أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 18th June,2000العدد:10125الطبعةالاولـيالأحد 16 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

نهارات اخرى
أتعس النساء
فاطمة العتيبي
** حزن المرأة الحقيقي هو أن يكون رفيق حياتها ذاك الذي تعبر معه وعلى ذات السفينة أمواج الحياة,.
فضاً,, قاسياً,, بلا قلب,, وبلا مشاعر,.
بلا مبالاة,, ولا ذوق,,ولا لباقة,, ولاحياء,.
ولأن ثمة كاميرا صغيرة تخص هذا الكائن الغريب الذي يسكن مخيلتي,.
يجعلني دائماً في مواجهة بعض الحكايات الصغيرة التي ربما تعبر الاخرين دون ان تحرضهم على تسجيل اي مشاعر لا مع ولا ضد,.
لكننا نحن الذين زرع الله سبحانه وتعالى في رؤوسنا هذه الكاميرا الصغيرة التي تسجل وتلتقط في كثير من الاحيان يشغلنا ما تسجله هذه الصغيرة احيانا عن الاستمتاع بحياتنا كالآخرين,,.
مازالت ذاكرتي تلك المرأة التي ان صدقت فراستي تعبر النصف الاخير من الثلاثينات,.
يخطو زوجها قبلها بأكثر من خمسة أمتار ولا تحاول هي مطلقا ان تقرب المسافة ولم يحاول هو قط,.
وفي المسافة يتناثر سرب من الأطفال هم يعبرون ايضا دون ان يحاول كل طفل ان يطوي المسافات الفاصلة ولقد سار الطابور أمامي وانا اقتعد مقعدا خارجيا في ساحة تطل على ثلاثة مراكز تسوقية كبيرة,.
يتقدم الرجل الطابور ويدخل المركز الاول الذي يتكون من طابقين,.
وحين يقترب من بعض النساء الجالسات,.
يغني,, الله,, الله,, وحين يقترب اكثر,, يكمل,, يازين اللي حضرت,.
ويغيب صوته داخل المركز
ثم تصل المرأة الاواخر ثلاثينية تغذ السير لاحقة بزوجها واطفالها,,.
دقائق قل خمس أو ست,.
ويفاجئني الطابور,.
عائداً,.
وهو على ذات ترتيبه,, دون أدنى تغيير
فتاة جالسة تحاول استعجال من سيوصلها فتستخدم الجوال,.
يعلو صوت الرجل وهو يقترب منها,.
الله يالدنيا جوالات,, تطوروا الناس
تغيب ضحكاته البائسة,.
ويدخل المركز الثاني
ثم تمرق المرأة الاواخر الثلاثينية .
عائدة,.
تسير خلف رجل هو في رأيها شريكها ورفيق دربها حتى وإن كانت خلفه بمسافات طويلة لكنها على ما يبدو مصرة على رفقته,.
لا تدري (اتعس النساء) اي اقوال يهذي بها هذا الرجل لا الرفيق,, وهو يتقدمها,.
أي احترام لها وتكريم ومراعاة لمشاعرها ورفقتها وامومتها لهؤلاء الاطفال وعطائها,.
أحزنني اصرارها على ان تسرع الخطى للحاق به,.
وأدهشتني خطواتها التي لا تستطيع اختصار المسافات نحوه,.
أتراه الحزن الجاثم في فؤادها على خيبة حظها,.
أم تراها تظن هذا الذي يتقدمها رجلا يستحق هذا الثوب والشماغ وهؤلاء الاطفال الذين يعبرون الطريق معه هل تراها لا تتصور مطلقاً أن زوجها وشريكها يطلق العبارات الطائشة,, العامة التي لا تقوى النساء على ان تطلب له شرطيا او نشطا من ناشطي هيئة الأمر,.
لانه ببساطة سيقول انني اتمتم بأغنياتي المفضلة وانا برفقة زوجتي,.
ثم انني اتحدث مع زوجتي وسيشير لها,, وهي حينذاك ستكون بعيدة صحيح لكنها حتما ستقترب فقط لكي تقول,, صادق,, وكلامه صدق,,!
** في ذلك المساء رشحتُ هذه المرأة لمنصب اتعس النساء بدون منافس,.
فقد احزنتني أيما حزن
ولشد ما كانت دهشتي
حين عاد الطابور مرة ثالثة
عائدا للسوق الذي خرج منه قبل دقائق
انه يخرج بابنائه وزوجته
لكي يعبر مقاعد النساء ويتمتم بأغنياته المفضلة دون ان يفكر,.
بأطفاله ووقت لعبهم وفسحتهم ووقت زوجته وحاجتها للتركيز لكي تتسوق بشكل منظم كان همه الاول (بزقرتيته المزعومة)
ان يعبر ويتمتم,,!!
** حينها ذكرت ما قاله الاخ الكاتب (عبدالله بخيت) ان ما يفعله مراهقو و(شيبان) اسواقنا من مخالفات وايذاء للنساء لو فعله رجال آخرون في بلدان أخرى لنالهم الجزاء الرادع لكننا هنا ولأن نساءنا يتقين مغبة التعريض بهؤلاء ولفت انتباه الشرطة او الهيئة عنهم يجعلهم يتمادون اكثر ويتبجحون اكثر,.
** وحتى لو احتجز مثل هذا الرجل وعوقب فلا ثمة عقاب يغسل عنه اثم جرحه واهانته لمن تعبر معه وعلى ذات السفينة امواج الحياة لأنه في ذاك المساء اعلن بكل جلافة البشر استحقاقها للقب أتعس النساء !!
عنوان الكاتبة البريدي: ص,ب: 26659 الرياض: 11496

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved