أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 10th May,2000العدد:10086الطبعةالاولـيالاربعاء 6 ,صفر 1421

مقـالات

منعطفات
إلى سمو الأمير,, مع التحية!
د, فهد سعود اليحيا
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل من المناسب مخاطبتكم بشأن حوادث السير ومشاكل المرور؟ أعني هل تدخل ضمن اختصاصكم الوظيفي؟,, في يقيني نعم يا سيدي, ذلك أن الأمن النفسي والجسدي والمادي للمواطن والمقيم جزء من الأمن بمفهومه العام, ولاسيما ان وزارة الداخلية تتبنى هذا المفهوم اذ اتبعت منذ ما يزيد على سنتين مبدأ الأمن الشامل, وقد سعدت تماما بقراءة تصريح سموكم منذ أسابيع قليلة عن توجيهات صاحب السمو الملكي وزير الداخلية لتطبيق نظام المرور الجديد وحث مسؤولي المرور على الاهتمام به, وأتمنى من كل قلبي أن تكون تلك التوجيهات مقرونة بآليات تتخطى الروتين والكسل الوظيفي وان تفتح المجال لحلول خلاقة لوضع حد لرعونة السواقة، والاستخفاف بالأنظمة، وتدفع بطريق تقليص العمل المكتبي لرجال المرور, كل ذلك لصون الدماء ألا تهدر والأجساد ألا تهشم بحوادث مرورية تترى كحبات السبحة المنفرطة, ومنذ أسبوعين يا سمو الأمير تهشمت سيارة جيمس في حادث مرعب شمل ثلاث سيارات بجوار السور الغربي للقاعدة الجوية وتحولت الى قطعة من الصفيح.
المشكلة في نظري أننا ننظر الى المرور كجزئية منفصلة عن السياق العام, فالتركيز إذا حدث يكون على السيارات المسرعة، أو تلك التي تتجاوز الاشارة الحمراء، ولكن وقوف السيارات العشوائي والمغلوط قلما يتم الالتفات اليه بينما تتسبب تلك السيارات الواقفة في حجب الرؤية السليمة وتزحم الشوارع مقدمة أرضا خصبة للحوادث.
ليس هذا فحسب، يا سيدي، ولكننا لن نستطيع أن نلقي باللوم على السائقين أو نطبق الأنظمة بدقة وحزم ما لم ير المواطن رأي العين أن حقوقه في الطريق مكفولة ومصونة، فان لم يحدث هذا فإن ما سيستقر في وجدانه هو يا رجال ما عندك أحد .
أقول هذا لموقفين عاصرتهما في نهاية الاسبوع الماضي وليسمح لي سموكم الكريم بأن أقول، قبل أن أبدأ، بأني كتبت مقالة منذ سنة أو نحوها عن توقعاتي عما ستكون عليه حالة السير في طريق الملك عبدالعزيز في مدينة الرياض وخصوصا عند التقاطع مع طريق الأمير عبدالله, كما كتبت قبل عيد الأضحى مباشرة عن العقلية التي تحكمنا فتسير ردود أفعالنا وتجعلنا نبحث عن اصعب الحلول لأبسط المشاكل، أقول هذا لأن ما عاصرته ذكرني بهما في تزاوج رائع.
صباح الخميس الماضي كانت هناك اصلاحات في الطرف الجنوبي لطريق الملك عبدالعزيز عند التقاطع مع طريق الأمير عبدالله, كانت الاصلاحات قرب الرصيف الأوسط الجزيرة للاتجاه جنوبا, وحسب التعليمات وضع المقاول أعمدة معدنية متصلة بشريط ملون في المسار ليحدد المسار الذي تجري فيه الاصلاحات وتبعد السيارات عنه, وبدلا من أن تبدأ هذه العلامات من مسافة كافية عن موقع الاصلاح وأن تكون مصفوفة بشكل مائل بالورب لتترك للسيارات فرصة الانتقال لمسار آخر بسهولة ويسر، ظهرت هذه العلامات فجأة وعلى بعد عشرة أمتار تقريبا من الموقع!
لعل المقاول وبالترتيب مع المسؤولين قام بالعمل صباح الخميس حيث حركة السير أخف وطأة, ولكن يبدو لي ان المقاول لم يكترث بالقيام بالمطلوب لعلمه أنه يوم اجازة وبالتالي نام الرقيب واختفى الحسيب.
بيد أن ما حدث، عصرا كان أنكى وأمر, في ذلك الوقت كان العمل على الجانب الغربي من الاتجاه جنوبا ويبدأ من امام مجمع صحارى التجاري, وأدى ذلك الى اغلاق طريق الخدمة المؤدي الى طريق الأمير عبدالله, كما أغلق نصف طريق الأمير عبدالله, والمصيبة أن مخرج طريق الخدمة الى طريق الملك عبدالعزيز كان مفتوحا مما ضاعف الأزمة, وانتظر الناس طويلا تحت رحمة اشارة المرور تتبدل ألوانها ولا يتحركون قيد أنملة.
والله وبالله أمضيت 45 دقيقة كاملة ولعل من كانوا ورائي أمضوا أكثر من هذا الوقت لكي أعبر هذا التقاطع، من الرابعة والنصف الى الخامسة والربع 45 دقيقة ! الله كم كانت كافية لأن أصل من هندون سنترال في شمال غربي لندن حيث سكني الى كمبرويل جرين في جنوبها الشرقي مخترقا وسطها في مسار طوله 18كيلومترا, 45 دقيقة كانت كافية وسط زحام لندن الشهير, وبهذه المناسبة أود أن أذكر أمرين أحدهما ان زحام لندن سببه كثافة السكان وعدد السيارات وضيق الشوارع، وكان المرء يقف في الصف بينما تضيء الاشارة الخضراء وتطفىء ثلاث مرات دون ضجر أو تأفف لأنه يعلم أن هذا هو النظام لمصلحة الجميع, بينما زحام شوارعنا سببه الفوضى والرعونة وقلة الدبرة .
أما الأمر الثاني يا سمو الأمير فقد حدث مرة أن أضربت المواصلات العامة في لندن، وفي طريق عودتي كان الزحام على أشده وتحولت ال45 دقيقة الى ساعتين، ولكني والله على ما أقول شهيد لم أر من يتجاوز الاشارة الحمراء إلا مرة واحدة.
لمصلحة من هذا التأخير وهذه العطلة؟ لا أحد ولكن ضد مصلحة الوطن والمواطنين, كانت السيارات ملأى بمن يذهبون الى اعمالهم من موظفي القطاع الخاص وكانت العائلات ذاهبة الى الأسواق، مكان الفسحة الوحيد في الرياض بعد بر الثمامة، وتخيلت سيارة اسعاف بها جريح ينزف، أو سيارة مطافىء متجهة الى حريق مشتعل، أو سيارة شرطة منطلقة الى حدث مهم، ووجدت نفسها معلقة وسط طريق لا يسمح لها بالتحرك في أي اتجاه كما كان الحال هناك, ستكون كارثة وربما يوافقني سموكم على ذلك.
كان الحال تزاوجاً مدهشاً بين العقلية التي تخطط للشوارع والطرق والعقلية التي تتصرف في المواقف الطارئة, وكان بالامكان تجاوز كل هذا يا سيدي بخطوات بسيطة:
1 وضع اشعار واضح قبل بدء العمل بأسبوع ليعرف عنه معتادو سلوك ذلك الطريق فيبحثوا عن طريق بديل.
2 سد مخرج طريق الخدمة كي لا يقذف بمزيد من السيارات الى الطريق المختصر الى نصفه.
3 سد طريق الخدمة بعد آخر منفذ جانبي مباشرة لئلا تنحصر السيارات هناك.
4 التنسيق مع ادارة المجمع لضمان تعاون جيد بدلا من لوم المسؤولين وضرب كفٍ بكف وهم يرون السيارات تقوم بمناورات بهلوانية في مواقف المجمع.
5 تكليف ادارة المرور بمتابعة الموقف والتأكد من سلاسة السير, فلم أر في وقوفي الطويل أي سيارة من سيارات الأمن الشامل.
لن أطيل عليكم سمو الأمير، فقط أقترح وضع خط هاتفي ساخن في المرور أو الشرطة ليتصل بها المواطن مبلغا عن أي موقف من هذه المواقف الساخرة المبكية فيحضر مندوب منها ويوافي سموكم بتقرير مفصل فلعلي بالغت من موقف واحد, والله يحفظكم.
fahads@suhuf.net.s

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved