أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 16th June,2000العدد:10123الطبعةالاولـيالجمعة 13 ,ربيع الأول 1421

تحقيقات

أبناؤكم تباشير المستقبل فاقتربوا منهم واحموهم
لماذا يجني الأبناء نتائج انحراف الآباء والأقارب؟!
تحقيق سامية العباسي وإيمان التركي
الوالدان منفردان والأسرة الواحدة الكل قد يقع تحت مؤثر أو آخر من المشكلات الاجتماعية التي مردها الأبناء وقد يكون الابن أو البنت هو المتأثر سلباً بنوع من انحرافات أحد الوالدين أو أحد الأقارب وقد يكون من بين الأخوة والأخوات على أن لكل من هذين المحورين أسباباً ومسببات وأسلوب علاج وطرق وقاية ضمن عناصرها مجتمعة ماله علاقة بالمجتمع وعاداته وتقاليده وأعرافه وهي تختلف وتتلون من بيئة لأخرى ولكنها في المحصلة النهائية لها آثارها على شرائح من الأسر والمجتمعات بل والافراد الذين قد يتحملون ضنكاً وظلماً أسريا واجتماعياً دون ذنب لهم بل لمجرد علاقات القرابة,, وهنا نستوضح آراء متخصصين يتحدثون عن كلا المحورين المطروحين في هذا التحقيق: كيف نحمي الأبناء من الانحراف، ولماذا يجني الأبناء نتائج انحراف الآباء والأقارب؟! على أن هذا الطرح غير نهائي فأنتم مدعوون للمشاركة بكل رأي هادف حول هذه المسائل وتداوله عبر صحيفتكم الجزيرة,.
المعايير الاجتماعية
في البداية يقول الدكتور سليمان عبد الله العقيل قسم الدراسات الاجتاعية بكلية الآداب بجامعة الملك سعود: حينما نزل آدم وحواء إلى الأرض بدأ الصراع بين الخير والشر ثم تكونت أنواع الشر وصنف الناس والمجتمعات على أساسها ثم توزعت المجتمعات التكوينات العائلية والأسرية والقبلية بما تحويه من طبقات وشرائح وفروق وبالتالي فهذه المسألة تتعلق وتلحق بهم جميعا جراء سلوك يظلم الكثير، والمجتمعات العربية التي تؤسس الفرقة فيها على الانتماء القبلي والشرف تكون سمعة الإنسان فيها حساسة للغاية لدرجة أنه يمكن أن ينهي حياته أو ينتهي على يد الآخرين أو تنسف الأسرة ولا يعود لها ذكر إلا السيىء سواء كان رجلا أم امرأة وهذا مخالف لسنة الحياة ويزداد الأمر سوءا إذا ارتبط الفرد السيئ في الأسرة بمصير جميع أفرادها ليشمل تأثيره على الجميع وتقييم أخلاقهم من خلال هذا الفرد قد يكونون على مستوى من الخلق أو على الأقل في مستوى معقول ولكن الاعمال السيئة تغطي على الأعمال الحسنة ويعد هذا من ظلم الإنسان لأخيه ويذهب ضحيتها امرأة أو فتاة والسبب تلك المعايير غير العادلة التي يعيشها مجتمعنا فنجد بعض الأسر لديها الاستعداد ان تفعل أي شيء حتى لو كان خطأ في سبيل عدم انتشار خطأ ما بالرغم أن الكل يعرف أن الخطأ لا يتجاوز إلى الغير سواء كان ذلك قريباً أو بعيداً فكل فرد مسؤول عن تصرفاته وأفعاله ومستقبله ولكن للأسف الواقع يخالف هذا كما قلت سابقاً فالمعايير الاجتماعيية الخاطئة أحياناً هي أشد قسوة وتأكيداً على ضبط المجتمع وأفراده.
نظرة تسبب الحقد
بدأ الدكتور عبد الله سلطان السبيعي استشاري وأستاذ الطب النفسي حديثه بمثال فحواه أنك لو أخذت بقول القائل أعط القوس باريها فإنني سوف لن أتطرق للجانب الشرعي أو الأخلاقي في هذا الموضوع بل إنني سأقتصر على الجوانب النفسية فقط عندما يكون هناك تجنب لفتاة ما من قبل صديقاتها أو جيرانها لا لشيء جنته إلا أن أحد أقاربها منحل أخلاقا أو منحرف أو مدمن فإن ذلك له تبعات عدة فعندما يحدث ذلك في سن مبكر وتشعر الطفلة بالغربة في مجتمعها وأنها إنسانة مكروهة منبوذة فإن ذلك قد يقودها هي الأخرى إلى الانحراف وموالاة الشيطان وإن لم يحدث ذلك فهي لابد وأن يتكون داخلها شعور بالحقد والكراهية تجاه مجتمعها وذلك أنها تتعرض للظلم وأي ظلم أكبرمن أن تحمل هذه الفتاة أو تلك وزر قريبها ونعاقبها بذنب لم تقترفه,, هذا الحقد وهذه الكراهية قد ينبع عنها اضطراب في الشخصية وسلوكيات عدوانية ظاهرة أو مبطنة وبذلك تسوء علاقتها حتى مع أقاربها فهذا الحقد الذي تعلمته منذ نعومة أظفارها لا يفرق بين قريب أو بعيد وقد تكتوي هي بناره من قبل كل من تصطدم معه او عندما تكبر ويحدث مثل هذا الغمز واللمز والتجريح من قبل الزوج أو الصديقة عند المشاحنات والخلافات فلا شك أن ذلك سيكون له أثر سيئ عليها فهو قد يؤدي إلى شعورها بالكآبة والنقص والانطواء تجاه المجتمع بسبب حقدها نظراً للظلم الذي تعرضت له منهم الأمر الذي يحدث شرخاً في الحياة الزوجية وقد يعصف بها ثم لننظر للتأثيرات الناتجة على علاقتها مع أطفالها قطعاً سيتعلمون منها الانطواء والحقد تجاه من حولهم فهذا المنهج الفكري المختلف تحميل الفتاة وزر أقاربها المنحرفين يتعدى مراحل الفتاة ويؤثر على أطفالها وقد يعرض حياتها الزوجية إلى التهلكة.
بين القصور والصحة
وتحدثت الدكتورة عائشة الشهراني طبيبة أمراض نفسية بوزارة العمل والشؤون الاجتاعية فأكدت أن هذه النظرة فيها نوع من القصور لأن الإنسان لا يؤخذ بذنب غيره وأيضاً فيها نوع من الصحة فالصحة إذا كان أحد الأبوين منحرفاً فسيؤثر هذا على الأولاد سواء رضينا أم أبينا لأن طريقة تربيتهم وطريقة تعاملهم ستختلف عن التربية السوية وسيكتسبون الكثير من صفاته مما يدعو للتحفظ والروية عند التوجه للزواج منهم أو مخالطتهم، أما كونها نوعاً من القصور إذاكان المنحرف العم أو الخال وغيرهم من الأقارب لأنها تعد إجحافاً في حق الفتاة أو المرأة والذي قد يكون بعيداً عن محيط الأسرة,, وأوضحت كيفية الوعي بمثل هذه الأمور فقالت: يمكن أن نخفف من هذه النظرة الاجتماعية عن طريق وسائل الإعلام وعن طريق المساجد لأنه من الصعب إقناع المجتمع بها فمجتمعنا متدين أولاً ومحافظ ثانياً إضافة إلى انها نظرة تمس القيم الاجتماعية والدينية.
الدين هو المعيار
ومن جانبه يقول الأستاذ محمد بن عبدالعزيز المسند محاضر بقسم القرآن بكلية المعلمين بالرياض إن من القواعد الشرعية المتفق عليها في الشريعة المطهرة أن أحداً من الناس لا يتحمل ذنب أحد ما لم يكن هو المتسبب في ذلك الذنب أو العيب عليه يقول الله تعالى مقرراً هذه القاعدة: وأن لا تزر وازرة وزر أخرى ومن هذا المنطلق فإن أي فتاة أو امرأة لا تتحمل ذنب قريب لها سواء كان والداً أو أخاً أو ابناً أو غير ذلك وما يفعله بعض الناس عند البحث عن شريكة الحياة من الإعراض عن الفتاة الصالحة المؤمنة بحجة أن لها قريباً أو قريبة منحرفين أخلاقياً وهذا خطأ فما ذنب تلك الفتاة الصالحة المؤمنة بل ان هذه الفتاة في مثل هذه الظروف هي في أمس الحاجة إلى من ينقذها ويخلصها من هذا المجتمع إلى مجتمع آخر صالح لتتمكن من المحافظة على دينها وأخلاقها والاستمرار على ذلك لأن بقاءها في ذلك المجتمع الفاسد قد يكون على المدى البعيد سبباً في انحرافها وتخليها عن دينها أوعلى الأقل ضعف إيمانها ولا سيما إذا أعرض عنها الخطاب الصالحون وأحست بأن قطار الزواج قد فاتها أو أوشك على الفوات وإن كان الواجب على المؤمن ألا يتخلى عن دينه وإيمانه مهما كلفه ذلك ومهما كانت الظروف والأحوال ولكن ما كل فتاة تبلغ هذه الدرجة من الإيمان هذا فيما يتعلق بالفتاة أما الشاب فأذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه الشاب لا يرضى ولا يحب أن يزهد الناس في أخواته بحجة فساد أقاربه,, فكيف يرضى ذلك بالأخريات وإذا كان الأمر كذلك فلا ينبغي للشاب أن يتردد في التقدم لخطبة الفتاة الصالحة المؤمنة إذا وثق من دينها وخلقها لأننا لو تأملنا الواقع وتصفحنا التاريخ لوجدنا أنه ما من بيت إلا وفيه من طمس الله بصيرته إلا من رحم الله حتى بيوت الأنبياء عليهم السلام وأسرهم فهذا نوح عليه السلام قد ابتلي في بيته بزوجة كافرة وابن كافر وإبراهيم عليه السلام ابتلي بأب كافر ولوط عليه السلام ابتلي بامرأة منافقة تظهر له خلاف ما تبطن ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ابتلي بعم كافر فتبين أن الدين وحده هو المعيار الصحيح لاختيار شريكة الحياة وما سوى ذلك فلا قيمة له في ميزان الشرع,, قال صلى الله عليه وسلم: تنكح المراة لأربع لمالها وجمالها وحسبهاودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك .
جنوح الأبناء
ومن هنا ننتقل إلى الموضوع والمحور الآخر في هذا الطرح الخاص بجنوح الأبناء فهناك بعض الحالات التي تمتلئ بها عيادات الأطباء النفسيين بالأبناء الذين يعانون من اضطرابات نفسية خطيرة وتصرفات غير طبيعية وهذه التصرفات تقلق الأسرة وبالأخص الأم ويحارون في تفسيرها ومعرفة دوافعها وأسبابها.
وإذا نظرنا إلى هذه التصرفات أيضا نجد أنها تؤثر على المجتمع سلباً وبالتالي على الأسرة,, ترى ما هي أسباب هذه الظواهر غير المألوفة التي تصيب الأبناء وتكبر معهم ويستفحل خطرها؟
فقد أكدت الدكتورة سميرة جمجوم بأن عواطف الأم تجاه أنجالها عواطف طبيعية خالصة لا تنتظر لها مقابل هذا يصدق على مرحلة الطفولة حيث يكون الأبناء عاجزين ومعتمدين عليها اعتماداً كليا هنا تؤدي الأم وظيفتها بالكامل بتضحية وتفان واخلاص مهما كابدت,.
وهذه حكمة الخالق عز وجل وحتى ينال الطفل أقصى رعاية مهما كانت درجة شكله أو شقاوته فالطفل العنيد الشقي يلقى نفس الرعاية والاهتمام والحب مثل الطفل الهادئ المطيع,, والصورة تتغير حينما يكبر الأطفال ويصبحون شباباً وشابات ويستقلون عن الأم ويصير اعتمادهم على أنفسهم كاملاً, وهنا تصير علاقة تبادلية بين الأم وابنها,, علاقة تقوم على الأخذ والعطاء فالحنان لا بد أن يكون متبادلاً وكذلك الاحترام والحب,, لتصبح علاقة قوية جداً,, إن لم تكن أقوى علاقة لأن لها جذوراً عميقة فطرية وغريزية,, فالأم تظل تحب ابنها والابن يظل يحب امه فهذه هي الطبيعة والغريزة,.
وهذا هو التكوين الالهي للإنسان,, ولكن هذه العلاقة تخضع لتأثيرات ومتغيرات ويمكن ان تتأثر بشكل سلبي إذا أساء أحد الأطراف لهذه العلاقة كأن يعامل الابن أمه بقسوة أو يمتنع عن زيارتها ورعايتها أو يتوقف عن مساعدتها وينصرف إلى اهتماماته الخاصة وتصرفاته غير السوية من هنا تستطيع الأم بطبيعتها أن تكتشف انحراف الابن إلى طريق الاجرام,, والجزء الطبيعي والغريزي فيها يجعلها تشعر بالشفقة,, وترجو له الصلاح حرصا عليه وقلقا من أجله,, وهنا لا بد للأم من الاسراع بمعالجة هذا الانحراف في الابن مستعينة في ذلك بوالده والمقربين إليه ومن يشعر ناحيتهم بالحب والحنان والأمان والاطمئنان لتغير السلوك الشاذ الذي طرأ عليه,, ويمكن للأم أن تلجأ إلى العلاج النفسي للابن إن لزم الأمر,,, وبذلك يمكن للأم تجنب انحراف الابن بقدر المستطاع, ولكن بدون شك فإن عواطفها ناحيته تتأثر بشكل سلبي ولا يمكن أن تحبه وتقبل عليه مثل حبها واقبالها على الابن الطيب الملتزم الذي يتمتع بسمعة طيبة وخلق حسن، فهي تشفق على المجرم ولكنها تحب الابن الصالح والأم تعاني كثيرا وبقسوة حين يكون لها ابن منحرف فعواطفها تكون متناقضة متصارعة وأقول لابد من المتابعة المستمرة لجميع تصرفات وسلوكيات الأبناء.
التربية السليمة
وفي التوجيه التربوي بجدة كان للجزيرة هذا اللقاء بالأستاذة الدكتورة طريفة الشويعر,, الأستاذة بكلية التربية سابقاً والمديرة لادارة الاشراف التربوي بجدة حيث قالت: للتربية علاقة مباشرة في غرس وتنمية وتطوير بعض العادات السليمة مثل عادة حب الأسرة والتمسك بالسلوك القويم والتعاون بين أفراد الأسرة والمجتمع وتنمية حب العمل والرقي والوصول دائما إلى الأفضل سواء كان الشباب والشابات طلبة وطالبات أم كانوا يعملون في مصالح حكومية أو خاصة, فلابد من شغلهم بالعمل,, كما تلعب التربية دوراً بارزاً في تشكيل اتجاهات الفرد نحو التمسك بالدين وحب العمل والخلق الحسن,, وكلمانشأ الفرد على هذه الأسس بإذن الله يحفظ من كل شر ويسلك دائما الطريق الصواب.
وتضيف أ,د طريفة الشويعر: فتقول: إن للتربية دوراً فعالاً في القضاء على الجهل والاعتقادات المتصلة بالخرافات والتخلف من القيم السلبية.
الأمر الذي يجعل الأفراد أكثر قدرة على التكيف مع واقعهم والعمل على تطوير المفاهيم الاجتماعية القديمة من جهل بالأمور التي كانت تسود بين الشباب من أفكار خاطئة مثل الجري وراء الادمان وخرافاته.
الأم مدرسة
ثم التقينا بالأستاذة/ منى تركي,, مديرة مدرسة ولها وجهة نظر هامة في أهمية تربية الطفل منذ النشأة الأولى وأثر ذلك على الأبناء في مرحلة الشباب فتقول: أود التركيز على أهمية دور الأم في حياة الأبناء منذ الولادة وحتى مرحلة الطفولة ثم الشباب .
وهكذا يكون للأم الواعية الخلاقة المسؤولية فهي تبدأ في تربية أبنائها منذ اللحظة الأولى من التخليق في بطنها فرعاية الأم لصحتها وعدم تعرضها للانفعالات كذلك عدم تعاطيها أي شيء يعرض حياة الطفل في المستقبل للخطر كل هذا وبفضل من الله يبعث به إلى الحياة صحيحاً معافى خالياً من الأمراض العضوية والنفسية وكما يقال: العقل السليم في الجسم السليم ثم تبدأ الأم في رعاية طفلها وتبثه حبها وحنانها وعطفها وتعلمه وتؤدبه وهنا تكون المرحلة الخطيرة في نفسية الطفل,, فلا العطف الزائد مطلوب,, ولا الشدة الشديدة مطلوبة ولكن خير الأمور الوسط,, هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف عن تربية أطفالنا حتى ينشؤوا نشأة سوية فيقول الحديث الشريف عن المصطفى صلى الله عليه وسلم: لاعبه سبعاً وأدبه سبعاً وصادقه سبعاً ثم أطلق له الحبل على الغارب صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم,, ومعنى الحديث أن تلاعب طفلك وتدلله وتعطف عليه ثم تبدأ في تأديبه أما العقاب والثواب لكل أفعاله ثم إذا كبر فصادقه وصاحبه وتسدي له النصح بالتي هي أحسن ثم بعد ذلك نتركه يشق طريقه فيكون إنساناً سويا.
وتركز الاستاذة منى تركي على الصعوبات التي تواجه الأسرة فتقول:
ومن أكبر الصعوبات التي قد تواجه بعض الأسر انحراف بعض الأبناء,, ومنذ أن يكتشف الأهل هذه المشكلة تنقلب الأسرة من حال إلى حال خاصة الآباء والأمهات,, ولكن الآباء غالبا ما يكونون عقلانيين في قراراتهم مع الأبناء المنحرفين أو قد يذهب بهم اليأس ويتوجهون إلى العيادات النفسية لحل مشاكل الأبناء وعلاجهم بها خاصة في حالات الانحراف المتكرر,, أما الأمهات فانهن يمثلن قصة أخرى تماما في مثل هذه الظروف الصعبة,,,, فمهما ثارت الأم أو مهما عظم الانحراف أو زاد أو حتى إذا تعدى الانحراف وتسبب في الاضرار بالأمهات انفسهن فينالهن أذى من الأبناء وموقف الأم في الغالب هو موقف وجداني شديد,, فهو خليط عجيب من الحب والعطف والخوف والقلق لدرجة أن في المجتمع بعض الأمهات انفسهن يصبن بأمراض الاكتئاب النفسي التفاعلي لموقف بعض الأبناء وانحرافهم,, فالأم غالباً تكتشف انحراف بعض الأبناء ومن هنا تبدأ المعاناة للأم, هل تتكلم أو تكتم هذا الخبر ويصبح سراً مؤرقا لها,, أم تثير هذا الموضوع مع الوالد الذي غالباً ما يأخذ الأمور بالشدة والعنف وهنا تقع الأم في حيرة من أمرها وتحاول قدر جهدها أن تمارس ضبط النفس وتتفاهم مع ابنها المنحرف الذي غالباً ما يكون في شغل شاغل عن حديث امه أو يحاول ايهامها بأنه لن يعود للانحراف مرة أخرى هذا إذا كانت علاقة الحب بين الأم وابنها المنحرف ما زالت موجودة ولكن إذا كانت منعدمة أصلاً,, فالأم تنصح والابن لن يستمع,, تدخل في دائرة مفرغة من قرارات الانحرافات التي غالباً ما يتردى فيها وينحرف الأبناء لتيارات خطيرة قد تودي بحياتهم او تنتهي بهم إلى السجون,, وقد يكون رد فعل الأم شديد الوطأة وهذا يعتمد على شخصية الأم فلا بد هنا أن تكون قوية الشخصية حتى تتمكن من التصدي لهذه المشكلة ولي كلمة هامة أوجهها للام لأن عليها عبئا كبيراً في تربية الأبناء (الوقاية خير من العلاج) وهذا يعتمد على الأم الواعية المثقفة التي تبث في أبنائها روح الحب والتسامح وتعطيهم أغلب وقتها وجهدها كذلك يجب أن تتابع أغلب تصرفاتهم,, كما يجب أن تدفع بهم إلى الأنشطة الاجتماعية والرياضية خاصة في مرحلة المراهقة,, ولا بد للأم أيضا أن تعقد صداقات حقيقية مع أبنائها فيحكوا لها متاعبهم ومشاكلهم وتحاول بحنانها وحبها أن تبث فيهم بكل الصدق آراءها وتجاربها أو تروي لهم عن تجارب الغير وليس هذا فحسب ولكن تدخلها الهادئ في اختيار أبنائها وهو نقطة خطيرة وصحيحة في حياة الأبناء كذلك نرجو من كل مدرسة أن تكون الحضن البديل للأطفال.
شواهد مأساوية
وعن مشاكل الشباب التي تمر بها بعض الأسر التقينا بالسيدة ح,م بخاري حيث قالت لنا بألم والدمع ينجرف من عينيها,, يعلم الله عز وجل بمدى الرعاية والاهتمام الذي وهبته لأولادي الثلاثة منذ الصغر ومنذ وفاة والدهم وأنا متفرغة تماما لتربيتهم حيث إنني تركت الدراسة بالجامعة من أجلهم علمتهم التقوى والإيمان تفرغت لتدريسهم مع حرصي الشديد على متابعتهم المستمرة وظلوا على استقامتهم وأخلاقهم الطيبة وتفوقهم الدراسي حتى أصبح الابن الكبير بمرحلة البكالوريوس ومنذ عام تقريبا لاحظت بعض التغييرات في سلوكه مما جعلني مضطرة للاستعانة بأخي لمراقبته حيث أفادني بأن ابني يجتمع يوميا مع بعض من أصدقاء السوء من الشباب المنحرف حتى أصبح مثلهم ولم أنس هذا اليوم الصعب ولم أعرف حتى الآن ما هي الأسباب التي دفعته إلى الانحراف على الرغم من انني أحسنت تربيته منذ الصغر,, واضطررت إلى ادخاله مستشفى خاصاً للعلاج وكتمت هذا الخبر عن جميع الأهل ما عدا أخي وأمي وما زال تحت العلاج,, وأنا على ثقة كبيرة في الله وأحمد الله على كل شيء وكان الله في عوني وعون كل أم تمر بظروفي.
وتروي السيدة الجوهرة بنت ع,ل,أ, فتقول: تزوجت منذ أكثر من عشرين عاماً وأعمل معلمة في مدرسة متوسطة للبنات وزوجي رجل أعمال,, دائما مشغول,, أنجبت ثمانية من الأبناء (خمسة أولاد وثلاث بنات) انشغل زوجي بجمع المال بالإضافة إلى زواجه بأخرى ورفضت طلب الطلاق منه بعد زواجه حرصا على تربية الأولاد بيننا على الرغم من وجوده في بيت زوجته الثانية بصفة مستمرة وترك لي المسؤولية الكاملة في تربية الأبناء ومسؤولية البيت كلها وانشغل هو بماله وزوجته الجديدة ولم يهتم يوما بمتابعة الأبناء لا دراسياً ولا تربوياً وتحملت كثيرا وصبرت أكثر من أجل تربية الأبناء.
وأثناء غياب دور الأب وبالرغم من تكريس أغلب وقتي وجهودي لتربية أبنائي إلا أن اثنين من الأبناء وقعا في طريق الانحراف وتركا الدراسة بالجامعة منذ عامين لتكرار رسوبهما واهمالهما للتعليم,, وقد بدأ بالانحراف الابن الأكبر وذلك بتعاطي المخدرات,, وقد تمكن من التأثير على أخيه وجرفه في طريقه,, طريق الشر والشيطان تعاطي المخدرات,, ثم السرقة من البيت,, وبعد تكرار السرقة ورسوبهما,, اكتشفت الأمر وأصبت بأزمة قلبية من هول المفاجأة,, وصارحت والدي بالأمر على أن يكون سراً بيننا,, وعلى الفور ادخلهما والدي المشفى للعلاج,, والله وحده يعلم ما أمر به من ظروف قاسية,, وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على اهمال الزوج لمسؤوليته كأب واستهتار بعض الشباب وانحرافهم في تيارات خطيرة وضارة فانحراف الشباب شر ودمار.
إلى الطبيب فوراً
وكان لا بد لنا أن نلتقي بالأستاذ الدكتور أحمد حسون الهنداوي أخصائي جراحة المخ والأعصاب ليحدثنا عن رأيه في مشكلة انحراف بعض الشباب وعلى من تقع المسؤولية وكيفية العلاج.
حيث أفاد أن من أهم المشاكل التي تواجه العيادات النفسية ومشكلة انحراف بعض الشباب,, والانحراف هنا له أوجه متعددة واشكاله تختلف ما بين الادمان,, والمخدرات والسرقة وغيرها وجميعها تعتبر من الأمراض الاجتماعية الخطيرة التي يجب أن تعالج بأقصى سرعة ممكنة وكلما اكتشف مبكراً كان العلاج سهلاً وفعالاً باذن الله,,, وللأم دور مؤثر وخطير في هذه المشكلة إذ يجب أن تكون قوية الملاحظة خاصة على الأبناء منذ الطفولة وحتى مرحلة الشباب وإذا لاحظت أي تغيير يطرأ عليهم فيجب عليها استشارة الطبيب النفسي فوراً وعرض الحالة عليه إن لزم الأمر, وأطمئن الامهات أن أغلب العيادات النفسية يكون فيها العلاج سراً بين الطبيب أو الطبيبة المعالجة والأم أو الأب أو من يثق فيهم أهل المريض,واختتم فقال: للأم دور هام في حياة الأبناء,, والتربية الصحيحة وهي في غرس الأم للمبادئ الإسلامية والخلق الحسن في الأطفال منذ الصغر واستمرار الأم في المتابعة والاخلاص للأبناء حتى يصلوا إلى مرحلة الاعتماد على النفس, وأي تغييرات تلاحظها الأم على ابنها يجب أن تعرض الأمر على طبيب نفسي فوراً.
ولنا كلمة
ولأن أغلى مافي الحياة الأسرة هم الأبناء وهم أمانة غالية في أعناق الأمهات والآباء,, احرصي عزيزتي الأم على تبادل الحديث وتجنب الصراعات مع أبنائك وحاولي إيجاد فرصة يوميا,, كذلك يجب الافصاح عن رأيك بصراحة في الموضوعات التي تهمهم وتشغل بالهم في هذه السن ولا بد من احترام حرية أبنائك الشخصية وعندما يسترعي الأمر عقاب أحدهم فاختاري انواع العقاب التي يمكن تنفيذها بطريقة مؤثرة أو فعالة واحرصي على ألا تطول الفترة بين التهديد بالعقاب وتنفيذه عندما يكون الخطأ,, وعلى الأم أيضاً محاولة عدم تجاهل الانذارات التي تشير إلى أن الابن يحتاج إلى مساعدة مثل تغيير مفاجئ في سلوكه,, وإن مهمة تربية أبناء سعداء ليست بالشيء الهين او السهل فكل جيل من الآباء يعاني من المتاعب في تربية الأبناء ويكفي نجاحهم في تخطي المتاعب والتغلب عليها هو المكافأة التي تكمل مهمتهمويمكن القول ببساطة لكل أم وكل أب,, اقتربا أكثر من أبنائكما انهم تباشير المجتمع وأمله، إن المسؤولية الكبرى في التربية منذ النشأة الأولى وحتى مرحلة الشباب على الأسرة,, ثم الأسرة,, ثم الأسرة.




أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved