أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 3rd June,2000العدد:10110الطبعةالاولـيالسبت 1 ,ربيع الأول 1421

منوعـات

يارا
تكنولوجيا الحضور والغياب
عبدالله بن بخيت
بصراحة يا جماعة الخير الأمريكان ما خلوا شيء, من الواضح أنه ما فيه مشكلة إلا ويجد الأمريكان لها حلا سريعا وفعالا, ولكني لم أتصور أبدا أن يأتي الحل بهذه السرعة وأن يكون حلا تكنولوجيا,, الآن من واجبي أن أهنىء كل مديري الحضور والغياب ، مديري وقع لا توقع ، مديري وين كنت ، مديري مساءلة ، هؤلاء المديرين الذين عقدوا كل آمالهم على فراشي الادارة, الثمرة اليانعة لجهود معهد الادارة العامة عبر أربعين عاما من الكفاح والتطوير, عما قريب سوف نرى التكنولوجيا وهي تحل أكبر مشكلة تواجه الادارة السعودية ألا وهي مشكلة الحضور والغياب , فطالما أن معظم المديرين ترك شغله وتفرغ لمطاردة موظفيه فقد جاء الوقت الذي لا يحتاج فيه سعادة مدير الحضور والغياب الى جولات تفتيشية أو زيارات مفاجئة, فبقدر ما تساهم تكنولوجيا الفضاء في البث التلفزيوني وفي التصوير التجسسي والعلمي وغيرها، عما قريب ستساهم هذه التكنولوجيا في مراقبة ومتابعة الموظفين الذين يستأذنون لغرض ثم يذهبون لغرض آخر أو يتسكعون في أوقات العمل أو الموظفين المنتدبين والمراسيل خارج وداخل الادارة.
فإذا أدعى موظف أنه مضطر أن يذهب للجوازات أو للشرطة أو سيأخذ أمه للمستشفى سيقول سعادة المدير: حاضر بس علق هذا على صدرك, وهو رسيفر صغير يبث ويستقبل الارسال عبر الأقمار الصناعية, يسمح للمدير أن يتابع حامله خطوة بخطوة في أي مكان يذهب اليه عبر شاشة تنتصب أمامه.
ويمكن أن تعرف حجم الموظف من نوع الرسيفر المربوط في حلقة, لأن كل مرتبة سيكون لها رسيفر خاص، وبذلك تكون المراقبة من أعلى مستوى الى أصغر مستوى, فالوزير سيكون أمامه شاشات لمراقبة الوكلاء, والوكلاء أمامهم شاشات لمراقبة مديري العموم, ومديرو العموم أمامهم شاشات لمراقبة مديري الادارات, وهكذا حتى الفراش, ولكن الثقل الأكبر سيكون على كاهل مديري العموم في المملكة, لأن وظيفة مدير العموم في المملكة تنحصر في معظمها على متابعة الحضور والغياب كما أن معظم مديري العموم لا يؤمنون بالتراتبية في العمل, فمدير العموم هو رئيس الفراش ورئيس المهندس ورئيس مدير الادارة ولذلك سيكون مكتبه أشبه بغرفة المراقبة الجوية من كثرة الشاشات والرسيفرات المعلقة، يتابع أعماله وكأنه في غرفة انتاج تلفزيوني.
يا محمد لك ساعة جالس في البوفيه قم خلص شغلك وارجع للمكتب، يا ناصر الله يهديك كم مرة قلت لك اذا استأذنت لازم ترجع رأسا من شغلك الى المكتب مهو بتمر على البيت .
قد يظن البعض أن هذا خيال أو مجرد مزح ولكنه في الواقع بدأ تطبيقه في الولايات المتحدة الأمريكية وبدأت الدوائر القانونية هناك تناقش مدى تأثيره على خصوصية الموظفين.
تعرف هذه التكنولوجيا بتكنولوجيا GPS Global Positioning system مضافا اليها تكنولوجيا أخرى تعرف GIS Geographic Information System وهي تستخدم لأي متابعة مثل متابعة التكاسي والباصات والشاحنات ويمكن أيضا متابعة العمال الميدانيين وبالطبع متابعة ومراقبة الموظفين الفاركين.
والحقيقة أن كثيرا من المديرين في بلادنا يتمتعون بقدرة خلاقة على تحويل ممتلكات الدولة للاستخدام الشخصي سيارات الوزارة أجهزة ومعدات الوزارة حتى عمال النظافة يتحولون الى قهوجية وفراشين في بيت سعادته, طبعا من الصعب أن أتخيل كل الاستخدامات المنزلية التي سوف تقوم بها هذه الرسيفرات الحكومية في بيوت السعادات ولكن أقلها سترى هذه الرسيفرات معلقة في أرقاب السواويق أمام أبواب المدارس, وليس غريبا أن تسمع يا كومار كم مرة فهمتك ما تسرع بالأولاد الله يهديك وبعدين مين هذا اللي كنت واقف معه قبل شوي .
طبعا سيكون فيه رسيفر مع السواق ورسيفر مع أم العيال ورسيفر مع الولد.
وأكثر ما أخشاه أن تتوسع هذه التكنولوجيا وأن تصبح في أيدي الزوجات, كما هو محزن ومثير للشفقة أن تشاهد الأزواج في الشوارع وكل منهم يعلق النير في حلقه وما تسمع إلا صريخ النسوان من خلال المايكرفون هالحين تقول إنك بتروح للبنك وش موديك الفيصلية يا قليل الحياء .
لمراسلة الكاتب
Yara4me@ yahoo.com
أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved