أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 25th May,2000العدد:10101الطبعةالاولـيالخميس 21 ,صفر 1421

الثقافية

أن تكتب ,,!؟
منصور الجهني
عندما تكتب، فأنت تتعرى أمام الآخرين لا أتذكر اين قرأت هذه الجملة وباي صيغة، ولا اتذكر الكاتب ايضا، لكنني دائما المس صدقية هذه الرؤية تجاه الكتابة، فالكتابة تعرية للذات والآخر، كشف للمستور والمغطى، إضاءة للمعتم، ابراز للمغمور والهامشي، الكتابة حفر في العمق، عمق الذاكرة، الجسد، الارض، الحقيقة.
الكتابة قول مالايقال، رؤية مالايرى، من هنا تأتي اهمية الكتابة وتأتي اشكالية الكتابة ايضا، باعتبارها فعلا مضادا لكل حالات السكون والتعمية، فالكتابة تمثل الضوء الذي يكشف وينير، وهذا الكشف بدوره يستدعي السير، والابحار والتقدم وجميع اشكال الغور والاستكشاف والمغامرة، بما تشكله من كشف وإزعاج وخلخلة لماهو راكد ومطفأ، وفضح لما هو زائف،واختراق لكل المتاريس التي يتحصن خلفها تجار الوهم، مدججين بكل وسائل الاقصاء،خوفا من ضوء الكتابة الذي يعري الزيف ويكشف الحقائق، ولن يجد هؤلاء وسيلة لمواجهة الكتابة افضل من نقيضها، اي المسح والإلغاء، لكن المشكلة التي لايدركها هؤلاء، أن مجال الكتابة ليس الورق،وأن الكتابة تخلق دائما مجالها الخاص، وزمنها الخاص وانه لايمكن احتواؤها او السيطرة عليها،وان محاولة الغاء الكتابة او اقصائها من خلال الرقابة، تمنحها كثافة اخرى، وتطلقها بشكل اقوى.
الكتابة تجريد للاشياء، عودة بها الى هيئتها البدائية، الى ماقبل ورقة التوت، حالة العري الاولى، أو الولادة وذلك لمنحها فرصة اخرى للتجدد والانطلاق،بعيداً عن اقفاص المعنى، وقيود الممكن، على اعتبار ان هناك دائما اكثر من معنى واحد واكثر من رؤية واحدة، مما يساهم في استثارة الساكن، وتحريض الواقع، او اغرائه من خلال فتح نوافذ عديدة في الجدار، وبالتالي رؤية المشهد باكثر من صورة، مما يستدعي بدوره تعدد الرؤى والافكار والتصورات، بدلاً من الوقوف امام صلابة الجدار، والاكتفاء بقراءة مايعلّق عليه من لافتات، او النظر من خلال ثقب وحيد فيه لايرينا من المشهد الاما يريد، وبما لايمثل كل الحقيقة.
من هنا ايضا تأتي اهمية الكتابة باعتبارها ازاحة لكل العوائق التي تمنع الرؤية، باعتبارها رؤية تتجاوز العوائق.
الكتابة لاتعري لمجرد الفضح ، لكنها تمارس تحققها من خلال اعادة تشكيل الواقع، بعيداً عن نمطية الصورة، التي يحاول البعض تكريسها، باعتبارهم فقط من يملكون الحقيقة, ان العودة إلى نقطة البداية او الماقبل، تتيح مجالاً لاينتهي من الاحتمالات، التي تقاربها الكتابة من خلال وظيفتها الاستشرافية، التي اكتسبت من خلالها مشروعية التسمية (كتابة).

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved