أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 21st May,2000العدد:10097الطبعةالاولـيالأحد 17 ,صفر 1421

عزيزتـي الجزيرة

مشيراً لأهمية تكريم الرواد في بلادنا
هذه بدايات العمل الاجتماعي في محافظة الدرعية
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم روحمة الله وبركاته,, وبعد
اطلعت على ما نشر في جريدة الجزيرة مؤخرا حول تعيين صاحب السمو الملكي الامير عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالعزيز آل سعود محافظا لمحافظة الدرعية واقيم حفل رائع بمناسبة المئوية وقدوم سموه وقد كرم في الحفل الشيخ محمد بن عبدالرحمن الباهلي الذي أمضى ما يقارب الاربعين عاما اميرا للدرعية ثم محافظا لها, وكنت ممن شملهم شرف الدعوة لحضور هذا الحفل العاطر والاستماع الى ما قدم فيه من كلمات معبرة عن اهتمام الدولة بالتنميةوعن اخلاص القيادة والمسؤولين عن ادارة حركة التنمية والنهضة التي تشهدها بلادنا منذ قيام المملكة يشاركني الاعتزاز بهذه الانجازات جمهور محتشد في موقع الحفل منصت ومتابع ولقد تأثرت وغيري للكلمة التي القاها صاحب السمو متحدثا عن الشيخ الباهلي بكلمات رقيقة عبرت عن سمو أدب الامير ونبله ونقاء معدنه وتأثرت ايضا للكلمة التي القاها ابن الباهلي نيابة عن ابيه وكانت مثلا رفيعا للاخلاص والصدق مما كان عليه الشيخ الباهلي.
ولقد اعادتني هذه المناسبة الى عام 1380ه حيث كنت احد افراد فريق العمل الذي ساهم في وضع اللبنات الاولى لمسيرة التنمية الاجتماعية في المملكة والتي كان انطلاقها من الدرعية.
في هذا العام تعرفت على الشيخ محمد الباهلي وكان حينها رئيسا لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدرعية ومن اعيانها الذين كانوا يشاركون في اجتماعات الفريق، وكان الباهلي ابرزهم تجاوبا واستجابة لقبول رأي الآخر وألينهم مواجهة لهذا الهاجس الجديد الذي يطرق قرية نجدية هي منطلق الدعوة المجددة، ومنشأ المملكة وابعد المناطق عن التأثر بالثقافات المجاورة لوقوعها في قلب المملكة.
كان الدكتور صلاح العبد خبير الامم المتحدة يقود المسيرة توجيها وكنا كوكبة من الشباب من ورائه نمثل الاخصائيين الاجتماعيين ومع ما تلقيناه من تدريب في هذا المجال الا ان وعينا بالمشروع لم يكن ليتجاوز اهدافه, فقد قدمنا من مناطق متباعدة في هذه المملكة الفسيحة وكانت المشاركة الاهلية عنصرا هاما في مسار المشروع وكان الباهلي اكثر المشاركين وعيا بالمشروع وتعزيزا له فأدرك الخبير والمسؤولون اهمية الرجل لآرائه السديدة واسلوب اقناعه للمترددين في تقبل الفكرة من الاهالي، وكان بحق عنصرا هاما فيه، فهو مسؤول في الحسبة التي نعرف اهميتها في الدولة الاسلامية،وعنصر هام بصفته من مواطني الدرعية فاما ان يكون مستجيبا للجديد، او رافضا له، والرفض من طبيعة المجتمعات المحافظة الحذرة من كل جديد، ونحن نعرف اين تطرح فكرة المشروع الذي يستهدف التعليم والزراعة والصحة والحياة الاجتماعية، وصعوبة قبول العرض.
وكان الباهلي من المستجيبين للجديد، المتفاعلين مع مشروع التنمية الاجتماعية مما اختصر كثيرا من المسافات الزمنية لقيامه ولا ريب في انه واجه مواقف صعبة من المعارضين، وتكبد في سبيل ذلك عناء كثيرا منه ما يتصل باقناع الناس ومنه ما يتصل بالفريق المشرف على المشروع، فمنهم السعوديون الذين جاءوا من مناطق متباعدة ولهم خصوصية ثقافية محلية تختلف عن مجتمع الدرعية ومنهم العربي الذي يجهل طبيعة هذاالمجتمع الذي لم يألف حتى ذلك الحين استقبال العرب او غيرهم من الاجانب ولم تكن الدرعية قد انفتحت على المجتمعات المحلية فما بالك بالمجتمعات الخارجية؟
من اجل ذلك كان الدور الذي قام به الشيخ الباهلي للتقارب بين هذه المستجدات والثقافات دوراً كبيراً سهل قيام المشروع ومن ثم امتداده لمناطق ريفية اخرى فما الذي اهله لهذا الدور؟
كان الباهلي من الرجال الذين شهدوا الايام الاولى لقيام المملكةوشارك في فعالياتها وتنقل في سبيل ذلك في كثير من مناطق المملكة وادرك مسار التطور والانتقال من حالة حسنة الى حالة احسن وهو على درجة كبيرة من المعرفة الاجتماعية يعززها التعليم الديني ومحافظته على العقيدة وعلى المساهمة في توعية الناس بأمور دينهم وتقلد رئاسة هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدرعية ويتمتع ببعد نظر وفهم للاحداث الجارية وايمان بأن صلاح الانسان من صلاح نفسه وتمسكه بالدين والخلق الكريم، يغذي ذلك تجربته في الحياة وإلمامه بالتغير الذي يعزز الحياة الكريمة ويساهم في تقوية الانسان عقيدة وبنية ووعيا ومواجهة للحياة وما يطرأ على مسارها.
والشيخ الباهلي ليس متسرعا فهو ينظر في الافكار الجديدة ويمحصها فيقبل منها ما يثبت صلاحه ويرفض ما لا يكون صالحا وهو يدرك توجه الدولة وما يعزز بناءها ويساهم في تحقيق سياستها لرعاية ابنائها وخدمة مجتمعاتهم.
وكان من اوائل الصعاب التي واجهت الباهلي وساهم في إذلالها تعليم البنات ومحو الامية فلم يكن مجتمع الدرعية متقبلا تعليم البنات لو لم يكن متقبلا مكافحة الآفات الزراعية، أو ابدال مزروعات بأخرى لم تكن معروفة ولم يكن متقبلا بعض العادات الصحية الجديدة او الرياضة او زيارات الاخصائية الاجتماعية او الزائرة الصحية لارشاد الناس ولكن الباهلي تغلب على ذلك بالبدء بنفسه في تقبل كل هذه الامور فكان قدوة حسنة سرعان ما تبعه الآخرون.
وقد رأس الباهلي اللجنة الاهلية في الدرعية ورأس الجمعية التعاونية بها وهي اول جمعية تعاونية في المملكة، وعين اميرا للدرعية وكان من خلال هذه المؤسسات التي تولاها او شارك فيها كثير الاتصال بالمسؤولين ومتابعة الجهات المعنية بمشروعات التنمية معقبا ومضيفا وكان لا يتردد في المطالبة وكل مطالبه للمصلحة العامة يحدوه في ذلك الاخلاص لربه ولقيادة هذا الوطن وللوطن والناس.
ولقد كرم الباهلي رائدا اجتماعيا على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وها هو يكرم ذلك المساء بعد ان امضى عمرا طويلا وهبه لوطنه وقيادته.
هذه لمحة خاطفة عن الباهلي استلهمتها من صحبة قصيرة معه ولكم ان تتصوروا شخصية الباهلي ووعيه وجهوده من اجل دينه ومجتمعه ولكم ان تقدروا العناء الذي لقيه في سبيل تحقيق انجازات كبيرة للدرعية كان للباهلي دور في تحقيقها.
والباهلي شخصية فريدة وعيا ونظرة ينبغي الا تمر تجربته دون تدوين ففيها قدوة حسنة وفيها امثلة للمواطنة الصالحة ومنها تقتبس الاجيال الاسوة الحسنة فعسى ان يهب لذلك ذوو معرفة تامة بهذه السيرة الطيبة والشخصية العزيزة.
اطال الله عمر الباهلي ممتعا بالصحة وموفقا لما يحب ويرضى.
عبدالرحيم مطلق الاحمدي
الدرعية

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved