبيرها بعض الشيء, وقد كان ان ابديت ضيقي من تكرر الاجتماعات وتعدد الملاحظات بطريقة رأى بعض الزملاء عدم مناسبتها!لذا وبعد انتهاء الاجتماع وانفرادي مع سموه اعتذرت له، فكان رأيه - رحمه الله - انه على العكس لم يجد في ما قلته ما اعتذر عنه وقال ما معناه ان من حقك عرض رأيك بالحماس الذي تراه مناسبا للتأكيد على ما تود تأكيده، لذا فلم ألاحظ ما لاحظه الزملاء من حدة او حماس في غير محله!؟ فكان موقفا ادركت معه مدى ما يتمتع به سمو الامير عبدالعزيز الثنيان من خلق رفيع وتقبل للرأي الاخر دون اي حساسية حتى ولو كان لا يتفق مع رأيه.
اما المناسبة الثانية فكانت في اللجنة التنفيذية التي كوّنها سمو وزير الخارجية برئاسة سموه وعضوية وكلاء الوزارة ورؤساء الادارات المعنية وبعض السفراء في الوزارة لعرض ومناقشة كل ما يختص بالقضايا سواء الادارية او السياسية لكي يخرج برأي جماعي مدروس للتعامل معها, وقد فوجئت يومئذ بسمو الوزير يطلب مني عرض خطة ادارتي بعد شهور من اعدادي لها وبعد ان تم مناقشتها واقرارها مبدئيا من سمو الامير عبدالعزيز وقد كنت حسبت انها وضعت في طي النسيان, لذا اذكر انني كنت اعرض لبعض اجزاء الخطة عندما فاجأني سمو الوزير بسؤال عن موضوع لم تسعفني الذاكرة بالاجابة عنه، فاذا بسمو الامير الثنيان يذكرني به ويشرح لسمو الوزير وللمجتمعين انه سبق لي وناقشته معه فكان ان انطلقت في شرح الموضوع بعد ان كان قد استعصى علي استرجاعه في حينه, وهو ما يدل على متابعته الحثيثة لكل قضايا وشؤون الوزارة ومدى ما كان يتمتع به من ذاكرة متيقظة للتفصيلات رغم مسؤولياته الواسعة والكبيرة.
هذا غيض من فيض لبعض ما كان خلال سنوات حظيت فيها بالعمل مع سمو الامير عبدالعزيز بن سليمان الثنيان قبل ان انتقل للعمل خارج ديوان الوزارة وقبل ان يعين سموه سفيرا لخادم الحرمين الشريفين في اسبانيا, لقد اتفق جميع من يعرفه - رحمه الله - بانه رجل اخلاق وتعامل ورجل امانة ونزاهة ورجل كلمة وموقف, وقد احسن الاستاذ محمد بن عبدالله البابطين الذي عمل معه وكيلا منتدبا لامين مدينة الرياض في سرد مناقبه وصفاته فقد كان بحق كما وصفه: دقيق ورفيع في تعامله واخلاقه لا يجرح في التوجيه، قدوة فيما يريد من زملائه، يتحمل في داخله اعباء ومشاكل العمل، مخلص لربه ومليكه ووطنه لدرجة كبيرة يجعلنا نحن زملاءه نستصغر اي عمل نقوم به, ويشحذ هممنا للعطاء والانتاج هادىء في قراره وذو نظرة بعيدة وهي صفات واكبته في كل مكان عمل فيه وفي كل مركز شغله.
نسأل الله ان يتغمده الله بواسع رحمته ومغفرته ويدخله فسيح جنته, وان يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
د, عبدالعزيز حسين الصويغ

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved