أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 14th May,2000العدد:10090الطبعةالاولـيالأحد 10 ,صفر 1421

مقـالات

المربي عثمان الصالح,,وسام,,ووفاء
د,عبدالرحمن صالح العشماوي
إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق
إعلان إسلامي صريح لرعاية مكارم الأخلاق على لسان أفضل الخلق، وخاتم الانبياء، وأوفى الاوفياء من البشر محمد صلى الله عليه وسلم .
مكارم الأخلاق جملة جامعة مانعة لاتبقى سمة من سمات الخلق الكريم، ولا شاردة ولا واردة من أخبار الشيم والوفاء إلا وتنضم تحت لوائها، وكيف لاتكون هذه الجملة بهذه الشمولية الرائعة وهي خارجة من مشكاة النُّبوة، ومن ثغر افصح العرب وأصدق الناس لهجة الذي آتاه الله جوامع الكلم رسولنا عليه الصلاةوالسلام.
ألا أخبركم بأحبكم إليَّ واقربكم مني مجالس يوم القيامه، احاسنكم اخلاقا الموطؤون أكنافا، الذين يألَفُون ويُؤلَفُون .
لنا أن نأخذ خلاصة مافي لغتنا من جمالٍ وإبداع، وفيها من ذلك كنوز وكنوز فإننا سنجد هذا المقطع السابق من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاصةً بلاغية مركزة لمعان كثيرة عميقة جُمعت لنا في دائرة هذا الاستفهام التقريري الجميل ألا أخبركم وهو استفهام فيه من التشويق وتوجيه الاهتمام، واستثارة القلب مالايخفى.
أحاسنكم أخلاقا، الموطّؤون أكنافا، الذين يألفون ويُؤلَفون
صفات نادرة رائعة، كفيلة إذا انتشرت بين الناس أن تملأ حياتهم صفاءً ونقاء، وأن تظلّلهم بروح المودة والإخاء، والأُلفة والوفاء، وهل هنالك أجمل من التآلف والتعاطف والتواضع للأهل والأخوة والأصدقاء وحينما نقف امام العبارة المضيئة مكارم الأخلاق ونتأمَّل ملامحها الجميلة فإننا سنرى من اجمل مايكِّون تلك الملامح صفة الوفاء .
الوفاء,, ما اروعها من صفة، وما أحوج الناس إليها، إنها من أرقى صفات البشر وأسمى معالم أخلقاهم، الوفاء شيمة النفوس الكريمة، والغدر والإهمال صورتان معاكستان لاتصدران إلا من نفوس فقدت روح الوفاء، وصفاءه وجلالة.
الوفاء,, يقول الله تعالى في سورة النجم وإبراهيم الذي وفَّى ، مدح لأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام بإحدى خصاله الكريمة، وصفاته العظيمة صفة الوفاء,, نعم لقد وفَّى، وكان وفاؤه لربه سبحانه وتعالى أولاً وثم لكل من يتعامل معه من البشر ثانياً، كان وفاؤه ومازال مثلاً يضرب للناس، ورمزاً تتمثَّل فيه القدوة الصالحة العظيمة، وفَّي في أداء رسالته، وفي نقل زوجته وطفله إلى وادٍ غير ذي زرع، وفي استجابته لما أمر به في ذبح ابنه الغالي إسماعيل، وفي إكرامه لضيفه الذي يعد مضرب الأمثال.
الوفاء,, يقول الشاعر حسان بن ثابت رضي الله عنه:


هجوتَ محمداً برَّاً رؤوفاً
أمين الله شيمته الوفاءُ

من قصيدته الشهيرة التي نافح بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شيمته الوفاء ,, نعم هكذا كان رسولنا الكريم وفيَّاً لربه في تبليغ رسالته ووفيَّا لقومه في دعوتهم والحرص على هدايتهم، والصبر على أذاهم، ووفياً لأصحابه ولأمته كلها حيث صبر على تبليغ رسالة الله تعالى إليهم.
الوفاء,, كلمة جميلة، لها سحرها الحلال،ورونقُها وبهاؤها، ولها دلالتها العميقة على كرم نفوس اصحابها، ونُبل مشاعرهم وقد رأيتُ كلمة الوفاء متجسِّدة أمامي في أحسن قَوام، وأجمل هندام، وأبهى صورة في تلك الليلة الجميلة التي رأيت فيها شيخنا المربي الفاضل عثمان الصالح يسير بخطواته المثقلة بالحب والشكر والامتنان بين عدد غير قليل من تلاميذه الأوفياء يقبلون رأسه، ويحتفون به، ويرسمون بوفائهم على وجهه إشراقة السعادة بهذا الوفاء الكريم، كان تلميذه الذي سعى الى تنظيم هذا الحفل سمو الامير احمد بن عبدالعزيز حريصاً على إسعاد أستاذه في تلك الليلة محتفياً به كلَّ الاحتفاء، وقد تجلَّى وفاء التلميذ لاستاذه بصورة رائعة رأيتها كما رآها غيري من حضور هذا اللقاء، مشرقةً وضَّاءة، وحينما القى كلمته اكتملت صورة وفائه لاستاذه في عبارات منتقاةٍ تحمل معاني الشكر والعرفان والتقدير والاعتراف بالجميل.
وظهرت صورة الوفاء جليّة لأستاذنا عثمان الصالح في ذلك التقدير الذي حظي به من راعي هذا اللقاء صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز الذي علَّق على صدر المربي وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الاولى وهو وسام كريم أمر بمنحه للشيخ عثمان الصالح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وفقه الله لكل خير ، عرفاناً بجميله، وتقديراً لدوره التربوي الكبير,.
الوفاء,, كان يملأ قاعة الاحتفال في قصر الثقافة بحيّ السفارات بعبقه الجميل، وبوجهه البشوش، وهل يكون وجه الوفاء إلا بشوشا ولو قُدِّر للوفاء أن يكون رجلاً ذا لسانٍ يتحدَّث لأطرب السامعين بحديثه الجميل عن سعادته بمايرى في هذا اللقاء.
رجل وقور كريم، ذوقلب محب عطوف,, يتقدم إليه عشرات الأمراء والعلماء والأدباء من تلاميذه ومحبيه يقبلون رأسه، ويعبِّرون عن حبهم له، وحرصهم على سعادته، وتقديرهم لدوره التربوي الريادي الذي شهدت به سنوات طوال من العطاء في مجال التربية والتعليم.
حينما تحدَّث سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز في كلمته عن الشيخ عثمان، كان يصور شعوره الصادق بالحب والتقدير والوفاء لرجل من أوائل رجال التربية الجادين المخلصين كما نحسبهم الذين رعوا مسيرة التربية والتعليم في بلادنا، وقد أشار سموُّه إلى أهمية رعاية جانب التعليم والتربية في بناء مجتمع صالح وجيلٍ جادٍ مستقيم، وذكر من حرص الشيخ عثمان على تلاميذه، ومتابعته لهم داخل المعهد وخارجه مايدلُّ على أنَّ المحتفى به ذو قلب كبير، وصاحب وفاء استحقَّ به وسام الوفاء.
عثمان الصالح ,, ذلك الفتى اليتيم الذي نشأ تحت رعاية أمه الكفيفة، وإخوته الكرام وعمه الشيخ صالح بن ناصر الصالح,, ذلك الفتى الذي القى خطبة أمام الملك عبدالعزيز يرحمه الله عندما زار عنيزة فاعجب به الملك عبدالعزيز وأمر بنقله الى الرياض حيث بدأ دوره التربوي الرائد خاصة حينما تولى إدارة معهد الأنجال الذي افتتح في عهد الملك سعود يرحمه الله.
عثمان الصالح ,, ذلك الفتى اصبح فيما بعد في مقدمة المربين الذين يشار إليهم بالبنان,.
قلب كبير، وروح صافية، ونفس متواضعة، ونشاط دؤوب وحرصٌ على إشاعة روح الرضا والسعادة في نفوس كل من يلتقي بهم,, ذو وفاءٍ مشهود لكل مَن يعرفه، وحسبك بالوفاء صفةً كريمةً قدوتنا فيها رسولنا عليه الصلاة والسلام الذي شيمته الوفاء .
أشذاء السعادة تملأ أجواء القاعة، عبارات الوفاء وعرفان الجميل تطرب الأسماع، نظرات الحب والتقدير تنمُّ عن أكرم الطباع، تلاحم القلوب، وتقارب النفوس والتواصل الجميل بين أبناء هذه البلاد الغالية ولاةً ورعية كل ذلك كان يشكل صورة رائعة للوفاء برزت ملامحها في قاعة الاحتفاء.
أستاذنا الكريم عثمان الصالح,, جزاك الله خيراً على ماقدَّمت، وحفظك ووقاك من كل سوء، وشكر لك مواقفك الأبوية الحانية مع الجميع وجزى الله خادم الحرمين الشريفين خيراً علىمنحك الوسام العزيز وسام الملك عبدالعزيز، وشكراً لتلاميذك الأوفياء، ولسمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز على ما أسعدونا به من احتفاءٍ جميل بك في تلك الليلة الوفائيّة التي أثلجت الصدور.


إذا ذُكر الوفاءُ فإنَّ ديني
على طول المدى نَبعُ الوفاءِ
شربنا وارتوينا منه حتى
غدونا قدوةً للأوفياءِ


أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved