أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 5th June,2000العدد:10112الطبعةالاولـيالأثنين 3 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

دقات الثواني
في صنعاء
عائض الردادي
سنحت لي في الأسبوع الماضي فرصة زيارة صنعاء للمشاركة في ندوة أساليب مواجهة الشائعات التي نظمتها أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، ووجدت أن الشاعر العربي القديم محق عندما قال:


لا بد من صنعا وإن طال السفر
ولو تحنّى كل عَود ودَبَر

والعود هو الجمل الكبير، وصنعاء تستحق السفر اليها، ففيها من مظاهر العروبة والاسلام والتراث العربي ما يبهج كل محب لذلك، وبخاصة صنعاء القديمة التي تبنت اليونسكو الحفاظ عليها لتبقى محتفظة بطابعها التقليدي.
في صنعاء القديمة البيوت التراثية، والأزقة القديمة، والمتاجر الحافلة بكل ما هو تراثي، بل إن دوام هذه المتاجر يذكّر بما كان قديما معروفا في الجزيرة العربية كلها حيث تفتح أبوابها صباحا فإذا ما رفع أذان الظهر أغلقت الى صلاة العصر ثم فتحت أبوابها الى أذان العشاء وقليل منها يستمر حوالي ساعة أو أقل، وكل ما فيها يضرب الى القديم من صغر المحلات وأبوابها الخشبية وأزقتها المرصوقة بالحجارة، وتجارها بزيهم اليمني، ولم أر بينهم من يرتدي اللباس الأوروبي، ولم أر بينهم غير مواطن، وجلهم يتصف بحسن المعاملة وكثيرا ما سمعت عبارة ثق فيما أقول يا ابن العم .
أما جامع صنعاء الكبير المشهور بمكتبته فقد دخلته بعد صلاة المغرب وشرح لنا بعض من فيه عن تاريخه معلومات فيها الصحيح وفيها الخطأ وهم معذورون لأنهم عوام، لكن الشيء الجميل هو روعة بناء المسجد وحلقات العلم فيه، ففى أكثر اسطواناته شيخ أمامه مصحف كبير يقرأ منه، وفيه حلقات لمعلم حوله طلابه، وطلاب يقرؤون، وجالسون يستمعون بهدوئه، أما المكتبة فقد كانت مغلقة، وقد تبرع أحد الذين صحبونا تطوعا في جنبات المسجد أن ينادي أمينها من منزله لكن الوقت كان أضيق من أن يتسع لذلك حيث إن المكتبة تحتاج لوقت للاطلاع وليس لتصفح الخزانات، وجامع صنعاء شاهد على تاريخ اليمن، ففيه توسعات لعدد من ملوك اليمن في مختلف العصور.
لم يتسع وقتي لزيارة متحف صنعاء الواقع في وسطها، لكن بعض زملائي الذين زاروه أخبروني أنه يجسد تاريخ اليمن في عهوده القديمة والحديثة.
ان صنعاء تاريخ حي لعهود تاريخية ضاربة في القدم تجتذب من يعشق التاريخ العربي القديم، ومما يسر أن بيوتها وأهلها يعطون صورة مشرقة عن الأخلاق العربية الكريمة وبخاصة التزام المرأة اليمنية بتعاليم الدين وبالكرامة العربية فقلما تجد امرأة يمنية متبرجة في صنعاء، وعندما سألت أحد السائقين عن ذلك أجابني قائلا: ألا تعلم أننا قبائل عربية، وعندها تذكرت قول أبي الطيب:


حسن الحضارة مجلوب بتطرية
وفي البداوة حسن غير مجلوب

إن من أكثر ما سرني في صنعاء احتفاظها بطابعها العمراني الذي تجردت منه كثير من المدن العربية وذهبت تسابق المدن الأوروبية في الطابع العمراني الأوروبي، فأصبحت مدنا أوروبية على أرض عربية، وبخاصة أن البيوت العربية تطاول الزمان وان كانت مبنية من الحجارة أو الطين اضافة الى جمال بنائها من الداخل والخارج.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved