أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 17th May,2000العدد:10093الطبعةالاولـيالاربعاء 13 ,صفر 1421

منوعـات

يارا
مأساة لاعب كورة
عبدالله بن بخيت
بعد حادثة اليماني اصبح جنجا زعيما متوجا يقود الحارة ويخيف الحارات الأخرى, ولكن للحق لم يستغل جنجا وضعه الجديد الذي حصل عليه بجدارة بل سار بين اطفال الحارة بتواضع جم يثير الاحترام والاعجاب, كان ينتظر التنازلات والأريحية من الآخرين التي تعطى دائما للأقوياء, فكل شيء يريده يطلبه بتواضع, لا احد يستطيع ان يقول لا, ولكن البروبو غاندا لا يتوقف تأثيرها على الناس بل تؤثر في كثير من الاحيان على اصحابها, ذاع صيت جنجا في كل الحارات واصبح بطلا اسطوريا وتناقلت الناس كثيرا من الاحداث الملفقة التي تنسب له, ولم يكن ينفيها او يثبتها لأنه لم يسأل عنها اصلا, فكل من يسمعها لابد أن يصدقها, التحم جنجا مع خصوم لا حصر لهم وخرج من كافة المعارك منتصرا, وبقراءة متأنية لهذه الانتصارات سنشاهد ان هناك عاملين ساعدا جنجا على النصر الاول سمعه جنجا في البطارة وخاصة تدميره لليماني فما ان يلتحم معه احد حتى يذعن بسرعة ويستسلم,, والثاني يأتي من حسن إدارته لمعاركه, فلو دققنا لوجدنا ان جنجا كان يختار خصومه ويختار توقيت المعركة,, فخرج من نصر الى نصر فتعززت مكانته, ولكن هناك خلل ثقافي ليس في جنجا ولكن في زمان جنجا فالبطارة في ذلك الزمان ليس لها اختصاص مع الأسف, فالناس تطالب الابطال بالانتصار في كل انواع المعارك (لذا لا تدوم البطولة فترة طويلة) ويبدو ان هذه الظاهرة عربية, فالأبطال العرب دائما يذهبون ضحية أوهامهم التي يعمرها لهم إعلامهم.
إذ طالما ان جنجا قوي وسحق يماني فلابد ان يفوز في المعارك اليدوية ولابد أن يكون أحسن لاعب ايضا, فقفز من خانة حارس مرمى الى خانة (سنترفورود) رأس حربة ليسجل الاهداف, فحارس المرمى كما أشرنا من قبل يعني صغار السن او ضعاف الشخصية او الغشمان في اللعب,, مركز لا يقبله أحد,, بينما رأس الحربة، كما لا يخفى عليكم، هو أهم المراكز, لم يكن جنجا يتميز بأي ميزة تؤهله أن يتفوق في كرة القدم: لا سرعة ولا مرونة ولا قدرة على المراوغة فلا يملك سوى ميزتين هما العنف والهيبة فقط.
بدأت الرياض الاستعداد للمباراة الحاسمة في وقت مبكر, فلأول مرة سيلعب فريق اشبال حوطة خالد (الاقرب للهلال) مع فريق (نمور العسيلة) الذي يعد الى حد ما قريباً من الاهلي,, ويمكن ان تعرف الانتماءات من تسميات اللاعبين الصغار في فرق الحواري,, ففي فريق نمور العسيلة تكثر التسميات المأخوذة من افراد لاعبي الاهلي (علي حمزة، زيد بن مطرف، النقادي الخ) بينما فريق حوطة خالد تكثر فيه التسميات المأخوذة عن لاعبي الهلال (صالح امان، رجب خميس، مبارك عبدالكريم الخ).
كانت صراعات الكورة في تلك الايام تدور على خلفية الصراع الدائر بين الهلال والاهلي, فحتى لو لم ينتسب اي من الفريقين بشكل صريح لأي من الفريقين الكبيرين, فالمناطق التي تأتي منها الفرق تحدد الولاءات,, فأهل العسيلة وفقا لذلك يعتبرون مع فريق الأهلي بينما أهل حوطة خالد يعتبرون دون تردد موالين للهلال,,
بعد مفاوضات طويلة وشاقة اتفق نمور العسيلة مع اشبال حوطة خالد على كافة المسائل الادارية والقانونية التي ستنظم لقاء الفريقين,، وافق نمور العسيلة ان تكون المباراة على ارض أشبال النصر الواقعة بجانب نادي النصر المقابل لمستوصف الفوطة تحت عمارة الزهرة مباشرة, والواقع على الطرف الشمالي لشارع السويلم وهذا الموقع يفرض نفسه بصفته يقع في وسط دائرة ملاعب متعددة، وفي الوقت نفسه يقع في الوسط بين مناطق نفوذ أهل العسيلة وبين مناطق نفوذ حوطة خالد من الناحية النظرية، ولكن من الناحية العملية هو اقرب الى اشبال حوطة خالد, ولكن الغرور الذي كان يعمي عيون أهل العسيلة مضافا الى ذلك ان قيادات أهل العسيلة ينتمون عمليا لجيل ما قبل الكورة: جيل صراعات الفوضى، الامر الذي جعل أهل العسيلة لا يتأملون في استراتيجية المكان التي سوف يخوضون فيها أهم واخطرم مبارياتهم , لأنهم توهموا أن بإمكانهم سحق خصومهم على أي ارض وتحت أي سماء, سيما بعد أن آلت القيادة في ذلك الوقت الى جنجا, فهو من ناحية العمر ينتمي للجيل الذي سيخوض المباراة بينما ثقافيا وعقليا ينتمي للجيل السابق المنقرض, فوافق دون تدبر على هذا الموقع على أمل ان يمد نفوذه بعد هذه المباراة الى مناطق لم يسبق لأهل العسيلة الوصول اليها.
قبل يوم من المباراة الكبرى والاستعدادات في أوجها، جاء من يخبر أهل حوطة خالد برغبة أهل العسيلة تأجيل موعد المباراة اسبوعا، بعد أن ألقت الشرطة القبض على ثلاثة من أبرز لاعبي العسيلة بتهمة سرقة دباب وضرب صاحبه والقائه في عب شارع الشميسي الجديد مضرجا في دمائه, كادت الحادثة ان تؤجل مباراة الحسم الى اجل غير مسمى, ولكن من حسن الحظ ان المغدور لم يستطع ان يتعرف إلا على واحد من الثلاثة فافرجت الشرطة عن الاثنين الباقيين, وأقر موعد المباراة بعد اسبوع لأن الثالث الذي تم التحفظ عليه له سوابق لا حصر لها, فقد كان بطبعه جبانا وغادرا يخلو من روح الفروسية التي كان يتمتع بها معظم سرابيت الرياض في ذلك الحين, فقد تجمعت عليه مجموعة من التهم الوضيعة فعرف أهل العسيلة ان لاعبهم لن يخرج هذه المرة من السجن الا بعد سنوات طويلة سوف يتعفن فيها, فسوابقه المتنوعة يمكن ان تؤمن له ما لا يقل عن عشرين سنة سجن, فصرفت إدارة الفريق النظر عن خدماته خاصة ان رئيس الفريق اعاد تشكيل طاقمه بما يضمن لجنجا أن يكون سنتر فورود (رأس حربة) مما يعني تأخر القعيس ليلعب في الوسط وعلى العقدة في هذه الحالة ان ينتقل الى خانة (باك اليمين) وهكذا تحركت مراكز الفريق وأغلقت خانة الشقي, وأصبح الفريق جاهزا لمباراة الحسم الكبرى.
يوم الاثنين القادم ستنتقل مع يارا لمشاهدة المباراة الحاسمة فلا تدع احداثها المأساوية تفوتك.
لمراسلة الكاتب
yara4me@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved