أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 21st May,2000العدد:10097الطبعةالاولـيالأحد 17 ,صفر 1421

الاخيــرة

لكي تراني,, ارفع رأسك إلى أعلى!
فهد العرابي الحارثي
علاقتي الروحية بخالد الفيصل بدأت منذ أن كتب دايم السيف أعذب وأجمل قصائده,, يومها كنا تلاميذ في المدارس النظامية التي تعلمنا كيف نستعد للحياة والمستقبل,, وكنا في الوقت نفسه تلاميذ في مدارس الفكر والابداع وهي كانت تعلمنا كيف نطوّر علاقتنا بالكون والأشياء.
أما علاقتي الشخصية بخالد الفيصل فقد بدأت منذ أن كنت طالباً في باريس,, إذ التقيته للمرة الأولى هناك,, فكان كما تخيلته دائماً:
كبيراً في كل شيء,,, في عقله,, في سلوكه,, في ابداعه,, وفي طموحاته.
منذ ذلك اليوم وأنا احتفظ لأبي بندر بكثير من المحبة,, وكثير من الأعجاب,, وكثير من الإكبار.
واشهد الله أن ذلك كله قد زاد، بل تضاعف مرات ومرات منذ أن اقتربت منه اكثر من ذي قبل، عندما جمعنا عمل مشترك واحد هو انشاء مؤسسة عسير للصحافة والنشر (جريدة الوطن),, اي منذ أكثر من ثلاث سنوات عندما بدأنا معاً نعدّ للدراسات التأسيسية للمشروع الكبير الذي مافتىء يتردد على خاطر خالد الفيصل حلماً جميلا من أحلامه الكثيرة الجميلة.
تعلمنا من خالد الفيصل في هذا المشروع الجرأة والإقدام والتحدي النظيف: للظروف,, والمعوقات,, والمفاجآت.
وتعلمنا منه ايضاً الصبر والأناة,, والحكمة في معالجة المواقف,, والقدرة على ابتلاع المرارات,, مهما كان حجم تلك المرارات.
وكان أهم ماتعلمناه من خالد الفيصل الإصرار على النجاح (ونحن لا نعلم بعد كيف سيكون حظنا منه) فخالد الفيصل قدم لنا ولغيرنا أمثلة كثيرة في حياته تؤكد مدى حميميته مع هذا الطموح الذي لايقوى على تحقيقه الا الرجال المؤمنون,, الأقوياء,, الأوفياء لضمائرهم وللمسؤوليات التي أنيطت بهم!
إن قصة خالد الفيصل مع النجاح قصة طويلة، بدأت في رعاية الشباب عندما كانت نواة للتفكير في مستقبل أفضل للمناشط الشبابية المختلفة، واستمرت قصة النجاح تلك في عسير عندما ضربت أروع الأمثلة لتنمية حققت أفضل المستويات مقارنة بما توافر لها من فرص وامكانات.
وقبل افتتاح الفيصلية بيومين ذهبت في معية سموه الى موقع المشروع,, كان معه الأمير خالد بن سعد رئيس نادي الشباب,, والأمير بندر بن سعود بن خالد الأمين العام لمؤسسة الملك فيصل الخيرية,, وهذا الشاب الفاعل النشط انا أسميه عين خالد الفيصل التي لا تغمض أو ترف وساعده الذي لا يتعب ولا يمل، وهو اثبت قدرة في الإدارة وفي التعامل مع التحديات كما قال عنه خالد الفيصل نفسه.
ظل خالد الفيصل يجول لمدة ساعتين بين العمال الذين ينتشرون في المشروع كالنمل,, يتابع,, ويناقش,, ويؤكد للجميع ان الافتتاح الكبير سيتم فعلا بعد يومين كما كان قد قرر له من قبل,, كنا نستمع إليه ونحن مشفقون عليه!,, فبأي معجزة سيتم الافتتاح بعد يومين وهذا النمل من العمال مايزال ينتشر في كل أرجاء المشروع,, لكننا كنا عندما نتذكر ان الذي يتحدث الينا والى جحافل العمال هو خالد الفيصل نعود فنستعيد ثقتنا في تمام الصفقة,, صفقة التحدي,, أو صفقة الإصرار على النجاح,, لأن الحلف المعقود بين خالد الفيصل وبين هذه القيم لم ينقطع قط في حياته.
سيندهش القراء كما اندهشنا نحن من قبل عندما يعلمون ان خالد الفيصل قد وقع عقد هذا المشروع العملاق الذي تبلغ تكلفته الفا وستمائة مليون ريال دون ان يكون في حساب مؤسسة الملك فيصل مما هو مرصود له مليون واحد فقط من الريالات, ثم انه فكر في المشروع ووقع عقده والكثيرون ممن حوله يعتقدون أن في ما قام به الرجل ضرباً من الخيال أو الجنون، كما يعبر هو عن ذلك، فلا الامكانات متوافرة، ولا المستقبل الاستثماري مضمون في ظل النهضة العمرانية الكبيرة التي تشهدها العاصمة وبقية مدن المملكة الكبرى, وكانت النتيجة اليوم ان اصبح جنون خالد الفيصل عقلاً وواقعاً وحقيقة,, وكانت النتيجة أيضا أن تم تأجير كامل أسواق الفيصلية قبل أن ينتهي المشروع بشهور,, كما تم تأجير 35 في المائة من البرج قبل ضربة آخر فرشاة في لوحته البديعة.
وبقيام هذا المشروع (الفريد في المنطقة العربية كلها على الأقل) تحقق لمؤسسة الملك فيصل العملاقة رافد قوي سيزيد في تمكينها من بلوغ أهدافها النبيلة التي وجدت من أجلها,, ليس فقط في مجال فتح آفاق جديدة لجائزتها العالمية ولكن أيضاً لتدشين العديد من أعمال الخير الأخرى,, في داخل بلادنا وخارجها,, فلقد استطاعت هذه المؤسسة المفخرة ان تفسح لنفسها مقعدا وفيراً في مقدمة المؤسسات الخيرية على مستوى العالم,, وهي اليوم تزداد قوة على قوتها,, وتزداد مجداً عريضاً على امجادها الاخرى التي عرفت بها.
وليسمح لي سموه ان استعير من منهجه في كلمته التي القاها في حفل توزيع الجائزة، فأقول هنا من جهتي بان لدي ثلاث كلمات أودّ قولها في هذه المناسبة، الأولى: كلمة شكر له ولمجلس الأمناء من أبناء الملك فيصل على ماقدموه لنا ولعاصمتنا ولأعمال الخير في بلادنا, والثانية: كلمة تهنئة له ولابناء الملك فيصل ايضاً على هذا الانجاز الذي سيظل كبيراً بكل المقاييس,, والثالثة: كلمة دعاء له ولابناء الملك فيصل كذلك بأن يوفقهم رب العزة والجلال الى مزيد من الاعمال الكبيرة التي فيها خير كثير ان شاء الله لبلادهم وللمسلمين جميعاً.
وقبل ان انهي هذه المقالة سأذكر للقراء الكرام انه في ختام جولتنا مع سموه في مشروع الفيصلية وقفنا جميعا تحت البرج الشاهق نتأمله ونتغنى بمفاتنه,, فقلت لسموه إنني أحس أن هذا البرج العظيم يقول لكل من ينظر إليه: لكي تراني ينبغي أن ترفع رأسك الى أعلى!! .

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved