أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 2nd June,2000العدد:10109الطبعةالاولـيالجمعة 29 ,صفر 1421

مقـالات

سهرة على ضفاف الخليج
يوم ليس كالأيام، ساعاته دقائق ودقائقه ثوان, الزمن والوقت لم يتغيرا منذ عرف الإنسان كيف يحددهما، لكن المتعة والفرح يختصرانهما كما تختصر المحبة المسافات ويطوي المحب الفيافي ويستسهل الصعاب، ليثبت بالدليل القاطع صدق عواطفه ليبادله ذلك المحبوب تلك المشاعر الصافية النبيلة الخالية من المصالح الآنية الرخيصة.
إن انقضاء الساعات الجميلة بسرعة يورث في القلب غصة، ولكن لا بأس هذه حال الدنيا، لكل شيء ثمن، وهو درس يجب أن نعيه، فدوام الحال من المحال، ولقد عُوض الإنسان مقابل ذلك فالأمور المؤلمة أو المحزنة وهبنا الخالق قدرة التخلص من تبعاتها بعد فترة من الزمن من خلال نعمة النسيان، فلو استمر المكلوم حاضر الذهن بكل ما مر عليه من نكد الحياة لما استطاع البقاء حياً، وإن عاش فليس أكثر حظاً من الأموات.
نعود للخليج وأمواجه الرقيقة الدافئة وهي تحتضن مدن ثغرنا الشرقي حيث تتنافس الخبر مع الدمام والقطيف حتى مدينة الخفجي في إبراز مفاتنها العذرية الخلابة بعد أن منحها المسؤولون هناك جل عنايتهم ليسخّروا ذلك الأرخبيل المتعرج لخدمة تلك المدن وزائريها لتروّح عنهم ببراءة الأطفال وحنان الأمومة.
كنت جالساً مثل غيري أستمتع بمنظر البحر وقد انعكس على صفحته الناعسه نور القمر الذي يخيل إلى الناظر أنه يلامس الماء ليغسل ما لحق به بعد أن داس البشر وجهه النقي الذي يمثل منتهى التغزل والمديح عندما يوصف به وجه الحبيبة.
نعم كنت جالساً مع المئات أستقبل نسمات لطيفة لا يملك من تدغدغه سوى الاستسلام والرغبة في الاسترخاء ثم التفكر ان لم يغالبه النوم في عظمة الخالق، الا أنه شدني حوار مجموعة من الإخوة العرب كان من العلو والوضوح ما يعفيني من تهمة التجسس والتحسس التي نهانا عنها ديننا الحنيف، كما تم التعرف على أسمائهم الأولى بعد مناداة بعضهم بعضاً، وقد كان الحوار طويلاً امتد لساعات، ولكن سأورد ما أعتقد الفائدة من سماعه، ولو كان الحديث صادراً من مواطنين لما ساغ إيراده، لأن شهادتهم في بلدهم مجروحة، وإن كان الواجب إبراز الإيجابيات وملاحظة السلبيات لينتفع بها القائمون على تلك الخدمات، فالمواطن يجب أن يكون عيناً وأذناً أمينة لخدمة بلده ومواطنيه، فالمسؤول مثل غيره يحتاج إلى التشجيع والتنبيه إلىجوانب القصور, وإليكم بعض المقتطفات:
أحمد: ما أجمل هذا المكان لقد تعانق البحر مع البر في تناغم عجيب.
أكرم: لم تنصف المكان بوصفك المقتضب، يجب أن تضيف الهدوء والراحة النفسية والأمان التام, إنك هنا تشعر أنك في حديقة منزلك، أطفالك يسرحون ويمرحون، زوجتك مطمئنة، عرضها مصان ليس هناك من يخدش حياءها أو يعترض سبيلها أو يلقي إليها كلمة نابية أو وقحة، جميع الخدمات متوفرة بأقل الأسعار، أماكن الخدمات الضرورية منتشرة، كل ذلك مجاناً، فليتنا نحسن التعامل معها بأن نحافظ على المكان ونتركه نظيفاً كما وجدناه، ونحرص على محتوياته كملاعب الأطفال وصنابير المياه إلى غير ذلك مما وفرته الدولة مجاناً، إنك عندما تذهب لمثل هذه الأماكن في الدول الأخرى لابد أن تدفع مقابل كل خدمة انهم هناك كالمنشار يأكل جيئة وذهاباً.
سعيد: كل ما ذكرتماه صحيح، ولكنكما نسيتما شيئاً مهماً وهو أن هذه المشاريع العملاقة مشاريع خدمية بحتة لا تدر للدولة ريالاً واحداً بل تكلفها المبالغ الطائلة لصيانتها ومع ذلك لم تعط حقها من الاشهار ولم تستغل للطنطه.
إن الأعمال في هذا البلد تسابق الزمن وهذا لا يعني ان انجازاً مثل ذلك لا يصاحبه في بعض الأحيان ممارسات ليست حميدة، إذ أن السرعة دائماً تصاحبها بعض التجاوزات، ولكن الجوانب الإيجابية تفوق كثيراً الجوانب السلبية، ولو انتظرنا أعمالاً بدون سلبيات لما قدمنا عملاً واحداً لان طبيعة البشر النقص فالكمال لله وحده.
أحمد: أتفق معك يا أخ سعيد ولكن الإعلان عن الشيء ليس دائماً بقصد الإبراز والمنة ولكن بقصد تعريف المستفيد بأهمية ذلك وحثه على المحافظة عليه ليستفيد منه هو وغيره مرات ومرات.
إن إحاطة المستفيد بحجم المبالغ التي صرفت لتهيئة مثل هذا المكان لراحته وأسرته يحتم عليه إن كان سوياً العناية به ونصح من يسيء استعماله أو الابلاغ عنه فهو ملك للجميع وحق مشاع لا يختص به احد دون آخر.
ان مثل هذا المكان لو كان في بلد آخر لقيل عنه ما يجعلك تظنه من عجائب الدنيا السبع,أما هنا فالعمل ينجز والحكم للمنتفع.
شعرت بسعادة غامرة وأنا أسمع ذلك الكلام غير المتكلف وهممت أن أذهب إليهم لأتعرف عليهم وأبدي امتناني لكل ما سمعته ولكن حال دون ذلك وصول أسرهم برفقة أطفال يملؤون المكان فرحاً ومرحاً بعد أن قضوا سويعات لا تنسى بين الاشجار والحشائش وملاعب الأطفال واستمتع الآباء بجلسة هادئة تعطرها نسمات حالمه.
تمنيت من كل قلبي أن يسمع كلامهم كل زائر لذلك المكان أو غيره ليكون قدوة لأسرته ومن معه في الحفاظ على جمال الموقع ونظافته لأن عدم تقدير ذلك ربما يعجل بزواله وعندها لا ينفع الندم.
محمد بن عبدالكريم العتيق

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved