أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 12th May,2000العدد:10088الطبعةالاولـيالجمعة 8 ,صفر 1421

الثقافية

السروي يترجل عن أسفاره
خالد محمد الخضري
يرتسم الموت حقيقة تتجسد لنا ونراها امامنا اينما حللنا,, لذا كانت علاقة المبدعين بهذه الحقيقة علاقة الابداعات العالمية فهي تطرح تساؤلاً هاماً يضخم لنا الهوة بين الموت والحياة ويجعلها لا تجد تفسيراً للسؤال الدائر عبر الحياة والموت سوى ضرورة القناعة بأن كل نفس ذائقة الموت,لكن الابداع هو الجسر الوحيد الذي يمكن ان يربط بين التساؤلات ويجعلنا نعبر الهوة الى الايمان واليقين بأن هذا هو مصير كل انسان على البسيطة.
ولعلنا الآن ونحن نرثي مبدعاً عملاقاً وواحدا من الاسماء الهامة في ساحتنا الادبية وهو الكاتب عبدالعزيز مشري نظن انه لم يرحل عن عالمنا فهو بيننا باق بما ابدعه وما جسده من حياة ثانية.
فنحن ربما نكتب لنعيش حياة ثانية او حياة اخرى غير هذه الحياة التي مقدر لنا فيها اوقات وساعات ولحظات ثم نمضي.
فقد ادرك المشري هذا الامر عندما كان انذار الموت رفيقه في اوقات كثيرة وهذا الموت وهو المرض الذي كان يصاحبه طوال حياته لم يجعله يتقهقر او يعود الى الوراء وينضوي في ظل الصمت بل اعاد اليه ثقته بنفسه وجعله يرسم احلامه تارة عبر مساحات اللوحة مبدعاً خطوطا وتلوينات محلقة في الآفاق وتارة اخرى يرسمها عبر اللغة فهي الرفيق المصاحب الذي لا يخذله اينما كان,, فقد كان يحتاج الى ورقة وقلم فقط ليعزم الانطلاق والتحليق مرتبطاً بجذوره متأملا هذا العالم بكينونته وصيرورته التي تعطي لاشخاص جدد انفاساً من احلام من سبقهم وطوت صفحتهم الحياة بعد ان امضوا رحلة شاقة بها.
ربما يقول الكثيرون ويتحدثون عن ابداع المشري كروائي وكقاص الآن وغدا وعبر أجيال قادمة فهو باق ببقاء ما انتج من ابداع خلاق ورؤية واضحة للبيئة المحلية التي تتجسد وترتسم ملامحها ووجوه شخوصها الذين نرى ملامحهم الآن بشكل اوضح بعد ان فقدوا صديقهم الحميم الذي يحس بهم ويتفاعل معهم ويفهمهم ويحاول ان يترجم احاسيسهم ومشاعرهم ويقرأ افكارهم فهم الآن ربما اكثر حزناً منا عليه, وهم الآن يشعرون بفقده بعد ان انهى السروي اسفاره والسماء الغائمة اسودت وادلهم ليلها لكنها انبتت كل ذلك الالق وحركية الحية المتجددة التي كلها عطاء ونماء وازدهار من ادب رفيع التصق بالارض وابناء الارض والحياة الشعبية بكل ما تحمله من فضاءات تحلق بنا وتحمل لنا عبر العادي والمألوف صوراً ابداعية جديدة لا تراها سوى عين المبدع الذي كان ينضوى داخلها لتقيه وتخفف عنه وطأة المرض والالم.
عندما وصلني نبأ وفاته كنت اقرأ له مشاركة بزاوية طقوس الكتابة بجريدة البلاد عدد الجمعة الماضية وشعرت بالحزن الشديد على هذا المبدع,,, وسألت الله ان يرحمنا جميعا فكلنا ماضون في هذا الطريق.
نسأل الله له الغفران وان يسكنه فسيح جناته,, إنا لله وإنا إليه راجعون وان يرحمنا اذا صرنا الى ماصار اليه,, انه ولي ذلك والقادر عليه.

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved