أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 18th June,2000العدد:10125الطبعةالاولـيالأحد 16 ,ربيع الاول 1421

محليــات

لما هو آت
سي السيد
د , خيرية إبراهيم السقاف
لا أحسبُ أن أحداً معني بالكتابة عن الرجل إلا أحد اثنين: المختص في الدراسات الانثروبولوجية حيث يخضع نوعه لمحتوى الدراسات التي ينشئها بهدف تحديد النوع وتفاعله مع ما حوله، وأدائه ضمن الخلية المجتمعية القائمة على مظاهر/ ظواهر/ عوامل/ أسباب/ يكون فيها بما له من الخصائص التي تحدد أدواره، وبما يقره من العادات، ويتعامل به من القيم، ويشيعه من المفاهيم، التي في مجموعها تشكل النسق المجتمعي الذي يكون فيه ويكون محور الدراسات، بما هو عليه من الشكل النهائي بعد الوصول إلى هذه النهائية عن طريق التفاصيل التي تصل إليها هذه أو تلك الدراسات, والرجل جزء من تلك التفاصيل يأتي الحديث عنه ركيزة هامة في الدراسة.
أما ثاني من يكتب عن الرجل فهي تلك المرأة أو ذلك الرجل المفكران حيث هي تعبر عن علاقة / أزلية/ أبدية بين النوعين، وحيث هو يكتب عن متغيرات أو أحداث أو قضايا فكرية يكون للرجل فيها دوره.
أما عدا ذلك فإنه يندر أن تجد الرجل محوراً وهدفاً في مقالات الأدباء أو المفكرين بل والصحفيين من الكتَّاب أو الإعلاميين الذين يقيمون في برامجهم الإعلامية إذاعية وتلفازية وصحفية ندوات أو حوارات وموضوعات حول قضايا عامة ويكون الرجل مقصوداً بها.
لا أدري هل ذلك لأن الرجل يضع نفسَه في الحياة في وضع مسلَّم به، فهو المتسيِّد انطلاقاً من مصطلح سي السيد الذي أطلقه المصريون، ومصطلح راعي القطيع الذي عرف في البيئة العربية البدوية وإن كانت هناك في كثير تكون راعية القطيع في الصحاري والفيافي وفوق الجبال وفي الأودية امرأة وربما طفلة ,, لكن الرجل يأخذ صفة الثابت/ الأول/ صاحب الشأن/ لذلك فهو لا يكون محور قضية ولا باعث فكرة، ولا يُلاحق كما تُلاحق المرأة في كل أمورها.
ففي كل ما نسمع، ونقرأ، ونشاهد,, لا نجد محوراً لأي موضوعٍ سوى المرأة!!
إن نشأت مشكلات اجتماعية أوعز السبب فيها إليها، وإن طُرح موضوع العمل نُظر في أمر حدودها فيه ، وما لها أو عليها، إن بُحث في أمر التخصصات العلمية، رُكز على طبيعة المرأة!!، إن مرض الطفل قيل إن أمه أهملته، وإن نجح الطفل قيل إن أباه ربَّاه,, ، إن كان الطلاق موضوع النقاش فُنّدت أخطاء المرأة المؤدية إليه، وإن كان الموضوع عن الحقوق الزوجية لا يتبادر للحديث إلا المهاجمون للمرأة في تفريطها، وعدم وعيها، وجهلها بحقوق الزوجية,,، حتى عندما يكون الأمرُ متعلقاً بحقٍ منحها مَن شرَّع سبحانه وتعالى للإنسان حياته وسبلها ومعاملاتِها وعلاقات الفرد فيها مع الآخر، يأتي الحديث فيه، في الجوانب التي تحيطها بالتهم وتبرئ جانب الرجل من الأخطاء.
والمرأة محور أمور لا أتخيل أن عاقلاً واعياً بدينه، عارفاً بحدوده يمكن أن يجهل ما لها فيها وما عليها.
فالمرأة من حقها الموافقة أو الرفض في أمر زواجها وهذا حق مشروع لها,,، والمرأة إن عافت الحياة مع رجل متسلط أو منحل أخلاقياً، أو غير قادر على القيام بأسرته خير قيام من حقها الحصول على الطلاق دون مماطلة أو تعطيل، والمرأة التي يُفرق بينها وبين زوجها بالطلاق من حقها حضانة أولادها، ومن الواجب التحري بدقة في مصداقية أية تهمة يبرر بها الزوج أمر حرمانها من أولادها، والمرأة التي تُعَذَّب في دار أهلها من حقها أن تُمنح حقوقها في فرض الولاية الصالحة لها وجعل القاضي مرجعاً لها دون أن تجد في ذلك صعوبة، والمرأة التي تُضرب في بيتها، والتي يُؤخذ مالها عنوة، والتي لا تجد من يتحدث عنها، من حقها أن يُعاقب من يُعرضها للإهانة، ويُرد إليها مالها، وتُؤتى الفرص كي تمثل نفسها في التعبير عن مشكلاتها، والمرأة التي تعمل ما تلقاه من مال مقابل عملها حق مشروع لها لا يحق لزوج ولا لولي أخذه بأي حجة، والمرأة لا تُسأل عما لا تطيق وعلى الرجل منحها من المهر ما هو لمثيلاتها، ومن السكن ما هو في قدرته، دون أن تُطالب بأداء واجب الزوجية وفوقه الخدمة التي لا تكل، والطاعة التي لا تفتر، والجحود والتقصير، والتقتير، والاهمال والمعاملة السيئة وكل ذلك ليس في الدين ولا في الشرع ولا يتقبله عقل مؤمن يدرك عدالة الدين ومنحه الحقوق الكاملة للمرأة.
ومع كل ما تلاقيه المرأة,, تظل محور كل حديث، ومآل كل لوم، ومُناطةٌ بها مسؤولية كل قصور,.
والأجدى الأولى,.
أن يُفتح ديوان التشريع في كتابِ الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وتوضع أسس التعامل الإسلامي مع المرأة، وتوضح حقوقها، وواجباتها في كافة الجوانب الحياتية بدءاً بعلاقاتها الأسرية مع والديها، فزوجها، فأبنائها فالمجتمع,, وتوضع في شكل نصوص تربوية تُضمَّن في كتب الدراسة كل موضوع يندرج ضمن المقرر المناسب له.
إن أمراً مثل هذا يحتاج إلى محاضرات وندوات وبرامج تُعلم الرجل كلَّ ما عليه تجاه المرأة,, كما تحتاج إلى وضع ضوابط صارمة وعقوبات محددة لكل من يتجاوز في التعامل بما أقره الشرع مع المرأة.
إن الرجل المدلل الذي غسله المجتمع في تعامله ونظرته من كل حوباته وأخطاء بشريته يحتاج إلى أن يكون محور الكتابات والبرامج التوجيهية بل التعليمية كي يدرك أن الحياة التي لابد أن تقوم على إيمان صادق بالله ليست تأتي تحت مصطلح سي السيد أو قائد القطيع .
بل تحتاج إلى وعي كامل بدوره ضمن ما يعطي الحياة توازنها بعنصريها الرجل والمرأة في غير إفراط ولا تفريط.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved