أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 15th May,2000العدد:10091الطبعةالاولـيالأثنين 11 ,صفر 1421

محليــات

لما هو آتٍ
إليه ,, وهو يجتمع بأجزائه
د, خيرية إبراهيم السقاف
بعد أن انفضوا عن الكلام:
يا مشري,,.
أيها الجسد المتجزئ,, والنّفس الملتئمة,,.
حين غادرتكَ أجزاؤكَ,, كانوا يتحلَّقون,,.
ثمة من شَرَقَ بدموعه,,.
وثمة من شَحَذتَ فيه همم الصَّبر,,.
وكنتَ مثل ذلك الشراع باسطاً مداكَ ,,, تحمل لهم سُدَّادات فُوَّهات الضَّجر,,, ذلك الذي يُعلنون بطولاتهم عنه,,.
كنتَ بلا ريب ساخراً من بطولات الزيف، في فقاعات الصابون التي تتحلق من حولكَ وهم,,.
أحدثكَ عنهم:
كثيراً ما يهرفون بما لا يعرفون,,.
وغالباً ما يتزيُّون بغير ما يملكون,,.
ودوماً يتزيَّنون بغير ما يليق بهم,,.
هراءٌ ,,, وطبلٌ,,, وغوغاءٌ,,,، والمقاصل لم تصل إليهم,,,، ولكنهم يصرخون,,,.
و,,,.
كنتَ تشمخ في مداكَ الذي يتقلَّص,,, وفوح الكادي من حولكَ,,, و,,.
رأيتكَ ذات مساء,,, تحمل قدمكَ المبتورة، وترسمُ بها فوق وجه الأديم خطواتهم وقلت لي حين هاتفتكَ: يضحكون فيما لابد أن يبكوا,,.
ذات اللحظة تلك كنتَ ترسلُ مفاتيح الأسرار إلى خزنة الصَّبر والصدق،
والمفازات التي كانت مُغلقة فتحتها,,.
دعوتني في هدوء كي أجلس عند حافة نهر الدمع الذي كنتَ تخاتله بين لحظة وأخرى
لأنكَ سمحتَ بولوج كافة طُرُقكَ إلا هذا الدرب أغلقتَه دونكَ,,.
كنتَ تدري أن هناك من يشاطركَ وقع الدمعة حين تكون الأكف التي تستقبلها هي فسحة الصدر لا حفرة القبر,,.
والطيور الأبابيلية ما استطاعت وهي تنزاح عن مواقعها كي ترسل إليهم بشواظٍ حجرية تحطم قسوة الكذب في دواخلهم إلا أن تفعل بالدروب التي يلتقونكَ فيها ما فعلَت بأوَّلهم,,,، نصبتَ حواجز حجرية بينكَ وبينهم، وظلوا يتطاولون بأعناقهم,, حتى عندما ذهبتَ تواروا خجلاً,,.
كيف تَيَقَّظوا في الأيام التي تلت؟
هل نَزلت عليهم سكائن الفقد؟ أم سُكِبَت فيهم أنهار الدموع؟ ولم يجدوا المراكب
التي تُقلهم إليكَ ؟!,.
اعلم أيها الجسد الذي غادرهم قبل أن يغادرهم أنكَ كنتَ نصباً صريحاً لعلامات الأدلَّة، ذلك
لأن دربكَ غير دروبهم,, وأنهم من حولكَ كالفراش,,.
وإلاَّ قل لي كيف لم يقرأوا الخاتمة إلا عندما أعلنتَها وأنتَ في شموخ الصمت كما هو أنتَ في شموخ البوح؟!,,.
أيها السروي,,.
جاءني منكَ الزاجلُ في برقة غروبِ فجري كي يخبرني بأن رسائلكَ الأيوبية قد بلغت مداها، واستقرت في مواقعها,,.
وقال لي: إنكَ عندما أخذتَ ما بقي منكَ، قد تركتَ لي ولهم ما بقي منَّا؟
وأدركتُ رسالتكَ,, وفضضتُ عنها رموزها,,.
كأن المدى الذي شهقتَ فيه بوحكَ قد لوَّح واستفاق,,.
وكافة الأبواب الموصدة قد فُتحت,,.
وليس ثمة حجر في الطريق,,.
وتلويحات المساء والصباح تهزج بما يُوحي ويُفصح,,.
وبأنكَ قد أخذتَ إجازةً عندما حلَّت بهم انبهارة النُّطق,,.
ذلك لأنكَ دأبتَ وهم في إجازات,.
وأرسلتَ لي خاتمة الحصاد: مَن سوف تُقلع به قافلة الكلام؟ من سوف يستقلُّ قافلة العمل؟,,.
وأنتَ تذهبُ كي تلملم أجزاءكَ، وتستوي كلُّكَ في كُلِّكَ,,,؟!
يبدو أنهم قد وقفوا على الطريق بطوله كي ينتظروا مقاصل التجزيء,,.
فهم مُقدمون على أن تنفضَّ بهم الحلقة، الحلقات,,.
فقد تبخَّرت الدموع التي كانت تشرقهم,,,، وسلكت حناجرهم,,.
ألا,,, فلتتفرج عليهم أيها الشاحذ في همم البوح,,، الصابر على لواعج الضياع،
المغادر إلى ذاتكَ,,.
من ذاتكَ,,.
فتلويحة النداء,,.
أن تكون في سلام.
فاهنأ بالسلام,,.
وقد التأمتَ بكلِّك.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved