أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 21st May,2000العدد:10097الطبعةالاولـيالأحد 17 ,صفر 1421

مقـالات

شدو
القرية يا سمو الأمير
د, فارس الغزي
سعدت كحال الكثيرين غيري بالثقة الملكية الغالية المتمثلة بتولية صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان امانة الهيئة العليا للسياحة، وهي لعمري ثقة في محلها لرجل يكفينا منه ما قدم ويقدم من جهد ومال في سبيل خدمة فئةعزيزة على قلوبنا من معاقي هذا البلد من الجنسين.
وعليه إليك يا صاحب السمو أتشرف بتسطير رسالةباعثها الحب لتراب هذا الوطن المعفر بالعزة والإباء وبريدها الثقة بحكمة سموكم الكريم، فإليك أقول: يا سمو الامير يقول الشاعر العربي المجرب:


كم منزل في الأرض يألفه الفتى
وحنينه أبدا لأول منزل

والقرية وكما يعلم سموكم، هي اللبنة الاولى لمنزلنا الأول والاخير والكبير بتاريخه وجغرافيته ومجده, فمن ضرابها وآكامها ومضاجع غيثها وبطون أوديتها ومنابت شجيراتها وسفوح (طعوسها) تدفقت أنهار الولاء لمؤسس هذا الوطن، ومن مساجدها انطلقت صرخة التوحيد ومسيرة الوفاء والإخلاص لله ثم لعبدالعزيز، وعلى تميرات نخيلها وضروع بهائمها اقتات متهجدو الاسحار وقاطعو البراري والقفار وهم يد على من سواهم مبتهلين الى الله حاثين الخطى في سبيله خلف قائدهم: عبدالعزيز.
سمو الأمير، ان السياحة في القرية ليست سوى جولة في أروقة تاريخنا التليد المجيد، حيث انها معين لا ينضب رغم تقادم الازمنة واندثار الامكنة، بل إنها لحن جميل عزفه التاريخ في رحم المعاناة والتضحية والفقر والخوف, ان في السياحة في القرية إحياء للقرية,, صيانة لتراث عبق قديم جديد متجدد,, شهادة تاريخية على عطش الأمس وارتواء الحاضر,, إحياء لصنعة تاريخية,, حفظ لمجد سامٍ,, وجسر نفسي للاجيال اللاحقة للتجوال على مسارح كفاح اسلافها، وتقمص حقب شظف عيشها، بل وتذكر ازمات تاريخية واقتصادية وسياسية واجتماعية (اشتدت) زمنا لتنفرج وتنبلج بوطن معطاء مستقر بقيمه وقيمته.
سمو الأمير، إن في إحياء القرية حلولا لمشكلات اقتصادية وديموغرافية وبيئية: حيث لا يخفى على سموكم الكريم ان نسبة التحضر في بلادنا العزيزة قد ارتفعت من 48% عام 1397ه الى ما يقارب ال90% وفي وقتنا الحاضر، والتحضر لغير المتخصصين يعني ببساطة العيش في اماكن حضرية متطورة عمرانيا مزدحمة بشريا، سماتها التلوث والضوضاء والازعاج، وهي بالاحرى، ظاهرة سلبية طالما وصفها أستاذ جامعي أمريكي تتلمذت على يديه: ب(المدينة المريضة) ,, وعليه وحسب الاحصاءات المذكورة آنفا، فانه لم يتبق على قيد الحياة سوى ما يقارب من 10% من قرانا وهجرنا، الامر الذي ينبىء عن مشكلة مزمنة تتمثل بالهجرة الكثيفة ذات المسار الاحادي من القرى الى المدن ولسبب بسيط يكمن في توفر وسائل الطرد (قرويا) في نفس الوقت الذي تتجلى فيه عوامل الجذب (حضريا) مما يعني المزيد من (الترييف) للمدن أي نقل الريف الى المدينة وخصوصا في أطرافها إضافة الى الازدحام المرير، والتلوث، والبطالة، والتكدس، والظواهر الاخلاقية السلبية، واختناق الخدمات، والحوادث المرورية، وضعف الروابط الأسرية، (وبلاستيكية!) الماضي التليد من خلال اقامة ما يطلق عليه مجازا قرى تراثية (سياحية/ اصطناعية) هدفها الكسب المادي فقط,, وأخيرا وليس آخرا عزوف الموظفين والموظفات والمدرسين والمدرسات عن العمل في القرى، مما يترتب عليه اضطرارنا الى جلب المزيد من العمالة الأجنبية، وكما هو شائع في وقتنا هذا.
سمو الأمير,, أعرف ان للقرية حيزا كبيرا في قاموس انتمائك وولائك لهذا الصرخ الشامخ، ولذا فلا اخالك الا قائما على تفعيل (سياحة وطنية قروية) تأخذ في الحسبان ما لدى مواطن هذا البلد الكريم من ارتباط (نفسي) بالقرية,,,(سياحة وطنية قروية) من شأنها استكناه أبعاد وسبر أغوار نجاح تجربة توطين أبناء باديتنا الكرام الاعزاء على يد مؤسس هذا الكيان العزيز المغفور له الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه - وكيف ولماذا نجحت تجربة كهذه، وإلى أي مدى اخذ في الاعتبار حيثيات وقرائن زمنها مما، بالتالي، امدها بعناصر القوة للتغلب على عوامل الطرد، بل وتحويل تلك العوامل الطاردة الى عوامل جذب واستقرار ورخاء ونماء وانتماء ,, وفقك الله ياصاحب السمو ورعاك وأمدك بعونه.
**للتواصل: ص,ب 4206 رمز 11491 الرياض.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved