أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 17th May,2000العدد:10093الطبعةالاولـيالاربعاء 13 ,صفر 1421

مقـالات

البوح
أمين الريحاني الشخصية الغائبة الحاضرة (3-3)
د,دلال بنت مخلد الحربي

يقول الريحاني: في اللغة التركية مثل يقول: كل من له فم يأكل,, إن الذي يأكل يشبع، فيحسن عمله, والذي لا يأكل يظل جائعاً, والجائع لا يستطيع ان يفيد احداً من الناس, انهالقاعدة في الاحكام تدهش حتى مكيافيلي امام المتفلسفين بالسياسة والرياء,
ان الرجل الصادق رجل مزعج، فهو يقترح اقتراحات لا يرتاح اليها الملوك، وهو لا يسهل الاعمال في كل حال، ولا يقول دائماً: أي نعم سيدي, بعداً للصادقين، فانهم للملوك دواء مر جداً, وهم فوق ذلك يورثون صاحب الجلالة الصداع.
اما الذين يتكتفون، ويطأطئون الرؤوس، ويقولون دائماً: أي نعم سيدي، ويأكلون، ثم يأكلون على أن يكون اكلهم من فضلات الأسد فهؤلاء من خير الناس، ومن اقدر الموظفين، ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون , بدأت حديثي عن علاقة الريحاني بالملك عبدالعزيز بكلامه السابق، لكي نستند عليه كقاعدة في طبيعة العلاقة المتميزة التي نمت بين الطرفين, وهذه العلاقة تعود جذورها عندما قام الريحاني برحلته الشهيرة في شبه الجزيرة العربية عام 1922م، ففي تلك الرحلة التي بدأت من عدن جنوباً، ثم اتجهت شمالاً الى الحجاز، ثم العراق ومنها شملت وسط شبه الجزيرة العربية وسواحل الخليج العربي، قابل الريحاني عدداً من حكام ومشايخ تلك المناطق، استمع اليهم وناقشهم في موضوع كان هاجسه الا وهو تحقيق وحدة العرب عن طريق وحدة اهدافهم وامانيهم وتصفية خلافاتهم ومواجهة المتربص بهم من اخطار مختلفة, عندما حطت رحال الريحاني في العقير وقابل عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود سلطان نجد لأول مرة كانت الدهشةوالانبهار والاعجاب: خرجنا نبادر إلى استقبال الزائر الكبير، فاذا هوقد خف الينا، وفي معيته اثنان فقط من حاشيته، قلت الزائر وهو الذي شاء تلطفاً وتنازلاً ان يعكس الآية، وكانت المشاهدة الأولى على الرمل تحت السماء والنجوم، وفي نور النيران المتقدة حولنا، ألفيته رجلاً لا يمتاز ظاهراً بغير طوله، وكان يلبس ثوباً ابيض، وعباءة بنية، وعقالاً مقصباً فوق كوفية من القطن حمراء.
أين أبهة الملك وفخفخة السلطنة؟ انك لا تجدها في نجد وسلطانها وان اول ما يملكك منه ابتسامة هي مغناطيس القلوب .
هذا اللقاء الأول وفيه اسرت ابتسامة عبدالعزيز الصادقة الريحاني.
وقد تحدث الريحاني بإفاضة عن تفاصيل ذلك اللقاء في كتابه ملوك العرب ، وفيه عبر بأن الحاكم الذي بهر به هو عبدالعزيز بن عبدالرحمن.
وظلت علاقة الريحاني بالملك عبدالعزيز بعد هذا اللقاء وثيقة فهو يراسله ويبعث اليه بعض الصحف التي تحوي اخباراً مهمة، كما يزوده ببعض انتاجه الفكري، وكان عبدالعزيز يرد على خطابات الريحاني بكل ود وتقدير.
وعندما توجهت قوات الملك عبدالعزيز نحو الحجاز عام 1924م، ونجحت في دخول الطائف ثم مكة، ووقفت عند ابواب جدة لاعتبارات عدة، وقدم الريحاني على عجل إلى جدة ساعياً في الصلح بين الملك عبدالعزيز والملك علي بن الحسين، وهنا نقف على حقيقة تلك العلاقة, ففي الوقت الذي خيم اليأس والاحباط على اثنين قدموا للمهمة ذاتها، ثابر الريحاني في سبيل الصلح دافعه مصلحة العرب ومحبته الشخصية لعبدالعزيز، وفي المقابل نجد الملك عبدالعزيز يثمن تلك المشاعر فكان الوحيد الذي حظي بثقته في الاستماع لوجهة نظره.
وفي المراسلات التي تمت بين الطرفين نلمس صدق الريحاني ووضوحه مع الملك عبدالعزيز، بل أنه كان حريصاً علىنقل الصورة الواقعية وليس كما (يحب ان يسمع) كما يعتقد البعض, وعلى الرغم من فشل تلك الوساطة لاسباب هي خارج ارادة الريحاني وعبدالعزيز ظلت تلك العلاقة قوية، لعل من اهم نتاجها كتاب الريحاني (نجد وملحقاته).

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved