أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 31th May,2000العدد:10107الطبعةالاولـيالاربعاء 27 ,صفر 1421

ملحق الوقف بالقرائن

الوقف بالقرائن بين التاريخ والجغرافيا والحضارة
* كتب - محمد المنيع
الوقف بالقرائن إحدى مدينتي القرائن (الوقف - وغسلة) وهذه المدينة الوادعة على ضفاف العنبري تستنشق عبق التاريخ وروح الماضي وهدوءه وجمال الحاضر المشرق الأخاذ في ظل هذه الدولة الفتية التي حولت حياة تلك المدن والقرى إلى مدن مثالية في الخدمات والتطور والتكامل والتأصيل.
ولكن دعونا نبحر في لمحة موجزة عن هذه البلدة لنتعرف على ملامحها وبعض جوانبها التاريخية:
يقول ياقوت الحموي:
القرينتان هضبتان طويلتان في بلاد بني نمير.
وورد في عنوان المجد في تاريخ نجد اسم القرائن عدة مرات منها:
1- وفي سنة 1229ه:
(تم عزله وجعل مكانه عبدالكريم بن معيقل من أهل قراين الوشم).
2- في ترجمة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الحصين يقول: (أخذ الفقه في صغره عن إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن الشيخ محمد بن إسماعيل قاضي بلد القراين في ناحية الوشم).
3- وفي سنة 1170ه يقول:
(كانت وقعة القراين البلد المعروفة في الوشم) ثم يمضي في حديثه عن الوقعة إلى أن قال: (وحصروهم في القراين عشرين يوماً).
4- وفي سنة 1176ه يقول:
وفيها أخذ أهل أشيقر وأهل أوثيثة وأهل القرائن قافلة في الفرغ المعروف غربي الوشم وقتلوا منهم رجالاً كثيراً).
وورد في كتاب مشاهير علماء نجد ذكر القرائن في مواضع منها:
(وأخذ عنه - أي عن الشيخ عبدالعزيز الحصين - القاضي في ناحية الوشم في بلد القراين زمن الإمام سعود وابنه عبدالله أخوة الشيخ محمد بن عبدالله الحصين الناصري التميمي جد الأسرة المعروفة بآل الحصين).
كما ورد ذكر القرائن في كتاب الأمثال الشعبية عند الحديث عن المثل المعروف:
لو في كميت ماء حاربنا الباشا
يقول الأستاذ الجهيمان:
كميت هذا جبل بقرب القرائن كما أنه جبل بقرب مرات والباشا المقصود به هو إبراهيم باشا حينما اكتسح نجداً وصار يطويها كما يطوى البساط وفتحها قرية قرية ومدينة مدينة إلى أن وصل إلى الدرعية مقر آل سعود وحاصرها إلى أن فتحها وأسر حكامها وذهب بمن يخشى منه إلى مصر).
وكميت هذا ليس فيه ماء وقريتهم ليست محصنة التحصين الكافي ولا تصلح لمقاومة الباشا ولذلك فهم معذورون في مسالمته.
حتى قال: (ولو كان في كميت ماء لتحصنوا فيه وأعلنوها حرباً شعواء على الباشا).
موقع البلدة
تقع بلدة الوقف بالقرائن في أقليم الوشم في جنوب مدينة شقراء وتبعد عنها بضعة كيلومترات وتحدها الجبال هي وبلدة ذات غسل مع جميع الجهات ما عدا الغرب فتطل عليها صفراء الوشم التي تنحدر منها الأودية التي ترتوي منها البلدتان وقد تحدثت بعض المصادر والكتب التاريخية عن موقعها فيقول ابن خميس: (وصفراء الوشم تبدأ من بطن الأحور جنوباً وتتجه شمالاً مارة بمراة وثرمداء فأثيقية فالقرائن فشقراء بالفرعة وأشيقر إلى آخر الوشم شمالاً).
ويتحدث الشيخ محمد بن بليهد عن نفود الوشم فيقول: (وهذا الكثيب يسميه أهل الوشم (فنفود الوشم) وتسميه الأعراب (عريق البلدان) لأن جميع قرى الوشم أما في شرقيه وأما في غربيه فالقرى التي بغربيه أشيقر والقرعة وشقراء والقرائن ذات غسل وبلد الوقف لا يفصل بينهما إلا وادي العنبري).
ويقول حمد الجاسر: الوقف إحدى قريتي القرائن بمنطقة شقراء في إمارة الرياض.
ويقول ابن بليهد: (القرائن هما بلدان في وسط الوشم بينهما وادي العنبري فهذا دليل على أنها لبني العنبر في الزمن القديم وبنو العنبر بطن من تميم كما أن جميع الوشم لبني تميم والبلد الجنوبية من القرائن هي ذات غسل وهي جاهلية قديمة وقد ذكرها ياقوت في معجمه، وأما البلد الأخرى الشمالية فهي يقال لها الوقف وهي حديثة لم يتجاوز بعثها أربعمائة سنة).
ويقول: (الوشم مقاطعة بين القصيم والرياض وعاصمته شقراء واسم الوشم يشمل القرى الآتية: أشيقر والقرعة وهاتان القريتان تحدانه من الجهة الشمالية ويشمل القراين وهما ذات غسل والوقف وتقعان في وسط الوشم).
ويقول ابن خميس: (وبعد أن نترك القرائن - ذات غسل والوقف ونجتاز واديهما تقابلنا هضبة شقراء منفردة تقع بلدة شقراء قاعدة الوشم تحتها شمالاً وبهذه الهضبة الشقراء سميت مدينة شقراء ويقابل هذه الهضبة من الشرق جبل يقال له كميت وهو غير كميت مراة).
البلدة قديماً
لقد اعتاد الانسان أن يتكيف مع الظروف والامكانات ويسخرها لخدمته بإذن الله فلو قمنا بتتبع حياة هؤلاء الناس في مثل تلك الظروف البائسة ومحاولاتهم الاستفادة من كل شيء لسلمنا على أن أولئك الناس عظماء بصبرهم واصرارهم وجلدهم وعزيمتهم التي لا تلين.
والبيوت بنيت بشكل متراص متناسق من الطين واللبن وسقفن بأغصان الأشجار وجذوع النخيل والصخور، وتم بناء البيوت بشكل هندسي يضمن أن يكون كل منزل ملتصقاً بالآخر ومطلاً على إحدى الساحات العامة أو النخيل والمزارع حتى يمكن تصريف المياه خارج المنزل.
وقد تم استعمال الجص أو الجبس للقيام بعملية الزخرفة الاسلامية الجميلة داخل المنزل وخارجه وخاصة في الغرفة المخصصة لجلوس الرجال التي تتكون من مكان لاشعال النار وأرفف جانبية لوضع الحاجيات والمتطلبات الضرورية لعمل القهوة والشاي وبعض الأواني الخاصة بالأكل.
الشوارع والأسواق
في هذه القرية تشكلت الطرق وأطلق عليها اسم الأسواق وقد انشئت حسب حاجة الناس وامكاناتهم وهي عبارة عن أزقة وممرات صغيرة وضيقة تمر بين جميع البيوت ويتراوح عرض هذه الطرق بين المتر وخمسة أمتار وربما سقفت تلك الطرق بالبيوت التي تحاصرها من جميع الجهات ويتكون ما يسمى بالمجباب أو السابوط ويكون ملتقى للجلوس في فصل الصيف.
وأهم الأسواق فيها:
1- السوق الرئيسي: وهو الذي يمتد من وادي العنبري حتى يصل إلى جزء البلدة الشمالي المسمى بالوسطى.
2- سوق الوقف وهو ما يمتد بالقرب من بئر الوقف.
3- أسواق دراج - السفيلة - البهيمي - اللوحة - العليا - غصيبة - الحيام - الضياع - مناعة - الطويلعة - المربع - الركية.
وهذه الأسواق تنسب إلى أسر أو نخيل أو آبار أو غير ذلك.
الأبراج - المقاصير
ومن الأجزاء التي تبدو كنقاط أساسية في أسوار البلدة تلك الأبراج أو ما يطلق عليها العامة - المقاصير - مفردها مقصورة، وهي مبنية من الطين على شكل دائري لا يتجاوز قطرها مترين إلى ثلاثة أمتار وقد أقيمت على مسافات متساوية تقريباً إذ تبلغ المسافة بين البرج والآخر خمسين إلى مائة وخمسين متراً وربما أقل من ذلك، وهي نقاط التقاء الأسوار مع بعضها والهدف منها توفير الحماية للبلدة وكذلك المراقبة من خلال فتحات صغيرة في جوانبها المختلفة وربما تحول البرج إلى مكان للسكنى.
ولها أبواب صغيرة على داخل أسوار البلدة ويبلغ ارتفاعها حوالي خمسة أمتار وتشبه إلى حد كبير أبراج المراقبة والسكنى التي أقامتها القبائل العربية القديمة على سفوح الجبال والمرتفعات في هذه المنطقة.
ومن هذه الأبراج:
- برج أبا العظامة والبرج الأوسط وبرج ابن جمعة وبرج قيد ابن عمار وأبراج فيد اللوح وهي ثلاثة وبرجي الجردة وغيرها.
ويتحدث الناس في أساطير عجيبة عن وجود كنوز وأموال مدفونة في تلك الأبراج ويرجعونها إلى الثراء الذي حدث في نجد أثناء قيام الدولة السعودية الأولى خاصة وأن كثيراً من أهل هذه البلدة قتلوا في معارك وحروب الدرعية وساهموا بجهد جيد في خدمة الدولة السعودية الأولى كما سيتضح في هذا البحث، وقد اطلعت على بعض الحفر العميقة في بعض تلك الأبراج والله أعلم.
الآبار
تضم هذه البلدة عشرات الآبار ومن أهمها الوقف والبهيمي والوسطى والعليا والطويلعة وطويعلة شهيل والركية والقبلة وغصبية والاعيلي وطويقه وصحيكة وأم تينة وغيرها.
الأودية
الذي يلقي نظرة لخريطة هذه البلدة الجغرافية يجد أن موقعها اختير بعناية فائقة والسبب في ذلك يعود إلى أنها في منطقة سهلية منخفضة عن صفراء الوشم مما سهل وصول عدد كبير نسبياً من الأودية الصغيرة والكبيرة إليها ولا يخفى مدى أهمية مياه الأمطار والسيول على الحياة في القديم والحديث ويصب في هذه البلدة أودية هي:
1- الصنوع: وهو لفظ استخدم في نجد ويعبر به عن مجرى صغير للمياه يصنعه الانسان ويوجهه لحاجته وفي هذه البلدة صنعان أحدهما ينزل من الهضبة الشمالية ويسمى الكربة ويسقي نخيل الحيام والثاني يضم فرعين رئيسيين: فرع يصب من قارتي القرائن والآخر من الهضبة الصغيرة التي تسمى الصميدة - ويطلق على هذا الفرع اسم شعبة الخولي وترتوي من هذا الصنع الزبائر والسديرات.
2- شعبة الوقف: ويبلغ طولها بضعة كيلومترات ولها فرعان أحدهما يأتي من غرب القرينتان ولون سيله أحمر بسبب حمرة تربته والفرع الآخر يأتي من الصفراء, وترتوي منها نخيل الوقف والبهيمي.
3- شعبة العليا ويبلغ طولها حوالي خمسة كيلومترات وتأتي من أقصى الصفراء وترتوي منها نخيل العليا.
4- شعبة الركية: هي جزء من وادي العنبري وتسير بمحاذاة الوادي حتى تصب في داخل ركية آل معيقل، وقد أقيم حاجز يضمن انتقال المياه من داخل الوادي إلى النخيل.
5- وادي العنبري: وهو مشترك بين البلدتين - الوقف وذات غسل - وهو يسقي حوالي ربع نخيل الوقف تقريباً، وأول ما يصب هذا الوادي فيسقي ركية آل معيقل ثم طويلعة شهيل ثم طويلعة آل معيقل ثم غصيبة فوزان.
ثم ينطلق هذا الوادي حتى يفصل بين البلدتين ليصل لنخيل جو القرائن ويسير بمحاذاة الهضبة الشمالية حتى يصل إلى بطين القرائن وهناك يلتقي مع الوادي الآخر- المسمى,,,
جو القرائن
هو تلك المزارع والنخيل والقصور التي أقيمت على جوانب وادي العنبري ويقع إلى الشرق من القرائن وأملاكه مشتركة بين أهالي البلدتين غسلة والوقف يقول عنه الشيخ محمد بن بليهد:
(أم شبرمة: بئر جاهلية في جو القراين في شرقي بلد غسلة).
ويعتبر هذا الجو رافداً أساسياً في حياة أهل البلدتين ومن أهم نخيلة ومزارعه: حسو الحميدي - الجزيع - الطويفح - بعيلة - نخل السبيعي - نخل ابن ردين - الركية - الشبلية - السفيلة - عويدة - اليابسية وغيرها كما يوجد بالجو آبار قديمة جداً ورد ذكرها في أشعار العصر العباسي وما سبقه اذ كانت هذه الأرض طريق الشعراء وملتقى لقبائل العرب.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved