أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 30th May,2000العدد:10106الطبعةالاولـيالثلاثاء 26 ,صفر 1421

الاخيــرة

ذكريات وأحاسيس
بعض المواقف الطريفة (4)
عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس
بالرغم من ان كل ذكرياته وأحاسيسه صَبَّها في قالب حوار ودوار بينه وبين ذاته إلا ان خواطره الأخيرة كانت تحمل مجادلات وحوارات نفسية على صور قصصية يستعصي احيانا على القارىء غير المتأمل ان يستخلص منها النتائج أو يقبض على رقابها، كما هي مجسدة في ذهن كاتبها إلا بعد تتبع وامعان نظر.
يتشاجر ابو عبدالمحسن مع ذكرياته وأحاسيسه الممتدة من طفولته الى شيخوخته في الثمانين وما بعدها مرات بالتودد إليها ومرات أكثر بمحاولة النفور منها ما لم تحقق له فتحا جديدا على عامل المثاليات التي ينشدها والتفكير الذي يدلج به الى تطهير النفس من أدواتها، فهو عربي مسلم وهذا ما يلقي عليه تبعات عظمى تجاه عروبته ودينه صحيح اني العربي وأني المسلم؟.
وأن ما معي هي العروبة وهي الإسلام من المحيط الى الخليج؟ تساؤل لا يجيب عنه يومي هذا ولا عصري هذا, الجواب قاله نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقاله الصديق وقاله الفاروق وقاله قتيبة بن مسلم من أقاصي آسيا وقاله طارق بن زياد وموسى بن نصير من فوق تراب اوروبا,, إذاً من أنا؟ انا اليوم مَدُّ غُثاء وزبده مَنفِيٌ على جنبات الوادي العربي هكذا قلقي وهكذا ضجري وهكذا سيري بنفس تائهة تبحث لها عن مكان تستريح فيه,, لا أدري متى تخلص النفس من عذابها ومن بيت بناه لي (النفط) الى بيت تلتقي عليه كل البشرية؟ , ص31.
هل هذا من الطموح الممكن حدوثه في واقع الشيخ عبدالعزيز او واقع غيره من الناس؟
أنا لا اعتقد ذلك، هي مجرد أحلام وأمنيات وهي والله أعلم لن تقع أبدا,, بعد ان عاشت واقعا في عالم الإسلام إبان ازدهاره ولن تعود,, إلا ان يشاء الله, ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم .
* * *
من أطرف ذكريات الشيخ ابي عبدالمحسن في خاطرته (على الغد التقينا) انه خرج ورفاقه الى الصحراء وعاشوا أيام عيد مع احدى القبائل العربية الكريمة، وكان من عادة البدويات في مثل هذه المناسبة (الرقص) امام الرجال والنساء سواء,, كاشفات الوجوه والشعور، ولعله راقص احداهن، وهو حينذاك في طور المراهقة ابن خمسة عشر عاما جمل معها القربة، واطمأن إليها نبح عنده الجرو الصغير فوضع يده على رقبتها يريد تقبيلها ما كان منها إلا ان صكت وجهه بضربة عنيفة من مرفقها الذي تلبس عليه اسوارة ثقيلة من الفضة,, فجرحت جبهته وسال الدم غزيرا منها,, ثم هدأت ثورتها فقامت تعصب الشجة في جبهته وهي تقول له كدرس عملي، اذا رجعت الى أمك فانظر وجهك في مرآتها,, وتذكر هذا الذي حدث لك,, وليكن وقاية لك من العبث, ص 113.
أكيد انه قد سُرَّ بموقف البنت هذا كدليل على عفتها وكرامتها,, ولذلك علقت به وعلق بها على تباعد طويل في الزمان والمكان,, وكان ان تزوجها وعاشا سعيدين ولكن لمدة عام واحد حيث فرق بينهما هادم اللذات ومفرق الأحباب والجماعات, ولا زال يتذكر غيرتها على كرامتها وكرامته، هو كذلك إذ لو انها تركت لمراهقته العنان لما حفظ كل منهما لصاحبه ذلك الحب الطاهر والذي آل الى اللقاء بينهما على الوجه المشروع الشريف.
* * *
وقصة طريفة اخرى يحكيها الشيخ التويجري وليس طرفا فيها.
بدوية وردت بغنمها على الغدير فوجدت رجلا جالسا على حافته فطارحته الغزل او طارحها، فعلق بها ولم تعلق به، ذهب الى أهلها فعقدوا له القران عليها فنفرت من ذلك وتمردت على الأهل,, لان قلبها معلق بآخر,, أخذت عباءتها وقربتها وتوجهت الى البئر,, والناس حضور حوله بعد العصر,, وقفت على البئر ثم قالت: وداعا ياعرب,, ورمت بنفسها في البئر,, صاحت العشيرة وناحت النائحات عليها,, فلما نزلوا الى قاع البئر العميقة جدا وجدوها كأنما اقعدها مقعد,, سألوها عن حالها قالت أنا سليمة ولكن قلبي جريح,, ولن اخرج من هذا البئر,, نزل زوجها الذي أرغمت عليه فاخرجها ثم اعلن في الحال طلاقها فقال شاعر القبيلة:


يازين سلم للبني قدته سارة
من بلي بالروح يمشي مماشيها
جت تخطى العصر للموت مختارة
وطبحت في اللي طوال مناحيها
بنت هيف الضان ما هي بعبارة
عافت الدنيا وأهلها وغاليها

ويريد الشيخ عبدالعزيز التويجري من ايراد هذه القصة التنبيه الى ان قسوة هذا الاحتجاج من سارة على أهلها الذين اجبروها على ما لم ترده وجوب إعطاء المرأة حقوقها كاملة فيما شرعه الله لها من حرية الاختيار كالرضى بالزوج من قبلها هي وموافقتها عليه دون اجبار من احد,, فالزواج عشرة عمر,, فمن ذا الذي يقوى على معايشة من لا يحبه طيلة عمره؟
والى اللقاء مع الكتاب القادم إن شاء الله تعالى.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved