أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 16th June,2000العدد:10123الطبعةالاولـيالجمعة 13 ,ربيع الأول 1421

الاقتصادية

فرص العمل في أحضان وزارة العمل
د,مسعد بن عيد العطوي
العمل وسيلة الحياة في هذاالكون، فالله اودع الإنسان ثلاثة ألوان من العمل اولها العمل الفطري الضروري في الحياة الذي يشاطر به جميع الكائنات الحية مثل امتصاص الثدي والحركة البدائية، والبكاء، والضحك، ثم يأتي اللون الثاني وهو مرحلة التقليد في كثير من امور الحياة في المشي، وسائر الحركات، وبعض الاعمال اليدوية أو قل جلّ الاعمال فمنهم من يعمل ويقلد ويفلح في عمله، ومنهم من يجمد ويكسل ويتناقص عمله, واللون الثالث: هو العمل الإبداعي الذي يقوم على العقل والعلم والتفكير: وهو الذي يتمثل في اكتشاف الطبيعة التي سخرها الله للانسان بفاعلية من عمله المعتمد على التأمل العقلي،والمعرفة التي تمثل الوسائل ثم الفكر القادر على التواصل مع الاسباب والمسببات والمتأمل لبلوغ الغايات.
فالعمل ضرورة حتمية في دنيانا، وهو وسيلة عبادية، ولا مناص منه لاستعمار الارض واستصلاحها، وهو وسيلة التدرج والتفاوت بين البشر مما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ من الكسل والخطل، والعمل هو سعادة الإنسان في هذاالكون وهو شفاء من الامراض النفسية، ومن ثم فهو عماد بناء الفرد، والمجتمع، وعمل ابناء المجتمع يرفع من شأن اوطانهم، وعقائدهم ويرسخ مكانتهم بين الامم.
ومن مكونات تخلف العالم الاسلامي ضعف العمل عند الإنسان المسلم، فالمتأمل في انتاجية العامل المسلم يصاب بالإحباط لاسيما عند المقارنة بغيره لا اقصد العامل المهني اليدوي فحسب، وإنما عمل الإنسان المسلم يدويا او فكريا اوكتابيا، اوخبيرا في معمله، ومديرا موجها لإدارته، لا اقل من حصرها جميعا تحت باب (البطالة المقنعة) فلو تبصر كل منها في ذاته لأدرك من بطالته ما ادرك ولذُهِل لهذا لامر.
والعولمة المعاصرة من موجبات التنافس العملي العالمي، فقد كانت الدول تقوم بحماية العمالة داخليا وخارجيا، وتحتمل نقصهم لا سيما في الوظائف الحكومية ومؤسساتها لكننا في عصر الشركات المتعدية الجنسية، والتباري على القدرة النوعية والانجازية، وتنافس عمال الكون في هذه الشركات، بل وقلة الطلب على العمالة, كل ذلك وغيره مما لم يخطر على بال فان الامر مدعاة الى نظرة فكرية جديدة وفي المملكة فالمسئولية تقع على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فالوزارة نتمنى منها بل نعقد آمالنا عليها لتنهض بهذه المهمة المستقبلية فهي جديرة بها ووزيرها معالي الدكتور علي ابراهيم النملة، يحمل فكرا نيرا يؤهله لأخذ المبادرة، كأن يوجد بيئة فكرية داخل الوزارة لصناعة الفكر العملي الذي يوجه بناء العمالة الداخلية، ويوجه الاستفادة من عمالة الشعوب العالمية الوافدة ومنها الادمغة المبدعة، ونقف في هذه المقالة عند العمالة الوافدة:
فالعمالة الوافدة: التي من المفترض ان تحمل مهنة اوتقانة، وخبرة، وثقافة ولا شك في نتاجها لذاتها، فهي تستنزف من الدخل القومي ما يبني ذات افرادها، وينمي مدخلات وطنها، ذلك لاضير منه، لكن أليس من حقنا ان نستفيد من اعمالهم اليدوية، وتقانتهم التي نفتقدها، فلا ترتحل برحيلة، وإنما يرسخ الجانب العملي، والجانب الذهني في ابناء جلدتنا فيجب ان يحمله ابناء الوطن، وهكذا تتبادل المعارف بين الشعوب، وتتبادل الموروثات والمكونات الحضارية الحسية والمعنوية لاسيما المفيد منها فالحكمة ضالة المؤمن وكل عاقل, غير اننا في كثير من الاحيان والازمان، وكثير من الميادين لم نستطع ان نوظف هذاالكم الهائل من عقول الشعوب الوافدة، فكثير منهم ينجز وكثير منهم لا ينجز بل يستنزف، اما عوامل الاقتباس من المهارات فهو محدود.
والمفكرون يرون ان البقاء لعنصر الفكر الذي يجب ان يتجسد في الامم التي تفد اليها العقول البشرية,وهم يضربون الامثال بقدرة امريكا على الاستفادة من العقول المهاجرة، ونحن نأمل ان نفيد ونستفيد فمن الممكن ان نعوضهم مادة كما هو الواقع، ونزيد لهم افضل من المادة فنمدهم بالفكر الإسلامي كما يتمثل للعيان في النشاط الذي يحمد ويشكر للعاملين عليه الذي يقوم بجهد مشكور ذلكم هو المكتب التعاوني للدعوة والارشاد وتوعية الجاليات اتمنى ان تكون جمعية كبرى تعم سائر المدن,ولعلي اعود لهذا الموضوع في مقالة اخرى.
ومادمنا نستقدم الادمغة، ونفتح الابواب لاستقبال العقول على مستويات متباينة، ونقبس منهم لكنه اقل من تطلعاتنا مع اننا احوج مانكون لبناء الفكر العملي، والفرد العملي، والانجاز العملي، والابداع العملي، ذلك ما يجب ان نعده لوطننا، واستعدادا لمنافسة الشركات الكبرى المشاركة في الاقتصاد، فإن العمالة فيها مورد من الموارد الوطنية،ولها تأثيرها من ناحية توطين المعرفة والوعي بها فإذا قلّت فاعلية العمالة الوطنية فإن ذلك يؤدي الى غربة المعرفة وجمود في العقلية العملية للاوطان, فعلينا ان نعد العامل الوطني اعدادا منافسا وإلا ان لم يكن ذلك فسوف توصد الشركات ابوابها، ونحن لسنا بمعزل عن هذه الشركات الكبرى التي شملت مساحة كبرى من العمل الميداني المستقبلي عوضا عن الاعتماد على الوظائف الحكومية, ونحن نتطلع الى فكر اجتماعي شمولي يكون بيئة تطبيقية لبناء الفرد العملي المسلم الوطني لكن حتى يتجسد ذلك فإننا نأمل من مؤسساتنا ترسيخ هذا الفكر، ومنهجيته ومن مظاهر ذلك:
أن تهفو عقولنا إلى حضور لوزارة العمل يتبلور في خطة منهجية تخضع لرقابة وطنية،ويكون فكر هذه الخطة ومنهج قابلا لمجاراة الواقع، يحمل اهداف المعاصرة، ذات برامج تتفاعل معها العمالة وأصحاب العمل في المؤسسات الصغيرة والكبيرة، ينجم عنه الاستفادة المباشرة للوطن من انجاز للعمل واتقانه، ومن التأكد على نقل المهنة او التقنية.
قيام مراكز تدريبية منهجية متدرجة المراحل يخضع هذا التدرج لعملية الممارسة وقدرة التطبيق الواقعي، وتكون هذه المراكز ملحقة بالمدارس، وتكون هناك مراكز مهنية بجانب كل مدينة صناعية وتكون هذه المراكز تجارية اهلية اوتعاونية تحت اشراف من وزارة العمل.
لو ألزمنا كل شركة صناعية بمركز تدريب لكان في ذلك نماء للعامل الوطني ونحن نسمع عن شركات قامت بهذه المهمة فلها تقديرنا كشركة الاتصالات مثل ونرى مؤسسات اخرى لديها مراكز تدريب ولكنها للعمالة الوافدة.
ان الوطنية توجب على الشركات الالتزام بالتدريب والممارسة، ولانخضع وطنينا لما تلوح العولمة به من تعد الحدود للشركات، فهذه ذوبان للامة, نسأل الله ان يلهمنا العمل الصالح ليكون عامل ثبات لأمتنا.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved