أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 28th May,2000العدد:10104الطبعةالاولـيالأحد 24 ,صفر 1421

مقـالات

القرن الأفريقي إلى أين؟
سلمان بن محمد العُمري
منطقة القرن الافريقي هي المنطقة الواقعة في شرق افريقيا، وتأخذ شكل القرن جغرافياً، وتحدها بحار هي: البحر الاحمر، وبحر العرب، والمحيط الهندي، كما تجاور دولا اخرى متداخلة معها مثل السودان، وكينيا، وتشتمل بشكل اساسي على اربع دول هي: أثيوبيا (او ما كان يسمى بالحبشة)، وارتيريا، والصومال (الذي اصبح عددا من الصومالات) وجيبوتي، ومعظم سكان هذه المنطقة الذين يتجاوزون السبعين مليونا من المسلمين، فالصومال يعتبر بلدا مسلما، وارتيريا 90% من سكانها مسلمون، واثيوبيا يشكل المسلمون 60% من سكانها، وجيبوتي تعتبر بلدا مسلما، كما ان العرب يشكلون غالبية السكان في ثلاثة بلدان منها هي الصومال واريتريا وجيبوتي، وبلدان منها هما عضوان في جامعة الدول العربية هما: الصومال وارتيريا.
ومنطقة القرن الافريقي هامة استراتيجيا، وجغرافيا لاسباب واقعية عديدة، فهي تشكل الشاطىء الجنوبي من شواطىء البحر الاحمر من جهة الغرب، وهي التي تطل على مضيق باب المندب، ولا يفصلها عن الجزيرة العربية سوى البحر الاحمر، كما ان في هضبة الحبشة الكثير من منابع النيل، عدا عن الثقل الديموغرافي الذي تشكله تلك البلدان.
لقد كانت علاقة الاسلام بمنطقة القرن الافريقي قديمة وعريقة قدم الدعوة الاسلامية، حيث كانت الهجرة الاولى للمسلمين الى بلاد الحبشة حفاظا على دينهم.
ورغم كل الميزات التاريخية، والجغرافية، والاقتصادية، والديموغرافية (السكانية) لهذه البلدان، إلا انها ابتليت وعلى كافة الصعد بحيث اضحت من افقر بلاد العالم على الاطلاق، واكثرها تعرضا للكوارث، والنكبات.
لقد ابتليت تلك الشعوب بقيادات متعطشة للسلطة، فتكونت الحكومات تلو الحكومات، وحصلت الحروب الاهلية، والحروب البينية فيما بين تلك الدول، فالحرب الصومالية مثال لن ينساه العالم، وكذلك الحرب الصومالية الاثيوبية، والاثيوبية الارتيرية التي استمرت ثلاثين عاما، تلاها استقلال ارتيريا، وعادت لتطل من جديد بشكل كارثي في هذه المرة، والحرب على الحدود بين ارتيريا واثيوبيا والسودان، والحرب داخل اثيوبيا نفسها في بعض الاقاليم مثل اوغادين، وكذلك الصراعات ضمن كل بلد.
وزاد الأمر شدة بانتشار الجفاف عاما تلو عام، مما خلف وراءه حصادا للارواح، وهلاكا ودمارا لتلك البلاد، وكذلك انتشرت الامراض، ومنها الايدز بأرقام خيالية، ونتائجها لاتخفى على احد!
وعدا ذلك فقد ابتليت تلك البلدان بحكومات لايمكن وصفها إلا بقلة ادراك المسؤولية، وفقدان الحس لشعبها، اما قصدا او بدون قصد، فكيف بها تدير حروبا طاحنة، وهي بحاجة لنقطة الماء ولقمة الخبز؟ لقد اصبحت الارواح هناك من ارخص الاشياء، لا بل من الاشياء عديمة الثمن.
ولا ننسى ان المسلمين هناك مغلوبون على امرهم، سواء كانت حكوماتهم باسماء مسلمة ام باسماء من ديانات اخرى فمعلوم ان ارتيريا واثيوبيا تديرهما حكومتان بطابع ليس مسلما رغم ان الشعب مسلم في غالبيته.
لقد كان من نتاج ذلك الوضع البالغ السوء، ان وصلت الكارثة حدها الاقصى ووصلت الآن مرحلة الهلاك البشري، حيث ان هناك حوالي 10 ملايين شخص الآن غالبيتهم العظمى من المسلمين ينتظرون مصيرا لا يحسدون عليه من الجوع، والفقر، وانتشار الاوبئة، والوفيات بتزايد، في كل يوم، منهم ثمانية ملايين في اثيوبيا وحدها، والبلاد هناك وكأن شيئا لم يحصل، والعالم العربي والاسلامي في غفلة عن هذا، والمجتمع الدولي يستمتع بمنظر المأساة تلو المأساة.
والوضع في احسن الظروف مناسب للاستغلال من قبل الهيئات والجماعات التي تصطاد في المياه العكرة، من امثال هيئات التنصير وماشابهها فقد خلت لها الساحات، وتكفي لقمة الخبز لكي تجعل المسلم يعتنق دينا آخر والعياذ بالله وبدأ العمل على قدم وساق لتنصير تلك البلدان وخصوصا انها تقع على شاطىء البحر الاحمر الغربي، لايفصلها الا ذلك البحر عن البقاع المقدسة.
ايضا كانت الدولة العبرية من الناشطين هناك ولا تخفى بصماتها وآثارها في الصراعات ، والحروب هناك، فهي تسعى لكي تجعل لها قواعد ثابتة في تلك المنطقة بحيث يصبح البحر الاحمر محمية اسرائيلية.
وفي وسط هذا الظلام هبت المملكة العربية السعودية يحفظها الله بقيادة حكومة خادم الحرمين الشريفين ايده الله وكعادتها لانقاذ الوضع، وجاءت البداية بتبرع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود بمليون ريال لصالح منكوبي المجاعة في اثيوبيا، وتلك فاتحة الباب لتبرعات قادمة باذن الله وداعية الامة لكي تقوم بواجبها ازاء ما يجري في منطقة القرن، وخصوصا ان النتائج التي ستحصل ان لم يتم تدارك الوضع هي سيئة بالطبع، ليس فقط على منطقة القرن وانما على كل البلاد الاسلامية.
اننا اولى بمد يد المساعدة من تلك الهيئات المشبوهة التي اصبحت تسرح، وتمرح في تلك البقعة من العالم، والتي اصبحت تسعى لتنفيذ أهدافها ومآربها في وضح النهار,اننا يجب ان نستذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
انه جهاد حقيقي ان نهب لنصرة اخواننا هناك ولو بالقليل، فاجتماع القليل كثير باذن الله وانها لدعوة مفتوحة للعمل من اجل الا يصبح الاسلام غريبا في منطقة القرن الافريقي، والله من وراء القصد.
alomari 1420 @ yahoo. com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved