أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 16th June,2000العدد:10123الطبعةالاولـيالجمعة 13 ,ربيع الأول 1421

شرفات

في البحث عن إكسير الشباب الدائم
* علم الحياة يؤكد أن جسم الانسان مخلوق ليعيش مائة وعشرين سنة لكن المهم هو كيف يصل الانسان الى هذه السن وهو محتفظ بصحة جيدة؟ علماء الحياة يدرسون آليات الشيخوخة أملا في التوصل لتركيب إكسير الشباب الدائم؟!
يبلغ عمر أول اثر مكتوب للحلم بالشباب الدائم خمسة الاف عام فقد روى السومريون في ملحمة جلجامش عن مدينة اوروك التي كانت تقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات ان جلجامش خرج باحثا عن إكسير الخلود وبعد بحث طويل عثر على ضالته في أشنة بحرية لكنه وللاسف سها عنها قليلا فاذا بحية ماكرة تسرقها منه وفي العصور الوسطى بدأ التفكير في الشباب الدائم يتجاوز الاسطورة متخذا منحى آخر هو علم (الشيمي) الذي شكل مزيجا من الكيمياء والطب والسحر وكان يلجأ اليه باحثو ذلك العصر في تحضير وصفات للعمر الطويل.
وبمرور الايام تطور البحث في هذا المجال فقل السحر الى درجة الانقراض وازدهرت الصناعة الدوائية وهي صناعة عرفت كيف تروج فكرة مفادها بأن الانسان يجب أن يحافظ دائما على شبابه وجماله.
يتصدى طب التجميل الى علامات الشيخوخة المرئية كالتجاعيد والشعر الابيض والصلع وتهدل الانسجة اما بيولوجية الشيخوخة فهي تجهد لتخفيف آثار الزمن هذا (الوحش الذي يظل يقضم الانسان من ولادته وحتى مماته) كما وصفه (آلان رينبرج) وهو باحث في علم البيولوجية والزمن في المعهد الوطني للابحاث العلمية.
وتقوم اول مقاربة في دراسة الشيخوخة وطرق تلافيها على تنظيم الاليات الفيزيولوجية لاعدائنا الرئيسيين (الجذوريات الحرة) وهي جزيئات تنتج عن عمليات فيزيولوجية كالهضم تتميز هذه الجزيئات بانها تفقد الكتروناً وتحاول جاهدة ان تعود الى وضع الاستقرار بسرقة الكترون من جزيئات اخرى وهذه الجزيئات بدورها تصبح غير مستقرة فتسرق بدورها الكترونا وهكذا دواليك بحيث تؤدي ظاهرة (كرة الثلج) هذه الى حدوث تلف تدريجي في الاليات الفيزيولوجية.
ولحسن الحظ يملك الجسم آليات لتحييد الجذوريات الحرة وتستخدم هذه الآليات انزيمات (منظفة) منها الغلوتايتون والبيروكسداز والكاثالاز وهي كلها من انتاج الجسم او من الفيتامينين C وEويوضح الباحثون ان هذه الالية الدفاعية الطبيعية تبقى غير كافية لايقاف زحف الشيخوخة على الجسم متوقعين ان يتوفر في مخازن قرننا الحادي والعشرين كبسولات (مضادة للجذوريات الحرة) اما المقاربة الثانية في دراسة آثار الشيخوخة فهي تقوم على التقليل ما امكن من الوارد الغذائي فقد أكدت دراسات اجريت مؤخرا ان فئرانا تخضع لنظام غذائي قليل السعرات الحرارية (تقليل الوارد الحروري من 25 الى 5 في المائة) تعيش حياة أطول من حياة اقرانها وتتمتع بصحة افضل.
ويؤكد الاطباء ان هذه النتائج تنطبق على الانسان لكن الشيء غير المؤكد هو ان هذا النمط من النظام الغذائي قد لا يروق للاشخاص المغرمين بالطعام! وندين بالفضل في النتائج الواعدة في هذا الخصوص الى البيولوجيا الجزيئية التي اقترحت مؤخرا طريقة جديدة في العلاج تنصح بتدعيم الDNA وهو الجزء الذي يحمل المورثات ويقول عدد من الاختصاصيين في البيولوجية الجزيئية من جامعة باريس الثانية ان الDNA يستهلك مع مرور الزمن لكن الجسم ولحسن الحظ مزود بآليات لترميمه فكلما تعرض للتلف تسارع انزيمات متخصصة الى اصلاحه واذا كان الانسان يتصف بطول عمر كبير نسبيا يميزه عن جميع الثدييات الاخرى (ما عدا الحوت الذي يقارب طول عمره طول عمر الانسان) فإن الفضل في ذلك يعود لتمتعه بأفضل جهاز ترميم DNA موجود عند الثدييات ويتصور اختصاصي التغذية الامريكي الشهير روبي والفورد من جامعة كاليفورنيا ان الطب سيقدم في المستقبل القريب طرقا لتنشيط المورثات التي تشفر انزيمات الترميم بهدف انتاجها بكميات اكبر ولا يشيخ الDNA وحده فحسب بل يشاركه عدد من المورثات التي تتدخل في حدوث الشيخوخة وفي فرنسا بدأ باحثون في البيولوجية منذ ثماني سنوات عملية بحث عن المورثات التي تمكن الانسان من العيش مائة سنة كما ان دراسات اخرى كشفت عن وجود مورثات ذات مواصفات خاصة اذ تبين للعلماء انه بتنشيط هذه المورثات او بتعديلها يمكن إعادة الشباب لبعض الاحياء اذ يمكن على الاقل اطالة عمرها ومن بين هذه الاحياء خميرة الخبز والديدان الجبلية والسؤال الهام الذي يطرح نفسه هنا هو هل توجد نظائر لهذه المورثات عند الانسان وهل تساعده هذه المورثات ان وجدت في اكتشاف اكسير الشباب؟!
يتصور عدد من الباحثين المتفائلين ان الطب قد يستطيع في حال كشف هذه المورثات استبدالها بمورثات جديدة مستخلصة من خلايا شاب عندما يتقدم الانسان في السن,فيما يتحدث اطباء اخرون عن امكانية مضاعفة هذه المورثات وذلك بدعمها بمورثات فائقة القدرة مستخلصة من الحيوانات ويبدو انه ما لم يعثر غواصون عابرون ذات يوم في اعماق المحيط على حيز احيائي تعيش فيه سراطين مئوية (تعيش مائة سنة) وما لم تبين التجارب ان سر عمرها المديد يكمن في غذائها المؤلف من اشنيات ذات فوائد عجيبة منحدرة من الاشنة التي ضاعت من جلجامش منذ آلاف السنين ما لم يحدث ذلك فان خلطات اكسير الشباب ستظل تغل ارباحا خيالية لمروجيها.
* مترجمة عن البحث.



أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved