أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 20th June,2000العدد:10127الطبعةالاولـيالثلاثاء 18 ,ربيع الاول 1421

الثقافية

سرحان والهذيان
كان لمجرد أن يلاحظ أنك ستهرب منه بتفكيرك يمط عنقه طويلا ويشرد بعينيه في الافق شرود العارفين والعلماء والذين انكشف عنهم الحجاب، فكان سرحان موضع الغرابة والعجب والاعجاب,عبيط صغير يهذي بكلام لا يعقله، ومع ذلك تقاطر عليه أفراد المدينة الصغيرة من شباب وشياب.
يبهرك حين تسمع الشعر منه, ويخامرك الشك في جنونه, حديثه عن الدنيا متعة وعن الحياة حياة، تهيم اذا تجلى وذكر الجمال والأهداب, لمجرد ان يحرك رأسه ناحيتك ويتكلم معك بعينيه الواسعتين الصامتتين تشعر بلفح الشهاب, ليس كباقي المجانين، لا ملابس متسخة، لا أطفال تقذفه بالحجارة، لا يراه الناس الا سائرا من حارة الى حارة، ويتطلع الى الوجوه والى البيوت غير مكترث, ويغض البصر، عن النظر، إلى أي باب.
يمشي بكثرة في الشمس الحارقة فيزداد سوادا وعندما يبدأ قرص الشمس في الانحدار ناحية الغرب ويتأكد من ان نورها غاب, يركب حصانه الجريدي ويبدأ في الكر والفر مخلفا ذرات تتطاير من التراب.
وبعد ذلك يخمد في احد عوائر حارة العطايف ويلتف حوله جميع مجانين حواري الرياض، الذين ارسل أكثرهم الى الطائف, ويبدأ سرحان بالهزيان.
تهتف الأصوات الكثيرة في نفس واحد: سرحان تزوج، نعم تزوج ولكن كيف؟ يقال ان والده زوجه لترتاح حواري الرياض,, ولكن مستحيل الا اذا الديك باض, وفجأة تغيرت الرياض, بعد ان سكن جميع حواري الرياض, من بيت كروة الى آخر يحمل أبناءه الاثنين مثل القطة، فهو آخر من يفكر بقبر الدنيا ولا حتى قبر الآخرة.
في الاربعين من عمرهما بدأ الأبناء يمشون، يا الله هذه علامات الجنون، في الشمال المرصوف بدون جريد نخل، لا غبار، لا عوائر، لا عيون يحسبهم الناس للرياضة يمارسون, يدلفون، وينامون في البيت المسكون, تظل زوجة سرحان المسكينة جالسة لا تتحرك شاخصة بعينيها الثابتتين نحو شيء محدد، مات سرحان إنه ذلك الشيء المدد، ارتاحت حواري الرياض,, وصمتت في حداد,, وتسرح مع أبيات شعرها وتردد:


مصرقع واحد بالرياض يكفي
وشلون لا صار بعد مصرقعين
الاول اجاذبه من سنين حتفي
والاثنين هبالهم بين بالاربعين
نور القمر هلوقت ما يوفي
ولو بالفلك مع النور نورين

خالد النور

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved