أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 15th June,2000العدد:10122الطبعةالاولـيالخميس 13 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

شدو
قطِّع,, لا تقطِّع!
د, فارس الغزي
هناك مثل فرنسي يقول كل المشاكل تُحلُّ على مائدة الطعام ، وهو مثل أعتقد جازماً أن له من النسبية الثقافية ما يجعل منه مثلاً غير مناسب للآداب والحقائق الثقافية التي تدور حول موائد الطعام لدينا والتي ليس لها من المرجعية سوى أنها تبلورت في أوقات شدة وفقر وجهل مما جعل من التقيد بها لاحقاً أمرا ذا صلة بالرجولة والكرم رغم اختلاف الزمان وتطور المكان وتحسن الظروف,, وعليه، فمن الممكن القول أن كثير من مشاكلنا على عكس المثل الآنف الذكر تتعقد حول مائدة الطعام! ولنا في الاسراف والبذخ والهدر مادة وكلسترول دلائل على ذلك، بل يكفينا ظاهرة عليَّ الطلاق أن تلقط! كدليل على أن مشاكلنا تبدأ من المائدة وتستمر إلى ما يشاء الله لها الاستمرار.
مناسبة قولي الآنف الذكر هو ما حدثني به أحد الأصدقاء عندما لاحظت عليه تعكر مزاج ليس من عادته: بعد تردد من قبله واصرار من جانبي لمح صديقي هذا إلى أنه قد حصل له خلاف مع أحد اخوته على إثر حضورهم مأدبة عشاء لدى أحد أقربائهم وهي مشكلة أوجزها صديقي كما يلي: بينما نحن نأكل قام أحدهم بتقطيع اللحم بيده ورميه علي الأمر الذي من جرائه احسست بالضيق، فرجوته بأدب واحترام ألا يقوم بقطع المزيد بل وأفهمته بأنها عادة لا أحبذها شخصياً، فما كان من أخي الأكبر سناً إلا ورمقني بعين أرى الشرر يتطاير منها,, لم أحتمل الوضع وسرعان ما غسلت يدي وشكرت مضيفي وغادرت متذرعاً بارتباط مسبق! , انتهى كلام صديقي، وعندها ورغبة مني بتلطيف الأجواء، قمت بالتقليل من أبعاد خلاف كهذا، وأفهمته صادقاً انني شخصياً سبق أن هاوشني! أحد اخوتي ولنفس السبب، مختتماً كلامي له مازحاً بالقول بأنني لا أعتقد بصحة المثل القائل كل ما يعجبك، وألبس مما يلبس الناس ، بل والشكوى على الله! يبدو أن المسألة هي على غرار كل مما يقطع الناس كذلك! ,, لأواصل القول راوياً لصديقي حادثة طريفة ذات شبه بمشكلته وقد سمعتها من بعض الأصدقاء,, تقول الرواية أن أحدهم كان يقطع اللحم لأحدهم الذي ضاق ذرعاً بفعل كهذا فما كان منه إلا أن صاح بالقول: دع عنك هذا فيمناي طويلة! ,, فما كان من الآخر إلا أن بادره صائحاً هو الآخر: يمناك طويلة على الرز واللحم فقط! ,, وحينها دارت معركة مسرحها المائدة,, ولكم تقمص نهايات موقف كهذا.
بل خذوا أنتم ما ذكره مؤلف كتاب أخبار الحمقى والمغفلين من أن جزاراً بالمدينة أتته عجوز وقالت له: اعطني بدرهم لحماً وطيبه لي وأخبرني باسمك حتى أدعو لك، فأعطاها أردأ لحم وقال اسمي من تمد! فلما أنهت العجوز طبخ اللحم وأخذت بتقطيعه لمده على الحاضرين لم تستطع لرداءته، فما كان منها إلا ترديد عبارة: لعن الله من تمد! قاصدة لعن الجزار الذكي! وهي في الحقيقة تلعن نفسها!
وبشيء من الجدية، هنا من الملوم هنا ؟! ,, صديقي المتعلم الذي يعرف في قرارة نفسه أن عادة كهذه لها ما لها من التبعات المتعلقة بالأمراض الناجمة عن عدم نظافة اليد مهما نظفت! ، وهي حقائق علمية واضحة كل الوضوح ولا مجال لاضافة المزيد من التقزز بشرحها,, أم الآخر الذي يرى في تقطيعه للحم ورميه على الآخرين قيمة ثقافية باعثها الاحترام والكرم، والإيثار، والتضحية,,؟!
,, النظافة من الايمان!
للتواصل: ص ب 4206 رمز 11491 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved