أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 19th May,2000العدد:10095الطبعةالاولـيالجمعة 15 ,صفر 1421

الاخيــرة

السفر والسياحة
د, محمد بن عبدالرحمن البشر
درجت على أن أكتب عن السفر والسياحة عند مطلع كل صيف، وها هو صيف هذا العام يطرق الجيوب المليئة والخاوية قبل ان يطرق الابواب, والجيوب المليئة ليست بمعزل عن افراح وأتراح السفر، فلها همومها المالية والاجتماعية فمن اعتاد ان ينفق على السفر بعض ملايينه ثم يجد انه سينفق ضعفها لابد له ان يتململ، ويقدم ويحجم، يغضب ويزمجر، وبعد هذا كله سيجد نفسه منفقا ما يستوجب الانفاق ومالا يستوجبه, وانفاق ما لا يستوجب الانفاق سيكون ذا اثر على مقدار الاسعاد والاستفادة، وهو الغاية من السفر، والجيوب الخاوية ستبحث عن ممول يملؤها حتى يمكنها نيل مرادها, فإن أعيتها الحيلة، وأعوزتها الوسيلة, فلابد مما ليس منه بد، وليس من حيلة لمن أعيته الحيل، وسيبقى في داره بين افراد عائلته ينعم بهم ويسعد كما ينعمون ويسعدون، وقد يتخيل البعض ان ذلك النفر من الناس قد فاته شيء من الايناس، وما أظن ذلك حقا، بل وربي ان التمتع بالاجازة بين الاحبة والاقران في ذات البلد اكثر امتاعا وابلغ استئناسا، فالسويعات التي سيتم قضاؤها هناك هي نفس العدد الذي سيتم قضاؤه هنا، ومقدار السعادة الممكن الحصول عليها لابد ان تكون اكثر توفرا في ظل قضاء اجازة سعيدة داخل البلد ذاته.
واذا ما سمحت ظروف البعض في السفر داخل حدود المملكة فنعما هي فهناك الكثير من المواقع التاريخية والمعالم الأثرية التي تنعم بها البلاد، وهناك التنوع الكبير في الطقس والطبيعة فمن منطقة جبلية الى أودية وشعاب، وصحارى مترامية هنا وهناك، ومن وهج الصحراء الى نسيم الصبا، ونسمات الهواء العليل، وفوق هامات الجبال الرواسي تتساقط زخات المطر لتضفي على أغصان الأشجار المتشابكة شيئا من البهاء والنضرة، ولا تلبث تلك الأمطار أن تتحول الى سيول تتدفق عبر الوديان لتضيف جمال الماء الى جمال الخضرة في تناغم عجيب يبرز قدرة البارىء عز وجل ورحمته بعباده.
لا أحد ينكر أن في السفر خارج البلاد تعرفا على الحضارات الأخرى، ومزيدا من المعارف، وصحبة لأصدقاء وأقارب، هذا لمن يرى المتعة في ذلك، كما يجد الرغبة فيه، أما من لا يحسن في السفر سوى الانكفاء بين أكوام الاسمنت، وأبخرة السيارات التي تنفثها عوادمها, يعيش في مدن صاخبة، يقضي وقته بها يسير على قدميه جيئة وذهاباً في شارع أو شارعين ولا يحسن سواها، وفي ذات الوقت تقضي أسرته جل وقتها بين مراكز البيع ومجمعاته لاهمَّ لهم سوى الشراء والمزيد منه، يشترون لمجرد الشراء، لا لحاجة آنية أو بعيدة، ولا لتوفرها في الأسواق الخارجية وندرتها في أسواق بلادنا، ولكنها جبلة جبلوا عليها، لاقتناء كل ما هو خارج البلاد.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved