|
| محليــات
* مكة المكرمة احمد الحربي
ألقى معالي وزير العدل الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ يوم امس محاضرة بعنوان تطبيق الحدود الشرعية ضمان لحقوق الانسان وذلك بمقر الامانة العامة برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، قال فيها:
ان اهم مواضيع الساعة التي تشغل بال الغيورين على دينهم وما يثار من شبه حول تطبيق الحدود الشرعية التي شرعها الله ضمانا لحقوق الانسان وكلنا يعلم ان من يثير تلك الشبه هم اعداء الله واعداء الدين واعداء الانسانية جميعا ممن ألهب الحقد قلوبهم وضللوا كثيراً من الناس بما يبثونه من اراجيف ومغالطات عبر وسائل الاعلام المختلفة التي اصبحت تسيّر العالم ويتلقي كثير من الناس على مختلف مستوياتهم كل ما تبثه من غش او سُم دون تفريق ولا تمحيص بين ماهو لصالح الامة او لافسادها حتى انطلت مع الاسف تلك المغالطات على كثير من الناس بما فيهم بعض المسلمين.
وأضاف معاليه قائلاً: لو أردنا ان نسترسل في عرض اساليب هؤلاء المضللين وأتباعهم لطال بنا الوقت وان هناك تعريفا اوليا للحدود وعداً لبعضها فالحدود هي جمع حد وهي في اللغة المنع وفي الاصطلاح عقوبة مقدرة شرعاً في معصية لتمنع الوقوع في مثلها.
والحدود هي حد الزنا وهو وطء وقع بغير نكاح صحيح ولا شبيه النكاح ولا ملك اليمين, وحد القذف وهو الرمي بالزنا واللواط، وحد المسكر هو السكر واختلاط العقل، وحد السرقة هو السرقة اخذ مال معصوم على وجه الاختفاء من حرز لاحق للسارق فيه وحد قطع الطريق الحرابة وقطاع الطريق هم الذين يتعرضون للناس بالسلاح ويأخذون المال وقد يقتلونهم وحد الرّدة والمرتد هو الذي يكفر بعد اسلامه ويعود بعد استتابته وحد البغي وهم القوم الذين يخرجون على جماعة المسلمين ويكون لهم شوكة ومنعة بعد ان يدعون ويبين لهم.
وأشار معاليه بأن الحديث عن الضمان الذي يحققه تطبيق الحدود لحقوق الانسان امر لدى المسلم وعلى وجه الخصوص في هذه البلاد امر مدرك وذلك لأن اقامة الحدود ردع لمن ضعفت نفسه ووقع في المعصية عن العودة اليها مرة اخرى وردع لغيره عن الوقوع في مثل تلك المعصية وبذلك يتحقق لبقية الافراد ضمان حقوقهم وتستقيم حياتهم قال تعالى ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب .
وان المتأمل في نصوص الكتاب والسنة واحكام الشريعة يجد ان اكرام الانسان وتفضيله يعد اصلاً وأساساً مقصوداً في احكام الشريعة ومنهجا واضحا دل على ذلك قوله تعالى ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا .
وقال معاليه قال الشاطبي رحمه الله الشريعة كلها جاءت لتحقيق مصالح العباد وكل حكم فيها لا يخلو من قصد تحقيق مصلحة دنيوية او أخروية ولا غرابة ان يكون ذلك في دين شرعه الله الخالق لعباده وأكمله وأتمه ورضيه قال تعالى اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا .
وبين معالي وزير العدل انه جاء في كتاب التشريع الجنائي الاسلامي ان علماء القوانين الوضعية قرروا أن القانون الدولي كأحسن نظام جنائي هو الذي يؤدي عمليا الى نتائج اكبر في كفاح الجريمة وان التجارب هي وحدها الكفيلة لابراز هذا النظام المنشود وبالتجربة يثبت ان هذا النظام هو الشريعة الاسلامية وكانت التجربة التي امتحنت فيها عقوبات اسلامية على نوعين كلية وجزئية.
فاما التجربة الكلية فهي موجودة في المملكة العربية السعودية حيث طبقت الشريعة ونجحت نجاحاً منقطع النظير في القضاء على الاجرام وحفظ الامن والامان ولايزال الناس يذكرون كيف كان الامن مختلاً في الحجاز ولما طبقت حدود الشريعة توقف كل ذلك وانقلب الأمر الى أمن وأمان.
وبين معاليه معنى حقوق الانسان في الاسلام فعند النظر في استعمال كلمة حق في الشريعة الاسلامية تفيد في معناها العام الامر الواجب الثابت المستقيم وهو نقيض الباطل قال تعالى ولا تلبسوا الحق بالباطل وقد وردت مادة الحاء والقاف في القرآن الكريم في مائتين وثلاثة وثمانين موضعا بدءاً من سورة البقرة في قوله تعالى ان الله لا يستحيي ان يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً .
الى قوله تعالى في سورة العصر وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر كما وردت مادة الحاء والقاف وردت في مائة وثمانية وخمسين حديثاً وابان معاليه ان الحق الذي للانسان هو امر تعبدي يتقرب به الانسان الى الله تعالى فعندما يمارس المسلم ذلك الحق المقرر له وعندما يطالب به عند حجبه عنه فهو يحقق جزءا من عبادته ويمارس جانباً من جوانب الشريعة وليس مجرد شعور يرتبط بالانانية والرغبة في الحصول على ماهو مقرر له وكذلك عندما يعطي الحق لغيره يعطيه من خلال ذلك المعنى التعبدي وليس من منطلق الرهبة من القانون والعقاب والرغبة في الظهور بالمظهر المثالي الذي يكون محل اعجاب افراد المجتمع فهذا المعنى الفريد في الشريعة الاسلامية من اهم الجوانب التي يتحقق بها الالتزام بحقوق الانسان سواء أكان ذلك من الممارسات المعلنة او الممارسات التي لا تشاهد مما يجعل تطبيق حقوق الانسان امرا متميزا يختلف عن غيره من القوانين والمبادىء الأخرى.
واما الميزة الأخرى المتقررة في حقوق الانسان في الاسلام ان الحقوق في الاسلام مرتبة للافراد والمجتمع بتواؤم وانسجام كاملين يكمل بعضهما البعض فما يثبت للفرد من حقوق خاصة يقف عند حقوق الافراد الآخرين الذين يتكون منهم المجتمع وما يثبت للمجتمع بأكمله من حقوق لا يتجاوز للافراد لان الحق الخاص اذا نظر له من منظار الحق المطلق فانه يتجاوز في تطبيقه حدود الانسان نفسه وينتقل الى الآخرين الذين لهم حرية قد لا تتفق مع تلك الميول فلذلك جاءت الشريعة الاسلامية في حفظ حقوق الافراد وحقوق المجتمع نفسه, وايضاً من تميز حقوق الانسان في الاسلام انه جاء لحفظ الجوانب التي لا يتحقق وجود الانسان وبقائه الا بها وهي ما تعرف باسم الضروريات او الكليات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال وبحفظ هذه الضروريات الخمس الكلية يحفظ للانسان حقوقه ومصالحه وقد قامت القاعدة في الشريعة لحفظ هذه الضروريات بأسلوب فريد يبنى على ركنين اساسيين هما:
اولاً الوقاية، ثانياً العلاج.
بعد ذلك تفضل معاليه بالرد والاجابة على الاسئلة الموجهة لمعاليه من قبل الحضور وقد حضر هذه المحاضرة معالي الامين العام لرابطة العالم الاسلامي الدكتور/ عبدالله صالح العبيد والامناء المساعدون للرابطة وعدد من القضاة والعلماء ورؤساء الدوائر الحكومية وعدد من المسئولين.
وعقب المحاضرة اكد معاليه في تصريح صحفي ان هذه المحاضرة تأتي في اطار الجانب الثقافي الذي تنظمه الرابطة في مسمى تطبيقات الحدود الشرعية في المملكة العربية السعودية.
وقال معاليه: ان المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الامين وسمو النائب الثاني حفظهم الله تعد أنموذجاً حياً مشاهداً اليوم في تطبيق الشريعة الاسلامية تطبيقاً مميزاً يأخذ بالأصل ويفهم معنى الشريعة,, وان جميع المسلمين ليفخرون بهذا التطبيق.
وأضاف معاليه قائلا إننا ندعو الجميع لمشاهدة هذا الواقع الحي الملموس.
وقد علق رئيس محاكم تبوك الشيخ عبدالعزيز سالم الحميد على بعض الفقرات التي عرضها معالي وزير العدل مبيناً دور المحاكم الشرعية في المملكة في تنفيذ ورقابة ومتابعة الحقوق الانسانية على ارض المملكة.
كماعلق الامين العام لرابطة العالم الاسلامي الدكتور عبدالله صالح العبيد على عدد من الفقرات موجهاً الشكر لمعالي وزير العدل ومثنياً على واقع حقوق الانسان والآليات التي تتخذ لتنفيذها في المملكة.
وقال معاليه ان الرابطة ماضية في التعاون مع جميع الوزارات والمؤسسات والهيئات الاسلامية الرسمية والشعبية في انحاء العالم لنقل مبادىء الاسلام العادلة السمحة في مجالات حقوق الانسان وفي المجالات الاخرى التي يتوجب على جميع المسلمين العمل لتصحيح صورتها المغلوطة في المجتمعات الغربية بشكل خاص.
واعلن معاليه ان الرابطة ستقيم ندوة عالمية كبرى خلال الصيف القادم تحت عنوان (الاسرة المسلمة كيف نظم الاسلام شؤونها وحقوق افرادها) وذلك في العاصمة البريطانية لندن مشيراً الى ان اعداء الدين الاسلامي يعملون على فتح الثغرة في حياة المرأة المسلمة والاسرة في المجتمع المسلم.
وطالب الدكتور العبيد حكومات ومنظمات شعوب العالم الاسلامي بمتابعة ودعم موقف الجمعيات الاسلامية في جلسة الامم المتحدة الثالثة والعشرين حول النساء عام 2000م المساواة والتنمية والسلام في القرن الحادي والعشرين.
|
|
|
|
|
