أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 22nd May,2000العدد:10098الطبعةالاولـيالأثنين 18 ,صفر 1421

مقـالات

مشاهدة التلفزيون والتحصيل المدرسي
د, زيد بن محمد البتال*
مقدمة: لاشك ان النشأة والترعرع في معيَّة التلفزيون من المستجدات التي طرأت على حياة البشر حديثا؛ حيث تقتني الأسرة العادية، على سبيل المثال، جهازاً واحداً أو اكثر، وتقضي عددا من الساعات يوميا في مشاهدته, أما الأطفال، فإنهم يتسمرون أمام شاشة هذا الجهاز لفترات طويلة في اليوم, ففي إحدى الدراسات في الولايات المتحدة الامريكية، حول المدة المستغرقة في مشاهدة التلفزيون، وُجد أن الأسرة تقضي حوالي 6,5 ساعة بينما يقضي الأطفال حوالي 4,18 ساعة يومياً في مشاهدة التلفزيون (1) , في بلادنا ليست هناك إحصائيات دقيقة حسب علم الباحث حول هذا الموضوع وإن كانت الفترات المستغرقة في مشاهدة التلفزيون ستكون مقاربة لنتائج هذه الدراسة إن لم تزد عليها؛ وهي ولاشك مدة طويلة تفوق ما يقضيه الأطفال من وقت مع آبائهم أو أقرانهم أو معلميهم أو مع دروسهم؛ مما يدل على الأثر البالغ للتلفزيون في حياة الاطفال والناشئة, ومن هذا المنطلق، فقط اصبح تاثير مشاهدة التلفزيون على الأداء الدراسي للأطفال محور اهتمام وموضوع بحث من قبل المعنيين، حيث يكثر السؤال عن العلاقة بين التحصيل المدرسي ومشاهدة التلفزيون.
للإجابة على هذا السؤال، ستتطرق هذه المقالة إلى العلاقة المذكورة، وتقف على معالمها، من خلال المسح الأدبي الشامل لمجمل ما كُتبَ في هذا الموضوع.
نتائج الدراسات ذات العلاقة:
هنالك مدرستان فكريتان حول مشاهدة التلفزيون والتحصيل المدرسي لدى الأطفال: في إحداهما، يعتقد الباحثون ان طفل اليوم يمتلك حصيلة من المعلومات تفوق ما كان لدى أقرانه سابقاً، وينسبون الفضل في ذلك الى وجود جهاز التلفزيون، والذي غدا بمقدوره أن يجلب العالم وأناسه بأكملهم الى المنزل؛ مما يمكن التلميذ من أن يصبح أكثر إلماماً بأكبر قدر من المعارف، ويضحي أوسع أفقاً، ويمسي أشد إدراكاً ووعياً ودراية بالتاريخ والثقافة, وبالمقابل، يحتج العلماء في المدرسة الفكرية الأخرى بأن التلفزيون يغرس بذور النمو والتطور الفكري على المستوى الاجتماعي بشكل عام؛ مما يحول دون تشجيع الأطفال على القراءة، ويودي بمهارات التركيز لديهم، فتصبح أثراً بعد عين (2),
ومن ناحية أخرى، فقد اشار عدد من الباحثين إلى سلبية العلاقة بين مشاهدة التلفزيون والتحصيل الدراسي، حيث ان درجات التحصيل لدى التلاميذ الذين يشاهدون التلزيون لمدة تزيد على ست ساعات في اليوم تكون متدنية بصورة ملحوظة؛ كما ان هنالك دليلا على وجود علاقة قوية بين المدة المستغرقة في مشاهدة التلفزيون من جهة، والتحصيل الدراسي من جهة أخرى, ومؤدَّى هذه العلاقة، أن الزيادة في الوقت المستغرق في مشاهدة التلفزيون تكون حتماً على حساب الوقت الذي يفترض قضاؤه في قراءة الكتب؛ حيث ان طول فترة المشاهدة يعني قصر مدة القراءة، ومن ثم تدني معدل درجات الاختبارات التحصيلية, ذلك أن الأطفال الذين أمضوا مزيداً من الوقت في مشاهدة التلفاز كانوا أقل كفاءة في التحصيل الدراسي الكلي مقارنة مع أقرانهم الذين قضوا وقتاً أقل في المشاهدة (3) .
وفي تحقيق شمل تلاميذ المرحلة الابتدائية، لوحظ أن ثمة علاقة سلبية بين التحصيل ومشاهدة التلفزيون؛ إذ ان انخفاض متوسط الوقت المنقضي في المشاهدة يقابله ارتفاع في درجات نتائج الاختبارات التحصيلية، والعكس صحيح (4) , أيضاً أشير الى ما يفيد بوجود ارتباط وثيق بين الإفراط في مشاهدة التلفزيون وتدني درجات التحصيل، وبصفة خاصة في مجال القراءة واستيعاب المواد المقروءة، حيث يكون التأثير أعمق وأبعد مدى (2) .
ولعل من العجيب حقاً أن الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون بصورة معتدلة نسبياً يحرزون درجات تحصيل أعلى مما يحرزه من يمضون وقتاً أقل في المشاهدة, ففي مجال القراءة والرياضيات مثلاً، لوحظ أن الدرجات المتحصلة كانت أعلى نسبياً لدى من أمضوا ما بين ساعة الى ساعتين في اليوم في مشاهدة التلفزيون، مقارنة مع من أمضوا مدة أقل أو أطول في المشاهدة؛ فلا غرو إذن أن يشير البحث الى ان تأثير التلفزيون على التحصيل الدراسي يتوقف على مدة المشاهدة، طولاً وقصراً، وان المشاهدة لمدة تصل إلى عشر ساعات في الأسبوع من شأنها تعزيز التحصيل ورفع معدلاته بصورة طفيفة, أما عند زيادة زمن المشاهدة على عشرة ساعات، فإن معدلات التحصيل تتناقص وتتضاءل.
وأما عند المشاهدة لمدة تصل إلى خمس وثلاثين أو أربعين ساعة فأكثر في الأسبوع، فإن التأثير لاشك سوف يكون كبيرا (4) .
وخلافاً لما سبق يشير عدد من الدراسات الأخرى على أن لا علاقة البتَّة بين مشاهدة التلفزيون والتحصيل الدراسي, أي عدم وجود علاقة واضحة بين عدد الساعات التي يمضيها التلاميذ في مشاهدة التلفزيون ومستواهم في المدرسة, علاوة على ما تقدم، يلحُ بعض الباحثين بإصرار على ان درجة التحصيل لا علاقة لها بعدد الساعات التي يمضيها الأطفال في مشاهدة التلفزيون (5) .
ولاشك في أن مشاهدة التلفزيون تؤثر على الأطفال من عدة أوجه، وذلك حسب درجات الذكاء، وكذلك نوعية ومستوى البرامج التلفزيونية المشاهدة؛ حيث يمكن للقائمين على التلفزيون أن يفكروا في تقديم بعض المعلومات وثيقة الصلة بالنجاح في الدراسة، مثل البرامج حول استخدام اللغة الانجليزية، الرياضيات، اللغة العربية,, الخ, والذي ولا شك سينعكس إيجاباً على أداء التلاميذ الأكاديمي.
وتجدر الإشارة هنا بصفة خاصة إلى ان معارف التلاميذ، وربما مهاراتهم، سوف تتحسن وتتطور باطراد عند مشاهدة البرامج التلفزيونية ذات الجودة العالية والمستوى الرفيع (6) , لأن التلفزيون يقدم تشكيلة واسعة من المعارف والمعلومات المختلفة والمتنوعة فإنه يفترض ان يستفاد من هذا الجهاز في زيادة فرص التعلم وإثراء المعلومات, وعلى اية حال، يلاحظ ان معظم البرامج التلفزيونية من النوع رديء المستوى ومنخفض الجودة, ولعل هذا النوع من البرامج هو الذي أفضى بصفة عامة الى العلاقة السلبية التي توجد عادة بين عدد الساعات المنقضية في مشاهدة التلفزيون والتحصيل الدراسي.
ولا ريب ان العلاقة بين مشاهدة التلفزيون والتحصيل الدراسي معقدة جدا, فقد أسفرت أغلب الدراسات التي اجريت في هذا الخصوص عن وجود علاقة سلبية بين عدد الساعات المستغرقة في مشاهدة التلفزيون والتحصيل الدراسي, وعلى نقيض ذلك كشف باحثون آخرون عن وجود علاقة إيجابية بين المشاهدة والتحصيل أو لم يقفوا على أي علاقة بينهما إطلاقاً, وعلى كل حال، فإن معظم الباحثين الذين استعرضوا مجموع ما دوّن في هذا الموضوع يصرّون على وجود علاقة سلبية بين ازدياد عدد الساعات المستغرقة في مشاهدة التلفزيون والتحصيل المدرسي (6) .
يتضح بما لا يدع مجالاً للشك ان العلاقة بين مشاهدة التلفزيون والتحصيل الدراسي تتأثر بشدة بمستوى المشاهدة ككل؛ إذ تتغير هذه العلاقة تبعاً لمختلف مستويات المشاهدة ومعدلات الوقت المستغرق فيها, وعليه، فان العلاقة قد تكون إيجابية، أو قد لا توجد بالمرة، عند انخفاض عدد ساعات المشاهدة في حين لا تصبح العلاقة بين المشاهدة والتحصيل سلبية جدا الا في حالات المشاهدة بمعدلات عالية فقط، أي المشاهدة التي تطول مدتها ويزداد عدد ساعاتها.
الخاتمة:
على ضوء ما تقدم، يمكن القول انه يبدو ان هنالك حدودا، او فترات محددة threshold، لمشاهدة الأطفال للتلفزيون؛ وان تجاوز هذه الحدود يعني ان المشاهدة ستكون على حساب الوقت الذي يفترض قضاؤه في الدراسة؛ ولذلك تصبح المشاهدة ذات تأثير سلبي على الدراسة, اما مشاهدة التلفزيون لمدة تقل عن الحدود المنوه عنها آنفاً، فإنها لا تكون على حساب وقت الدراسة، وبالتالي ترتبط إيجابياً بالتحسن في مستوى التحصيل الدراسي.
*المراجع:
1. Moody, k. )1980(. Growing up on Television. New York: The New York Times Book Co., Inc.
2. Morgan, M., @ Gross, L. )1990(. Television Viewing, IQ, and Academic Achievement Journal of Broadcasting, 124, 117 - 33.
3. Ifetler, Mark. )1984(. Television viewing and school achievement. Journal of Communiction, 34, 104 - 18.
4. Williams, P. A. Haertel, E. H., Haertel, G. D., and Walberg, H. J. )1982(. The impact of leisure - time television on school Learning: A research Synthesis. American Educational Research Journal, 19, 19 - 37.
5. Childers, P. R. )1993(. The relationship betwen viewig television and student Achievement. The Journal of Dducation Research, 6, 317 - 19.
6. Potter, W. J. )1987(. Does televison viewing hinder acdemic achievement among adolescents? Human communication Research, 20, 27 - 44..
كلية التربية جامعة الملك سعود

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved