|
| عزيزتـي الجزيرة
إن الإحساس بالجمال، أمرٌ فطري، تميل إليه النفس بلا تكلف، ونلمس هذا الجمال ونراه في براءة طفلٍ جميل,, في ورقةٍ تسقط من غصنها في فصل الخريف,, في زقزقةِ عصفورٍ يدس جسمه النحيل بين الأغصان,, في أسراب فراشٍ أنيق,, في نحلةٍ تختبر ريق زهرة,, في لمسة حنان من يد أمٍ رؤوم,, في تسبيحةِ طيرٍ عند بزوغ الفجر,, عند سماع قصفِ الرعود في ليلةٍ شديدةِ المطر,, في عبق وردٍ يتفتح أوائل فصل الربيع,, في نظرةٍ إلى النجومِ في المساء,.
إنه إبداع وصنع الخالق (صنع الله الذي أتقن كل شيء) (النمل آية88)، لكن وصف الجمال لا يتوقف عند هذا الحد، لأن هناك الجمال الكامن المتمثل في الصفات المعنوية كالإيمان وهو محل نظر الله سبحانه وتعالى، كما جاء في الحديث الصحيح: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) رواه مسلم.
وهذا الجمال الكامن ينعكس على الصورة الظاهرة فيكسبها جمالاً وبهاءً.
والجمال لا يتأتى الاستمتاع به، إلا في حدود قدرة المرء على اكتشاف بعده الداخلي، فالناظر إلى لوحة (الموناليزا) مثلاً يتولّد لديه الإحساس بجمالها، بقدر ما تترجمه عينه ونفسه من معانٍ، وأبعاد جمالية لهذه اللوحة, ومن يصغ إلى سماع إحدى المعلقات يتفجر إعجابه بها حسب ما تسمح به قدرته على استيعاب
تفاصيل الجمال لديه.
ليس الجمال بمئزرٍ فاعلم وإن رُديت بُردا إن الجمال معادنٌ ومناقب أورثن حمدا |
يقول الغزالي: اعلم أن الحسن والجمال موجود في غير المحسوسات، إذ يقال هذا خلقٌ حسن وهذا علمٌ حسن، وهذه سيرةٌ حسنه، وهذه أخلاقٌ جميلة.
إن المرأة الموشحة بالخمار والحلل لا بد لكي تكتمل صورتها الجميلة أن تسكن الحشمة قلبها ويمتزج سلوكها بالعفة والطهارة، وأن يتدفق اللطف من شفتيها وقد أجاد الشاعر حين قال:
قضاعية الكعبين كندية الحشا خزاعية الأطراف طائية الفم لها حكم لقمان وصورة يوسف ومنطق داود وعفّة مريم |
أحمد علي العبدالعزيز الأحمد الرياض
|
|
|
|
|
