أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 15th May,2000العدد:10091الطبعةالاولـيالأثنين 11 ,صفر 1421

الاقتصادية

وجهة نظر
متى ندخر؟
د, محمد يحيى اليماني *
كثيرة هي القرارات الاقتصادية التي يتخذها الفرد في حياته اليومية بدءا من تلك المتعلقة بتلبية الاحتياجات اليومية البسيطة وانتهاء بالقرارات المصيرية والتي منها ما يتعلق بمستوى معيشته على المدى الطويل، ويرتبط بالقرار الاخير قضية تحقيق الموازنة بين الاستهلاك والادخار خلال حياة الشخص, فهو حين يمتنع عن الاستهلاك في الوقت الحالي ليدخر يتوقع ان هذه المدخرات ستعود عليه بمنفعة اكبر مستقبلا لانه ينظر اليها على انها احد مصادر الدخل وسبب لزيادة الثروة والارتقاء بمستوى المعيشة في المستقبل, ومن المتوقع ان تؤثر مجموعة من العوامل في قرار الفرد بالادخار من عدمه منها مستوى الدخل الحالي وهل يسمح بالادخار ام لا وما النسبة من الدخل التي يمكن ادخارها إذا كان يسمح بذلك وكذلك مدى توافر أنظمة وبرامج تقاعد ورعاية اجتماعية مناسبة فوجودها ربما يغري المستفيدين المحتملين منها بالتوسع في استهلاكم الحالي اعتمادا على ان هذه البرامج ستوفر لهم دخلا مناسبا عند الحاجة إليها.
يهمنا في هذا المقام من العوامل المتعددة المؤثرة في قرار الادخار أمران هما العائد على الإدخار وتكلفة الادخار بالنسبة للفرد، ولتصور كيفية تأثير هذين العاملين في قرارات الأفراد الخاصة بالادخار نفترض اننا نتحدث عن شخص مسلم يؤثر معتقدة في كل شؤون حياته, وبناء على الافتراض الاخير فإن الادخار بالنسبة لهذا الشخص مكلف لانه مضطر سنويا لدفع ما نسبته 2,5% من إجمالي مدخراته كزكاة متى ما توافرت الشروط الشرعية هذا أمر وامر آخر فإن القيمة الحقيقية لمدخراته تتناقص سنويا بمقدار معدل التضخم، فمثلا قد يستطيع شخص شراء قطعة ارض في عام 1420 بمائة الف ريال لكن نتيجة التضخم لا يستطيع شراءها في عام 1421 إلا بمائة وعشرين ألف ريال, فالقيمة الاسمية للمدخرات تنقص سنويا بناء على سعر الزكاة المفروضة وقيمتها الحقيقية تتناقص بناء على معدل التضخم.
علاوة على ذلك فإن هذا الشخص لا يستطيع أخذ مكافأة على مجرد الادخار والامتناع عن الاستهلاك والمتمثل في سعر الفائدة لانها محرمة شرعا، لذا فإن المتوقع ان يتوسع هذا الشخص في استهلاكه الحالي تجنبا لرفع ثمن الادخار الباهظ، لانه والحالة هذه سيشتري سلعا وخدمات استهلاكية بعشرة آلاف ريال مثلا اما لو ادخر هذا المبلغ لعام كامل فإنه لن يتمكن من شراء نفس الكمية لان اقصى ما يمكن انفاقه هو 975 ريالا وذلك بعد اخراج الزكاة وسيؤدي التضخم الى زيادة اسعار هذا السلع والخدمات خلال العام.
والبديل للتوسع في الاستهلاك والذي عن طريقه يمكن خفض تكلفة الادخار هو ربط قرار الادخار بالاستثمار, فكل ما يدخر او معظمه يفترض ان يوجه نحو الاستثمار وفي هذه الحالة سيحصل المدخر على عائد سنوي يمكنه من الابقاء على القيمة الاسمية والحقيقية لمدخراته ثابتة، بالاضافة الى وجود ربح يشكل مصدر دخل للمدخر, وبدون هذا القرار سيكون المدخر خاسرا وسيجد من يقرر ان يدخر لمدة عشر سنوات لبناء منزل انه بحاجة لسنوات اضافية او سيكون مجبرا على الاكتفاء بمنزل أكثر تواضعا من الذي يفكر فيه.
ويمكن ان ينظر لهذا الأمر من زاوية اوسع فاحساس الافراد بالتكلفة العالية للادخا غير المربوط بالاستثمار وعدم وجود القنوات الاستثمارية المناسبة المقبولة لدى أفراد المجتمع بالقدر الكافي هو الذي جعل الأفراد يميلون الى التوسع في الاستهلاك على حساب الادخار, لكن لو امكن إيجاد منتجات استثمارية (حلال) وكانت مناسبة لغالبية شرائح المجتمع,
لأصبح من الممكن التخفيف بشكل كبير من النزعة الاستهلاكية.
وإذا كانت المجتمعات تطالب بأن تكون السلع والخدمات الاستهلاكية ملائمة لحاجاتها وقيمها فلا تستورد السلع والخدمات وتستورد معها الحاجات والقيم، أو بعبارة اخرى لا تُفَصِّل المجتمعات حاجاتها وقيمها تبعا لما هو متاح من سلع وخدمات, فمن المفترض ان يطبق هذا المعيار على المنتجات المصرفية بشكل عام والاستثمارية منها بشكل خاص فينبغي ان تكون مراعية لحاجات وقيم المجتمع الذي تسوق فيه لتضمن لها الرواج وليستفيد منها المجتمع.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved