أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 10th May,2000العدد:10086الطبعةالاولـيالاربعاء 6 ,صفر 1421

محليــات

منظمة حقوق الإنسان ومستنقع المسافة بين الضمير وعين الرضا!
تدعي منظمة حقوق الإنسان واهمة امتلاك مبادىء تقطر حضارة وعدلا ورقيا وإنسانية، بل وتنظر خاطئة إلى تلك المبادىء المزعومة على أنها خلاصة التجربة الانسانية تاريخيا, ولذا فليس من المستغرب إصرار تلك المنظمة بكل صفاقة على أنها ذات نهج إنساني (فريد من نوعه!) يعتمد الموضوعية، والمساواة، والعقلانية، واحترام عقائد وثقافات الشعوب,, ولكن هيهات هيهات، فسرعان ما يتجلى زيف مزاعمها تلك بمجرد نشرها ماتسمية عبثا بتقرير حقوق الانسان الأمر الذي تترسخ من جرائه، يوما إثر يوم، دلائل وبراهين حقيقة كون تلك المنظمة (أداة) مسيسة ومسخرة لخدمة اهداف ضيقة محتكرة من قبل (أقوياء) عصرنا هذا، حالها في ذلك حال أخواتها (بالابتزاز والانتهازية) من المنظمات الغربية المشبوهة الرسمية وغير الرسمية, حسنا، ألا ترون في الفجوة القابعة بين ادعاء تلك المنظمة للموضوعية ومنهجيتها في الانتقاء أبلغ دليل على عدم موضوعيتها, خصوصا في ظل جهل أو تجاهل القائمين عليها لأبسط شروط الموضوعية (الثقافية) والمتمثلة في وجوب الالتزام بمنهج مايعرف ب(نسبية الثقافات Cultural Relatvivty) وهو المنهج الذي يرى في الحكم على ثقافة ما ولتكن الثقافة الإسلامية مثلا من خلال استخدام معايير ثقافة اخرى مغايرة كالثقافة الغربية مثلبة منهجية بل ونقيصة ذاتية مرفوضة؟!
بل ما رأيكم في فضيلة (المساواة) المزعومة هي الأخرى؟,, أنى للمساواة ان تتحقق على يد منظمة ديدنها التلون، ووسيلتها امتطاء صهوة إعلام موجه وخادع، وهدفها انتقاء ما يناسب أهداف منظريها ومموليها من خلال ذر الرماد في العيون، وخلط الغث بالسمين، وذرف دموع التماسيح، وذلك من أجل إضفاء المزيد من المصداقية على ميكافيليتها البعيدة كل البعد عن الصدق والمصداقية, أين هي المساواة في مواقف المنظمة المهينة تجاه وعلى سبيل المثال المجازر الدموية المرتكبة من قبل مجرمي الروس ضد الضحايا الشيشان الأبرياء,, بل ماذا عن (أبواقها) الصامتة صمت المقابر تجاه وحشية تكنولوجيا الموت والدمار الصهيونية الغاشمة المسلطة على رؤوس الأبرياء اللبنانيين من الأطفال والنساء والمرضى والعجزة؟!,, بل ماذا عن رفض تلك المنظمة المتواصل بكل وقاحة تبني قضية الشيخ أحمد ياسين مؤسس منظمة حماس وذلك طوال السنوات التي قضاها في غياهب سجون دولة بني صهيون، هذا على الرغم من كبر سنه، ووهنه، ومرضه، ووضعه الانساني المؤلم المتمثل بإعاقته التامة,,؟ بل ماذا عن صمتهم المطبق حيال ما يجري في الغرب نفسه من ظواهر ظلم وقتل واستغلال للضعفاء من الأقليات غير البيضاء؟,, ماذا فعلت تلك المنظمة حيال فضيحة قيام وكالة الاستخبارات الامريكية في منتصف الثمانينيات الميلادية بتوفير الاسلحة الفتاكة، وتوزيع الإبر الملوثة بالإيدز وتسهيل عملية الحصول على المخدرات المدمرة وذلك بين أوساط شباب اقليات المجتمع الامريكي وخصوصا الافارقة الامريكيين والقاطنين آنذاك في ولاية كاليفورنيا إلى الدرجة التي على إثرها أصبح من المتوقع (علميا) إمكانية انقراض أعداد كبيرة من فئة الشباب الافارقة في المنظور القريب؟
بل ما رأي تلك المنظمة في حاكم ولاية تكساس الحالي والساعي الى منصب الرئاسة الامريكية: (جورج بوش الابن) صاحب الريادة في التنفيذ الصارم، والعاجل لعقوبة الاعدام التي تمخضت وحتى الآن عن إعدام ما يفوق المائتي رجل وامرأة في غضون خمس سنوات وفي ولاية واحدة فقط؟ هل رأت تلك المنظمة في عمليات الإعدام تلك ديكتاورية في النظام السياسي الامريكي,, هل هبت إلى عقد مؤتمرات إدانة واستنكار,, هل سعت إلى فرض عقوبات اقتصادية على امريكا,, بل هل اعتبرت أحكام الإعدام تلك شرخا ومثلبة في الثقافة الامريكية أو في الديانة المسيحية، قياسا على ماتبادر دائما بتبنيه من حملات إعلامية ظالمة، وتشويه، وتحريض ضد كل ما هو ذو صلة بالعقيدة الاسلامية السمحاء وثقافتها الربانية؟
أما عقلانية تلك المنظمة غير العاقلة حقا فالحديث عنها، في الحقيقة ذو شجون تزخر بالزور والبهتان والسذاجة والسطحية,, وأبلغ دليل على ذلك ما أثارته تلك المنظمة في الآونة الاخيرة من تقولات وتخرصات لا أساس لها مفادها سوء معاملة السعوديين لضيوفهم من العمال الاجانب! ومع ذلك دعونا نفترض جدلا بأن العمال الاجانب في المملكة يعانون فعلا من الاضطهاد وبخس الحقوق والاستغلال، كما تزعم المنظمة ولكن هل لدى القائمين على المنظمة القدرة على فهم ابعاد (استماتة) هؤلاء العمال وبذلهم الجهد الجهيد من أجل المكوث في المملكة، إلى درجة اضطرار البعض منهم - كما تشهد الوقائع السارية الآن - إلى مخالفة الانظمة والاختفاء عن الانظار؟,, هل من المعقول (عقلانيا) إصرار أناس ممن قد سامهم الظلم والاضطهاد وكما تدعي المنظمة على البقاء والاستمرار في العمل تحت إمرة ظالميهم ومضطهديهم,,؟! بالمناسبة وبما أن مفهوم حقوق الانسان مفهوم شامل لا يحتمل التجزئة او الانتقائية, فلماذا إذن، تواصل المنظمة سياسية الصمت المخزي عما يجري على مدار الساعة على حدود الولايات المتحدة المتاخمة للمكسيك من ناحية الجنوب، ومثلها ما يجري على حدود ولاية كاليفورنيا مع المكسيك كذلك,, ماذا عن ظواهر انتهاك حرس الحدود الامريكيين الفاضح لحقوق المعدمين من العمال المكسيكيين الطامعين في الحصول على اي عمل هناك ولو مقابل (سد الرمق!) فقط، وهو انتهاك يتراوح بين التعذيب والاغتصاب بل القتل، كما هو موثق بسجلات بعض منظمات الحقوق المدنية التي تعنى بوضع الاقليات في المجتمع الامريكي؟,, ماذا عن حقوق البيئة وما هي ردود فعل القائمين على تلك المنظمة تجاه الامتهان الواضح من قبل الدول الغربية لحقوق البيئة والجلي في مواصلتهم دفن نفاياتهم النووية المشعة في ارجاء هذا الكوكب، خصوصا في دول العالم الثالث,, ماهي الجهود المبذولة من قبل المنظمة في سبيل احقاق حقوق ضحايا التلوث البيئي من البشر، والحيوان والنبات، والجماد؟
لم تصاب المنظمة بالبكم المؤقت إزاء حرمان المسلمات القاطنات في الغرب من حق (التعليم) لمجرد ارتدائهن الحجاب؟ وهو أمر يكررر نفسه وكما تثبته الوقائع التي لاتفتأ تطفو على السطح من آن إلى آخر في العديد من مدارس وجامعات اوروبا تحت غطاء ذرائع وحجج واهية من قبيل فصل الدين عن الدولة، والحفاظ على المبادىء العلمانية، هذا في الوقت الذي تتداخل وتتشابك معالم علمانيتهم مع عقائدهم المسيحية وبشكل لا مراء فيه، اقربها الى الذهن لطرافته تطريز عملاتهم ونقودهم الرسمية بالعديد من العبارات والابتهالات ذات الابعاد الدينية؟,, حسنا أين المنظمة من ازدواجية سمجة ظالمة كتلك؟,, وما هو الفرق بين ارتداء المسلمات للحجاب وتطريز العملة (الرسمية) بالعبارات الدينية، ولماذا اعتبر الحجاب منافيا للعلمانية مقارنة بما طرزت به العملات؟,, بل ما هي مبررات الحرية الممنوحة غصبا وخوفا ووجلا لليهود باعتمار (القلنسوة) في اي مكان وزمان رغم ابعادها الدينية في الوقت الذي وكما ذكرت آنفا تحرم المتحجبة من التعليم عقابا لها على تحجبها!,, بل تخيل ردة فعل تلك المنظمة فيما لو واجه اليهود في الغرب غيضا من فيض ما يعانيه المسلمون هناك,,؟!
بالمناسبة ما هي المعايير العامة التي بموجبها تحرك تلك المنظمة (الساكن) من ابواق الوسائل الاعلامية الموجهة ضد قضايا ومجتمعات وثقافات معينة، في نفس الوقت ما هي معايير (غض النظر والصمت) تجاه قضايا انسانية لا يختلف على ابعادها الانسانية اثنان؟ بمعنى آخر: هل معايير حقوق الانسان لدى تلك المنظمة ذات مكيالين,, وهل حقا ان الحقوق، واهميتها (تقرر) من قبل أناس يحتلون الدهاليز الخلفية والاروقة السرية لتلك المنظمة على الرغم من أنهم هم (ذوو السلطة المطلقة!) كالممولين، ومهندسي الأفكار، ومن حذا حذوهم من ذوي العقول التآمرية، والحقد الحضاري الأعمى!
,, ختاما، أتحدى قيام تلك المنظمة المعفاة من الضرائب بالكشف عن مواردها ومصادر تمويلها تحت أي ظرف من الظروف,, لماذا؟!,, المنظمة (أبخص!)
د/ فارس الغزي

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved