أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 22nd June,2000العدد:10129الطبعةالاولـيالخميس 20 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

نهارات أخرى
اللغة الغائبة
فاطمة العتيبي
** يتهمني القارئ فهد العتيبي وكذلك القارئة نورة السبيعي والقارئة منى الرحيلي والقارئ القاسي جدا س,أ
بأنني ذات صباح وقبل عامين أو ثلاثة قد أشرعت البوابات ومنحت لغتي الأدبية وهواجسي الوجدانية تأشيرة خروج,.
وانني الآن أمارس كتابة لا تعني قلمي لا من قريب ولا من بعيد
فلست معنية بشؤون الاتصالات أو أسعار الخضار!
وان تلك اللغة التي يفتحون عليها صباحاتهم ويخبئونها في غرف القلب الدافئة التي تلملم جراحاتهم وتضمد خطواتهم المرتبكة في طرقات الحياة قد وئدت في رمال الكتابة عن المستشفيات وشيبان المدارس والزواج من الخارج وغيرها من الهموم اليومية العادية التي لا تفتح نهرا ابيض في دواخلهم كانوا ينهلون منه ويغسلون على ضفافه هزائمهم النفسية الصغيرة التي لا تكف الحياة اليومية عن منحها للإنسان وهو أحوج ما يكون لكاتب يتغلغل إلى أعماقه ويغسل بالحبر جراحاتها ويضمدها بالكلمات,,
** ولقد أعادني القراء الكرام الذين ظل أولهم ورابعهم يبعثون طوال الشهور الماضية محرضين قلمي للعودة إلى الكتابة الشفافة عن الحلم والفأل وهموم الوجدان,.
وانضمت ثالثتهم ورابعتهم الى الفريق الذي شكل الحقيقة ضغطا نفسياً.
جعلني أعود لأرشيفي وآخر ما كنت أكتبه وأقارنه بما أكتب أو بما كتبت خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
** وقد لا يعني القارئ الذي لم يُعنَ بما كنت أكتب ولربما طالتني من قراء جدد تهمة جديدة وهي عشق الذات والحديث عنها,.
لكنني صدقاً أود الحديث عن نقطة هامة قد لا تعنيني أنا فقط,.
** ففي الوقت الذي يعتبر كثيرون ان الكتابة هي محطة للتنفيس عما يعتور الكاتب من قضايا وهموم وأنه محظوظ بملكيته لهذا القلم وهذه المساحة لأنه بذلك يستطيع ان يفضفض على كيفه وأن يتخلص من الترسبات داخله بقوله كل ما يريد,, والحقيقة ان الكتابة في مجملها هي ضغط على الكاتب الملتزم بحضوره ونوعية ما يكتب وتشكل عليه هاتان النقطتان كبير عناء.
فإرضاء الناس أمر في غاية الصعوبة وهو حلم يسعى له الكاتب الصحفي الذي يطل على القارئ عبر زاوية يومية أو شبه يومية وحين تكتب في صحيفة يختلف عن كتابتك في مجلة مثلاً,, فالمجلة عادة تحمل رؤية محددة وتوجهاً محددا ولا يقتنيها إلا المهتمون بمجالها,, لذا أنت حينها تعرف من تخاطب وتختار الكتابة التي تناسبهم.
لكنك امام الصحيفة السيارة ملزم بمخاطبة العامة والخاصة ومطلوب منك ان تؤدي دورك التوعوي تجاه شرائح المجتمع وإذا أردت أن تشعر بان هذا القلم الذي تطوي عليه أصابعك نافع - بإذن الله فعليك ان تتلمس الهم الجمعي وتحاول ان تطرحه ويحسن بك أن تطرح له الحلول,.
ولا يمنع ذلك من التنويع في الكتابة ساعياً إلى الوصول الى كل قارئ بطريقته التي يحبذها,.
وإذا كان ثمة من يرى ان اللغة المباشرة الخالية من كثير من الإغراق في الايحاءات والتشبيهات هي لغة لا تليق بكاتب يملك هذه القدرات فإن ثمة كثيرين يحمدون للكاتب اعتناءه بتبسيط اسلوبه رغبة في اتقان حرفة الكتابة الصحفية الصميمة التي تعتمد على اسلوب السهل الممتنع,, فليست لغة تشبه لغة المعاريض بعاديتها وخلوها من أي ايحاءات إبداعية.
وليست ايضا كلغة القصة مثلا أو الكتابة الإبداعية التي تكون اللغة هي هدف بحد ذاتها كما هي الفكرة على حد سواء,.
ومع ذلك فإنني سعدت كثيرا بما رآه هؤلاء القراء وبما ظنوه بي وأعدهم بان تأشيرة الخروج ستتحول الى تأشيرة زيارات متكررة أحاول فيها أن أعيد اللغة الغائبة دون أن أغضب هذا الضمير الذي تشكلت ملامحه على سنة قلمي وهو يرى ان الكتابة في كثير من مواقعها جهاد ضد كل ما يجترح فضيلة الإنسان وكرامته وحقوقه في العيش الكريم, وبحثا عن عوالم بيضاء محلقة بحميم المشاعر الإنسانية التي لا تتقادم مع الواقع بل هي تجمله وتزيل عن ملامحه الغبار.
عنوان الكاتبة البريدي ص,ب 26609 الرياض 11496

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved