أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 1st June,2000العدد:10108الطبعةالاولـيالخميس 28 ,صفر 1421

الثقافية

الحوار المسرحي محرك الصراع وسر الفعل القوي
محمد العثيم
في هذه المقالة الثالثة عن الصراع المسرحي وماهيته اعرض لواحد من أهم ما يؤجج الصراع المسرحي وهو الحوار ولعلنا أكثر وضوحا الآن في ان للحوار انواعا منها:
1 التداعيات الذهنية من العقل والعاطفة والدراما الطقس في حوار الانسان مع نفسه وتداعيه وجدله النفسي كما تجسده مسرحية انتظار جودو لصمويل بيكت.
2 الحوار اللفظي المتصل بين متحاورين والمقطوع بين الشخصيات المتجادلة او المتجاهدة الذي لا يصل الى غاية بقدر ما يعزز دورة الدراما.
3 الحوار الحركي الفعلي المكتوب على انه لغة لها مفردات ومن ممثلين يتقنون هذه اللغة ويعرفوها ويستعملون جملها ومفرداتها.
ونركز الآن على الحوار الحركي العضلي لعلاقته بالفعل المؤكد فعل الفعل وهو كاشف مكنون الصراع الباطني بين المتحدثين وقد يقفز منه تلاقي او تقابل حول مقولة او أخرى، وقد يؤدي الى فهم معطيات أو تقابل حول مقولة او أخرى وقد يؤدي الى فهم معطيات أو التمهيد لمقولات او شرح أفعال على القطع أو إساءة الفهم مما يجعل الصراع يحتدم.
وقد عرفنا أنواعا من حوار الفعل المؤكد في كل مسرحية منذ القديم الى ان ان بدأ البحث عن سبل للخروج من عنق الزجاجة الذي صار اليه المسرح التقليدي وبدت منذ القرن السابع بعض المحاولات الجادة في سبيل تأليف الفعل.
جاء المخرج ابيا في القرن الثامن عشر وميز اثر الموسيقى والضوء في العرض حيث خلقت الموسيقى المصاحبة دورا للمخرج كان معدوما مما لفت النظر الى الفعل الجسدي في الأداء المسرحي في فكان تزاوج التعبير الحركي مع الموسيقى يخلق مساحة للابداع لخدمة معنى النغم وايقاعه، ولم تتوقف المحاولات لكن فترة ما بين الحربين الى منتصف القرن الماضي بعد الحرب العالمية الثانية شهدت اكبر تطوير في الخروج بالمسرح من ازمته وتمثلت في انشقاق على الكلاسيكية اخذ شعبتين الأولى شرقية قادها الروس والدول الدائرة في فلكهم للخروج من ازمة الرقابة الشديدة التي تفرض واقعية الطرح الايديولوجي وهو السبب نفسه الذي قاد الى التفوق الأوبرالي عندهم وبراعة فنون الحركة والرقص وفي نفس المسار ولدت الملحمية البرختية في اوائل القرن العشرين جاء أبو التجريب المعاصر ستنسلافسكي وتبعه كثير من المنظرين والمخرجين الممارسين لتمييز اللغة الجسدية التي تعطي المعنى ووجد الممثل الفرصة ليكون في قمة الجماليات الجسدية المتحاورة لخلق صراع شاعري الأداء من الجسد خارج الرقص بل في عالم الدراما من لغة ابتكرت مفرداتها لتعبر تعبيرا حكائيا كاملا.
وصار الفعل الجسدي للمثل في منظومة صراع سردية درامية طقسية مسرحية لا يمكن توفيرها بأبرع الحوارات اللفظية,, هذا اضافة الى ان هذه اللغة الجسدية تقترن بعروض اوزان وايقاع ليس هذا فقط بل ان كشف ستنسلافسكي يؤكد كل من فعل العقل والارادة والمشاعر ودورها في خلق العمل,, وللبعيدين عن هذه التجارب افسر الموضوع بالفرق بين الأوبرا من جانب اعتمادها الموسيقى اساس كما كانت مدخل المخرج ابيا والدراما بصفتها مدخل في العمل المسرحي، فالأساس هو الفعل المؤكد او الدراما وليس شرح التعبير الموسيقي وجعل الدراما ثانيا.
اما اثر هذه الممارسات على مسرحنا العربي والمملكة والخليج جزء منه فرغم محاولات التفاهم مع هذه الأشكال منذ الستينات الميلادية فإن الغموض يلف الكثير من التجارب بل يحار الانسان هل يفهم من يقومون بها مراميها.
والمقلق في مسرح الشباب عامة هذه الأيام الارتجال لحركة ابداعية فقط وهو السائد عربيا الا في قليل من المسارح وهنا اشير لغير المختصين القريبين من المجال الى ان لغة الجسد او لغة الفعل لغة ليست مرتجلة كما يفعل كثيرون بل لها كلماتها وجملها وفقراتها التي تنتهي بعمل فني كامل يستخدمها المخرج كما نستخدم الكلمات في هذا المقال لوضع تصور محدد,, واللغة المذكورة نفسها قابلة لأن تكتب ابداعا كما نكتبه هنا.
سقت العبارة السابقة من واقع ما أسمعه من ممثلين وكتاب يحسبون ان الارتجال الجسدي بدون ادوات التعبير يؤدي الى مفهوم,, وهي واحدة من اساليب الفوضى اللغوية التي اعتنقها بعض الكتاب اعتقادا ان المعنى ببطن القارىء ومن قبل المسرحيين المجتهدين من منظور ان المعنى عند المتفرج,, وهو امر لا تسنده الصحة.
اذا لكي تبدع الحركة لابد من مفردات لغة الحركة,, هل تعلمناها؟
من كل هذا المفترض ان أي حوار جسدي بين ممثلين او أكثر أو حتى بين ممثل وجوقة يوصل الى المعنى,, ويحسن ان يكون المعنى من معنى للمتفرج اصلا مثل تبني حكاية مشهورة او الخروج منها بتعبير اتصالي فني عن طريق جمل ومفردات الفعل الجسدي بأي شكل كان لايصال المفهوم من زاوية أخرى للمتلقي.
بلغة اخرى تعلم الكلمة قبل الكتابة وتعلم مفردة الحركة كأداة لتستعملها.
في الدراسات الحديثة في هذا السياق يذكر قاسم بياتلي في كتابه دوائر المسرح 1998م ان هناك ثلاثة اساسيات اعتمد عليها المخرج باربا في بحثه وعمله التطبيقي في تطبيقات الورش وهو تلميذ من تلاميذ جروتوفسكي الشهير ويعلق البياتلي ان الثلاثة اسس مهدت للعلاقة بلغة عامة من الانثروبولجي بالمسرح وهي:
1 التكنيك اليومي المعتاد وغير المعتاد.
2 ما قبل التعبير الجسدي.
3 غير الترابط المترابط او غير المتماسك وتماسكه انتهى,, وهذا بصفتها في الميل الاولي.
أعود للقول من التصورات النظرية المبنية على الدراسات الاولى لستنسلافسكي وجروتوفسكي ظهر جيل المسرحيين الذين ينطلقون من الرويات ويجعلون الحركة هدفا بحد ذاته لتكون حوارا يحفظ كما تحفظ الكلمات وليس مجرد تجسيد للدور,, كما يعرف الممثلون او من يعلمون بالمدارس,, لأن التجسيد لا يشترط الكلمات الحركية ان صح التعبير وحيث تصبح الحركة كلمات وجمل في سياق ايقاع الجسد كما اشرنا له آنفا.
هنا أمكن العبور الى عالم مسرحي جديد غير الذي تأقلم معه العالم آلاف السنين.
وأذكر قبل أكثر من عشر سنوات مدى الصدمة التي تعرف بها العرب على هذا النوع وانقسمت النخبة المسرحية حول اهمية الكلمة من عدمها ومدى الحماس الذي أبداه كل طرف في جدل عقيم يذكرني بالجدل حول الحداثة والمحدث والحديث مقابل القديم.
وأذكر ان العرب ساقوا كل ابداع في مساق التجريب ولم يفرق كثيرون في حينه بين المعمل المسرحي والتجريب على العناصر المسرحية,, بل هناك من اعتبر المسرح كله منذ العهد اليوناني تجريبا وهذا مبالغ فيه.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved