أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 14th June,2000العدد:10121الطبعةالاولـيالاربعاء 12 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

منعطفات
وجه آخر لعمل الخير!
د, فهد سعود اليحيا
في عدد يوم السبت الماضي (8 ربيع الاول) من الجزيرة الغراء كتبت السيدة الفاضلة (حصة العذل) عن شأن كبير في زاوية صغيرة بنفس العنوان والذي استعيره منها عنواناً لمنعطفات اليوم, كتبت عن معاناة فئة من الناس يشتكون من اضطرابات (امراض، مشاكل، خلل,, سمها ما شئت) نفسية ولا يجدون القدرة على دفع تكاليف العلاج فلا يطلبون العلاج وإذا طلبوه لا يستمرون فيه مما يؤدي الى تفاقم حالتهم وكما تقول السيدة حصة (فيضيعون وتضيع أعمالهم وأسرهم نتيجة للمعاناة النفسية التي كم تحطمت بسببها بيوت).
وبكل صراحة وألم، لم أر مأساة مثل مأساة المرضى النفسيين (عادة أشير إليهم باسم المراجعين ولكني هنا سأستخدم هذه المفردة) فهم بين المطرقة والسندان.
من ناحية هم بين خبرتهم الخاصة بالألم النفسي وجهل الآخرين بمدى معاناتهم, ونحن في مجتمعنا نقدر الألم الجسدي أيما تقدير ولكننا ننظر الى الألم النفسي كنوع من الضعف أو (ضيقة الصدر) على أحسن الأحوال, وعندما نقول (ضيقة صدر) فإننا نعني أنه شيء عادي يروح ويجيء على كل الناس فلا نفرق بين ما هو طبيعي وما يخرج عن الحدود الطبيعية.
ولذلك من الأسهل كثيرا على المرء ان يشتكي من مرض جسدي، وعندما تنضب موارده لا يجد غضاضة أو صعوبة في طلب العون من أهل الخير وتقديم تقرير حول حالته الصحية يدعم أقواله, أما في المعاناة النفسية فهو محكوم ب(إذا حكينا ندمنا وإذا سكتنا قهر) فالقهر من معاناته أما الندم فإنه سيريق ماء الوجه ولا يجد أذناً صاغية ولا قلبا مقدرا.
وتتوالى عليه النصائح: (كن متفائلا),, انظر الى فلان وما أصابه ولكنه، ما شاء الله عليه، لم يهتم وكأن المسألة محصورة في نصائح ومواعظ وليست نتيجة لعملية مرضية معقدة.
ومن مشاكل المرض النفسي التي يتحمل فيها المريض مسئولية صغيرة بينما تعود المسؤولية الكبرى على المجتمع بمؤسساته هي انه عادة أن منشأ آلامه يعود الى اضطراب نفسي، وإذا عرف ذلك فإنه يتردد اشهراً قبل ان يعزم ويذهب الى عيادة نفسية، وعندما يذهب يكون قد أفنى ما في جيبه بالتردد على العديد من العيادات والمراكز الصحية فيكون فحص هنا وتحليل هناك وأشعة منوعة وطبيب زائر وآخر خبير دون ان يرزقه الله بطبيب ذي علم وخلق يقول له (إن معاناتك نفسية بالدرجة الأولى والاخيرة) وعندما يصل الى الطبيب النفسي يفاجأ بأن عليه في افضل الاحوال تناول علاج تكلف الحبة منه خمسة ريالات تقريبا ولمدة عام, وتكون الطامة أكبر إذا كانت هناك ضرورة لجلسات نفسية على مدى أسابيع.
ومن مأساة الطب النفسي لدينا أننا لا نقدر الكلفة الاقتصادية والاجتماعية للمرض النفسي, فالمرض النفسي يقلل من كفاءة الإنتاج الوظيفي بل ويؤدي الى التغيب عن العمل وربما كما ذكرت السيدة حصة(ضياع العمل) كما يؤدي الى مشاكل في محيط الاسرة والمجتمع إما مباشرة حيث لا يكون المريض النفسي قادراً على القيام بواجبه برعاية اسرته وأطفاله او بطريق غير مباشر نتيجة لفقدان العمل.
كيف تستطيع امرأة مصابة بالاكتئاب ان ترعى اطفالها؟ وكيف يستطيع رجل مصاب بالوسواس القهري رعاية أسرته وإنجاز أعماله؟ وكيف,, وكيف؟ مثل حبات المسبحة.
والغريب اننا نتجه الى عالم الخصخصة ونسير في طريق التأمين الطبي ولكن كل بوالص التأمين تحمل شرطا انها لا تغطي الاضطرابات النفسية وكأنها تدخل ضمن تصنيف (تقشير) البشرة وشد الجلد وعمليات رفع الصدر وليست اضطرابا مرضيا يستدعي علاجا وإلا تفاقم وظهرت مضاعفاته.
وشركات التأمين والجهات المؤمنة لديها على السواء تشتركان في جانب من (الغفلة)، كم تكرسان للبعد الجسدي على حساب البعد النفسي, بمعنى أنهما تؤكدان على ان الشكوى الجسدية على العين والرأس مهما بلغت تكاليفها (فرقبتنا سدادة وأنت غالي علينا) فينقطع الموظف عن العمل ويذهب الى المجمع الفلاني ومن ثم الى المركز (العلاني) ثم الى المستشفى الفلنتاني فإجراء عملية استكشاف قد تكون قسطرة وقد تكون فتح بطن, اما أن يقال لأي منهما إن سبب أوجاع البطن المعاودة أو إن منشأ آلام الظهر الشديدة نفسية وعليه طلب العلاج النفسي (سواء كان دوائيا او جلسات أو الاثنين معا) فيقولون له (هارد لك يا أبو الشباب، تحمل نفقة ذلك من جيبك الخاص وإلا اقبض الباب) ترى كيف يعملون في الدول التي تطبق التأمين الطبي منذ عقود وعقود؟ هل يفعلون نفس الشيء مع الامراض النفسية؟ لا معلومات لدي ولكن من المؤكد ان تلك الشركات ستجر الى المحاكم لو فصلت الأمراض على هواها, ويمكن لشركات التأمين لدينا ان تجد حلا لو أرادت ذلك او لو فرض عليها ذلك, وهذا عادة هو الأسلوب الناجع في كل مكان، صحراء كان او بستاناً.
بقي ان اضم صوتي الى صوت السيدة الفاضلة (حصة العذل) وأدعو أهل الخير أفرادا وجماعات الى تبني هذه الفئة, بل وأفشي سرا صغيرا يخص السيدة الفاضلة, أنا أعلم عن كثب انها تبنت علاج عدد ممن هم بحاجة الى العلاج في المراكز النفسية ولا تألو جهداً في حث من تعرفهم على فعل ذلك مع انها لم تشر في زاويتها الصغيرة الى ذلك من قريب او بعيد, ونيابة عنكم وعن من تعينهم أقول لها جزاك الله خيرا!!
Fahads @ Suhuf. net. sa

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved