أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 9th June,2000العدد:10114الطبعةالاولـيالجمعة 7 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

رحلات عقيلات وتأثيرها على منطقة القصيم
عبدالرحمن بن صالح المشيقح *
جمعني لقاء مفتوح مع أحد الشيوخ المسنين بمنطقة القصيم المعنيين برصد الفكر والثقافة، كان موضوع النقاش رحلات عقيلات من أبناء منطقة القصيم خلال الثلث الأول من القرن العشرين، وتأثير تلك الرحلات على الحياة الاجتماعية والفكرية في المنطقة، تشعب الموضوع، وتعددت محاوره، وتضمن الطرح نماذج من القصائد الشعرية والحكم والأمثال الشعبية وتفسيراتها وتداولها في تلك الفترة.
لقد خرجت من ذلك الحوار الثري بالمكتسبات التالية:
بعض الرحالة التجار والهواة ممن يعشق الثقافة والاطلاع كان يصطحب معه في رحلة العودة من مصر والشام وفلسطين لمنطقة القصيم بعض الكتب الدينية والأدبية والثقافية عامة، ويقوم بتوزيعها على ابناء المنطقة إما على شكل إهداء يقدمه لأصحاب العلم والطلبة من أقاربه وجيرانه ممن يعنى بحب الكتاب واقتنائه فكانوا يحسبون مدة اقامته وقرب رجعته، علهم يحظون ببعض من إهدائه، ويودعون بعضا منها في مكتبات المساجد ومراكز العلم على شكل وقف خيري، ومن ثم يقوم البعض باستنساخ تلك الكتب بخط اليد ممن لم يحظ بنسخة أصلية منها، ولعل جهود الشيخ فوزان السابق سفير المملكة في مصر آنذاك رحمه الله تعالى نموذج لذلك التواصل مع الكتاب.
كان البعض منهم يتداول الشعر وينظمه اثناء الغربة ويجعل من نظمه متنفسا في غربته، وكانوا يحملون معهم في رجعتهم قصائد وأبياتا لمن تعذرت رجعته لأهله وأرضه إما لمرض أقعده، أو لارتباطه بأعمال أو التزام حال دون رجعته مع أفراد الحملة، وفي المقابل كان بعض الأهل وخاصة النساء من أمهات وزوجات المغترب يدفعن بقصائد وأبيات شعرية تكون بمثابة رسائل تمثل لوعة وشوق الانتظار لعدم قدرتهن على الكتابة، ولعل قصة الحلوج المشهورة للشاعر محمد العوفي نموذج آخر من الرسائل التي ولدتها مناسبة الغربة.
كان الرحالة يتداولون وينقلون بعض المصطلحات والمسميات والمفاهيم والأمثال وتفسيراتها ومناسباتها من خلال احتكاكهم بأبناء بلد الغربة، وهي كثيرة جداً تحدد المواقع وتركز على العادات المحمودة وتحذر من المشينة منها.
وقف البعض منهم على تجارب تعليم القراءة والحساب، وطرق تلاوة القرآن الكريم وأسلوب التجويد واستفادوا من تلك التجارب، وعملوا على نقلها لمنطقتهم وجلبوا بعض الأساليب والمعينات والأدوات اللازمة للتعلم والتي تسهل طرق اكتسابه.
نقل البعض تجارب في العلاج الطبي الشعبي ومكونات وأدوات العلاج من اعشاب ونباتات لم تكن تنمو في بلادنا فعرفوا مقاديرها وطرق خلطها وتناولها ومحاذير استخداماتها.
باختصار,, كان هناك تمازج ثقافي وحضاري بين الطرفين منطقتهم وبلاد غربتهم فكانوا واسطة لذلك التمازج والتأثير ونقل بعض العادات والتقاليد فقد عملوا على التقارب وكسر حجاب المسافة وتقريبها حيث تزوج البعض منهم وقامت شراكة وبذا ألف المجتمعان المتغير القادم.
والآن مطلوب من المعنيين بالثقافة والفكر تقصي تلك المرحلة، وتقديم دراسة وتفسير، وتتبع تأثير ذلك على المجتمعين، ولتكن الدراسة جهداً جماعياً بحيث يقوم به فريق يجمع نخبة من المتخصصين كل في مجاله وتشرف عليه مؤسسة ثقافية رسمية كالأندية الأدبية والجمعيات الثقافية ومراكز البحوث مثلا، بحيث تخرج الدراسة بتقرير وثائقي مرجعي لكل باحث عن تلك الفترة، خاصة وأننا لا نزال نحظى بمعايشة بعض الاشخاص المعمرين الذين لديهم المعرفة التامة بأخبار تلك الفترة سواء من خلال المعايشة او المتابعة.
فهل تجد هذه الدعوة صدى وقبولا من تلك المؤسسات الثقافية وترسم لها جهدا ونشاطا يتيح لها ثروة علمية وتوثيقا لفترة لا تزال الافواه تردد بعض اخبارها ممتزجة بالذاتية حينا وبالأوهام والخرافات أحياناً.
* بريدة


أعلـىالصفحةرجوع











[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved