أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 16th May,2000العدد:10092الطبعةالاولـيالثلاثاء 12 ,صفر 1421

عزيزتـي الجزيرة

السعودة وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية,, الإقدام والإحجام
قرأت للدكتور محمد الأحمد في عموده الصحفي اليومي كلمات معدودة في جريدة الجزيرة يوم الجمعة الموافق 1/2/1421ه العدد 10081 تعليقا على استغراب الدكتور ابراهيم الدعيلج لتوظيف بعض الجامعات السعودية لمعيدين وأعضاء هيئة تدريس في اللغة العربية والشريعة الاسلامية من خلال ما نشر في جريدة الندوة بعنوان سلحفة السعودة في الجامعات والتي لم أتمكن من قراءتها.
لقد أبدى الدكتور الأحمد حيرته أيضا في ذلك التوظيف مع وجود كليات للشريعة واللغة العربية في المملكة العربية السعودية بدأ بعضها منذ قرابة نصف قرن, ان حيرة الدكتور الأحمد هنا تعني الرفض في اعتقادي لتعيين غير سعوديين في الشريعة الاسلامية واللغة العربية للمبررات التي أوردها, ومع اتفاقي التام مع وجهة نظر الدكتور محمد الأحمد في صعوبة قبول فكرة توظيف معيد في كليات الشريعة واللغة العربية ومع تأييدي التام للسعودة بشكل عام الا اننا يجب أن نكون حذرين فيما يتعلق بتوظيف غير السعوديين من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات.
والحذر هنا لا يعني الرفض بقدر ما يعني المصلحة وخدمة العلم والفكر, المصلحة تقتضي تدعيم توجه السعودة، وخدمة العلم والفكر تعني البحث عن المتميزين أينما وجدوا ليس بينهما تعارض طالما بقي الأمر في اطار محكوم بمرجعيات توازنية سليمة وسياسة تعليمية متميزة تؤمن بالتواصل الفكري مع الآخرين.
ان أعضاء هيئة التدريس يشكلون حلقة من حلقات التواصل الفكري والعلمي المتعددة والتي منها أيضا الكتب والمقالات العلمية والمؤتمرات والندوات والمشاركات البحثية وشبكات المعلومات, الكمال لله وحده ولذلك أعتقد أنه من الأفضل لكل قسم من أقسام الجامعات أن يكون به عضو أو أعضاء هيئة تدريس من غير السعوديين, ان بعض الأقسام في الجامعات ما يزال بها نسبة كبيرة نسبيا من غير السعوديين في الهندسة والطب والحاسب والعلوم وهذا نتيجة لعدم وجود عدد كاف من السعوديين في هذه التخصصات وهناك أقسام بها نسب محدودة من غير السعوديين وبالذات في كليات العلوم الانسانية للسبب ذاته وهذا واضح بجلاء في جامعة الملك سعود وأحسب أن الأمر كذلك في الجامعات الأخرى بالمملكة,
وأعتقد بل أكاد أجزم أن أعداد غير السعوديين ستتزايد في المستقبل في الجامعات والكليات السعودية للعديد من الأسباب منها: التوسع في الكليات وتزايد أعداد الطلبة لزيادة السكان المتسارعة والطلب على التعليم العالي، قلة التخصصات التي تمنح دكتوراه في الأقسام العلمية بالذات، بدء تزايد أعداد المتقاعدين، خروج أعداد من أعضاء هيئة التدريس للعمل خارج الجامعة، محدودية البعوث في السنوات الأخيرة وهذا من أخطر الأسباب لعدم حدوث التوازن مع زيادة التعليم ومع من يخرج من الجامعات للتقاعد أو العمل خارج الجامعات,
اذاً في السنوات العشر المقبلة أتوقع أن من سيخرج من الجامعات لأسباب مختلفة من أعضاء هيئة التدريس سيكون أكبر ممن يعود اليها من البعوث من السعوديين ولذلك فإن توظيف غير السعوديين سيكون حتميا في الجامعات, ولكن حتى لو افترضنا أن هناك ذلك العدد الكافي من السعوديين فإننا بحاجة الى التنوع مع التميز في كل الأقسام الجامعية, ولا أجد غضاضة في أن يكون هناك عضو هيئة تدريس أو اثنان من المتميزين جدا من غير السعوديين, ان الانكفاء على الذات في مجال التعليم العالي وعدم التفاعل الفكري مع الآخرين وتجارب الآخرين وبالذات المتميزين له مخاطره وخاصة في ظل غياب تبادل الأساتذة بين الجامعات العربية بشكل عام والجامعات السعودية بشكل خاص.
نحن ندرك تماما ان الجامعات الغربية والجامعات الأمريكية بشكل خاص لم تقتصر على توظيف من هم من أبنائها وان كان أغلب أعضاء هيئة التدريس كذلك ولكنهم في نفس الوقت يبحثون عن التميز أينما كان وما هجرة العقول العربية وغيرها الى تلك الدول الا شاهد حي على ذلك، هم يعطونهم الجنسية ويقدمون لهم الاغراءات المالية ولكن ليس الوضع كذلك لدينا فيما يتعلق بالجنسية في معظم الأحيان ان لم يكن كلها وليس الأمر ضروريا على كل حال ولكن المردود المالي مجز والبيئة الاجتماعية أفضل.
كما ان لدينا حرية التغيير والبحث عن المتميزين بين كل فترة وأخرى بحيث لا تطول مدة بقائهم الا عند الضرورة والتميز, واذا كان هذا هو الوضع في الدول المتقدمة التي قطعت شوطا كبيرا في بناء مؤسساتها العلمية استغرق في بعضها مئآت السنين ورغم ذلك ما تزال تجتذب العقول فمن باب أولى أن نكون كذلك لكي نصل الى ما وصلوا اليه في المجال العلمي.
عودة مرة أخرى الى اللغة العربية والشريعة الاسلامية, صحيح ان الجزيرة العربية هي مهد اللغة العربية ومهبط الوحي ومكان بدء انطلاقة الرسالة المحمدية ومن المفترض أن يكون هناك تميز في اللغة العربية والدراسات الاسلامية ولكن قد لا يكون الواقع كذلك في كل جوانب هذين التخصصين كما انها ليست مهمة أبناء الجزيرة العربية وحدهم ولا المفترض أن تكون, الاسلام جاء كافة للناس كما ان تعلم اللغة العربية من أولى الواجبات في التعلم لكل المسلمين لكي يتم فهم الدين الاسلامي بالطريقة الصحيحة لتتم بعد ذلك الممارسة الصحيحة في الشعائر والعبادات والمعاملات الحياتية المختلفة، وهذا ما كان بعد انتشار الاسلام في عصره الأول حيث وجدت المدارس النحوية في الكوفة والبصرة وغيرهما كما نبغ عدد من علماء المسلمين من خارج الجزيرة العربية في الفقه والتفسير والحديث بل وحتى من خارج العرب.
كما تميز العديد من المسلمين عربا وغيرهم في الجوانب اللغوية المختلفة من نحو وبلاغة وفقه اللغة والعروض والنقد والشعر وأحسب أن الأمر ما يزال كذلك حتى الآن,
انني مع رأي الدكتور محمد الأحمد والدكتور ابراهيم الدعيلج وغيرهما ممن أكدوا في كتاباتهم على السعودة ولكن قلاع العلم تحتاج الى تغذية مستمرة بالمتميزين والحرص على استقطابهم في كافة التخصصات ولكن في اطار محدد ومقنن بحيث لا يخل بتوجه السعودة والله أسال التوفيق.
د, عبدالله بن سالم الزهراني
كلية الآداب قسم الجغرافيا

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved