أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 29th May,2000العدد:10105الطبعةالاولـيالأثنين 25 ,صفر 1421

مقـالات

بالرغم من ذلك
من يجلو ضبابية القيم؟
د, محمد الكثيري
قد يسأل سائل: وما هي علاقة من يكتب في موضوعات الإدارة والاقتصاد وهموم الشركات وشجونها بالقيم حاضرة كانت أو غائبة؟ ولكن السؤال الأصح هو؛ هل هناك إدارة أو اقتصاد أو طب أو تربية بدون قيم؟ ولأنني سأتحدث هنا عن ناحية مهنية فإنني ارغب في طرح السؤال بطريقة مختلفة وهو سؤال يدور حول مدى حاجتنا الى توفر المهارات الفنية والمعارف العلمية أم الى القيم والمبادىء التي تساهم في إنجاح أدائنا لأعمالنا؟ وبالرغم من أهمية الأولى، إلا أن وضوحها وسهولة إيجادها يدعونا الى طرح السؤال بطريقة أخرى لنسأل عن مدى أهمية توافر القيم والمبادىء التي تمكن الإنسان، أيّاً كان موقعه، من التمييز بين الصح والخطأ وبين المقبول والمرفوض,
إن المتأمل في سلوك الكثير منا يجد أن هناك ضبابية في الرؤية، بل وخلطاً بين الكثير من الأمور وصعوبة في إدراك المقبول والمرفوض، بل وفي مرات كثيرة غياب الوعي بأهمية البحث عن الصحيح, وبالتالي تكون المخرجات النهائية ممارسة مشوهة ونتائج مهزوزة, إن ضرورة أن يتوفر لدى الشخص أي شخص قيم ومبادىء تفرق بين الصح والخطأ وبين المسموح والممنوع أمر ضروري، بل ركيزة أساسية للدور الذي يلعبه ذلك الشخص في الحياة، أيّاً كان موقعه الوظيفي وأيّاً كان وجوده الزماني,ولكن الصعوبة تكمن في أن تلك القيم والمبادىء تنشأ نتيجة تراكم زمني وتداخل عوامل مؤسساتية كثيرة يأتي في مقدمتها البيت والمدرسة والمسجد والشارع وغيرها, وحينما تخفق تلك المؤسسات في إدراك أهمية زرع القيم الإيجابية أو تساهم مع الأسف في خلق قيم متضاربة بل وغير واضحة تكون النتيجة مخرجات سلوكية شبيهة بتلك القيم التي تحركها,
إنني هنا لن أتحدث عن الوقت أو الإنتاجية مثلا كقيمتين ضروريتين لأداء الأعمال المناطة بنا, لأن الموضوع أبعد من ذلك، وما الاهتمام بالوقت والعناية بالإنتاجية إلا نتيجة لكثير من الاعتقادات المترسبة في الأذهان, إن نظرتنا لكافة الأمور والتعامل مع الحياة ومتطلباتها والقدرة على الفصل بين الصح والخطأ أمور تحتاج الى مراجعة, فهي أمور تعاني من الغبش أو العمى في أحيان كثيرة,
ولأن طلاب الجامعة يمثلون عينة جيدة للحكم على المجتمع لأنهم نتاج ذلك المجتمع ومستقبله في نفس الوقت، فإن المتأمل في أحوال الكثير منهم يلمس ضبابية في القيم والمبادىء التي يحملونها, بل وفي أحيان كثيرة فقدان تلك المبادىء والقيم المطلوبة للتعامل مع الحياة، فالاستهتار والتهاون والخلط بين الألوان ممارسات يومية لدى الكثير منهم, وللدلالة على ذلك اقرؤوا هذه المناشدة التي كتبها أحد الطلبة في ورقة إجابته لدى أحد الزملاء وهو بالمناسبة ليس الوحيد الذي يمارس ذلك السلوك، بل معه الكثيرون الذين يشاركونه الممارسة كتابياً أو شفوياً,
تقول المناشدة التي احتلت الجزء الأعلى من الصفحة الأولى من ورقة الإجابة )يا دكتور: أنا آسف لأني كتبت هذه الأسطر ولكني لم أكتبها إلا لحاجتي الشديدة، الله يخلّيك يا دكتور ويوفقك, إن هذا الطالب وغيره ضحايا لمجتمع لا يسعى جاداً لزرع القيم والمبادىء السليمة في أبنائه وذلك من خلال مؤسساته المتعددة، فالمجتمع الذي لا تتوفر لدى أبنائه قيم تميِّز بين الصح والخطأ وبين المقبول والمرفوض، بل ولا يسعى الى غرس قيم إيجابية في أبنائه سيظل مجتمعاً متخلفاً بسبب انعدام الرؤية الصحيحة لابنائه والتي تمثل في مجموعها رؤية المجتمع ككل,
وقفة:
عند بوابة إحدى المستشفيات التي تمنع دخول الأطفال دون سنٍّ معينة لزيارة المرضى المنوّمين طلب الأب من ابنه أن يلتف في عباءة أمه )ويزرق( متخفياً كي لا يراه الموظف المسئول!! وبالرغم من أن الأمر لا يحتاج الى تعليق إلا أن السؤال الذي يقفز هنا هو كيف سيكون حال ذلك الطفل ومثله الكثير مع النظام ومع القيم والمبادىء التي تحكم المجتمع بصفة عامة؟!,

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved