أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 22nd June,2000العدد:10129الطبعةالاولـيالخميس 20 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

النجاح والإكمال في الدراسة ودلالاتهما
عبدالرحمن بن صالح المشيقح *
عقب صلاة الفجر مباشرة وبعد ظهور النتائج في المدارس دوى رنين هاتف منزلي، وانتابني القلق من مبعث هذا الدوي، اللهم لا طارق إلا بخير، جاء الصوت منخفض التردد,, عذرا على الازعاج مع هذا الصباح,, أرجو تقدير موقفي,, إبني الذي يدرس في نهاية المرحلة الابتدائية قد أخفق في مادة واحدة من المواد الأساسية، وحرصا على استثمار الوقت وسرعة معالجة الأمر قبل بدء الإجازة في المدارس رغبت في التوسط بمراجعة ورقته لقناعتنا باجابته عله يجتاز هذه المرحلة، فأخبرته بأن هذا المطلب يمكن تحقيقه دون أي شفاعة.
وقفت عقب نهاية المكالمة في حال تأمل واستفسار، ماذا يعني إكمال الطالب في مادة واحدة وحرمانه من مواصلة مشواره مع بقية زملائه, أيعني إخفاقه الجازم في المهارات الأساسية لهذه المادة؟ أم هو عدم تمكنه من الإجابة على التساؤلات التي حددها المعلم لحظة الاختبار؟ أم هو العرف الذي ينبغي أن يكون لدى البعض بمعنى أنه لا بد من إخفاق أحد أو بعض المجموعة، فلا يتصور أن ينجح الجميع كما يتوهمون كما لا يتصور أن يخفق الجميع، وإلا في تلك الحال يلزم تدخل المسؤول المباشر بالمدرسة باتخاذ حلول إجرائية وسريعة لسد أفواه الناس وانتقاداتهم جراء إخفاق الجميع.
في البدء اجزم يقينا بأن القضية لا تفرغ بالعاطفة، وأن العدل أساس في التقييم غالبا، واللوائح المنظمة للاختبارات قد رسمت حدودا لمعالجة حالات الاختبارات فردية وجماعية في المدارس ولمختلف المراحل تحقيقا للعدل، وخفظا لهيبة التعليم واستقلاليته في القرار دون حصول أي ثغرة ينفذ منها الناقد المتحامل,كما يدرك جميع المعنيين بالتربية والتعليم بأن اللائحة الجديدة لأعمال الاختبارات والمذكرات التفسيرية المرفقة معها والأنظمة والقرارات المصاحبة لتفعيلها قد رسمت بعناية وبعد دراسات ومداولات من قبل المتخصصين وبعد مرورها على مرحلة النقد والتطبيق الأولي وبالتالي فهي ثمرة جهد متواصل، فلا مدخل على نظامها ولا نقد لبنودها على الأقل في المرحلة الحالية القائمة.
ولكن لنقف أمام قضيتنا الاولى وهي إخفاق الطالب في مادة واحدة ومع نهاية المرحلة، من المسؤول عن هذا الإخفاق؟ وهل يمكن رسم حلول لتفريغ تلك الصورة، تعطي للتعليم هيبته، وتحول دون هم الطالب وأسرته وامتعاضهما من الإكمال وحرمانهما من لذة الإجازة الصيفية؟ قد يقول البعض إن الإكمال والرسوب شر لا بد منه، وان جميع المجتمعات تعاني من هذا الأمر بل إن بعض الدول تمر بحالة من القلق والترقب الحذر بعد ظهور النتائج حتى ان بعض المجتمعات التي لا يردعها وازع وعقيدة يسود فيها وقت ظهور النتائج حالات من الهوس والانتحار، وكأن الحالة إعلان الفشل واليأس من الحياة نتيجة الاخفاق.
إن معالجة القضية لا تقف عند رسم حلول فورية جاهزة مرتجلة، تتناول البت في نجاح هذا النموذج او إخفاقه، بل هي موصولة بطبيعة المناهج وخطة الدراسة، وبنظام الاختبارات وصورتها القائمة وأساليبها وأهدافها والغاية من تنفيذها.
ألم نصل من خلال التجربة الطويلة لاشكاليات الاختبارات وسلبياتها المتعددة التي رافقت مشوار التعليم والتي لا يزال البعض ينعتها بمسمى الامتحانات ومن خلال إدراك ضغط المتغير على نظام التعليم الى القناعة الجازمة بأن أساليب الاختبارات المعمول بها الآن في نظام تعليمنا لا تتناول بشمولية مجمل أهداف التعليم ولا تتفق مع طبيعة التعليم المستقبلي وغاياته وأهدافه والذي بدت بعض معالمه بالظهور والمتمثلة في تحقيق القدرة على إتقان العمل، والتكيف مع المواقف المتجددة، وعلى استيعاب التدريب، وعلى استثارة مكامن الإبداع وتقديم المهارات العلمية القائمة على التجريب، وعلى حب العمل والتفاني في تنفيذه، ثم ألا نحسب الهدر التعليمي الذي يحصل بكل صوره من جراء نتائج تلك الاختبارات والتي يسببها بعض المعلمين الذين لا يدركون الغاية الحقيقية من التعليم والتعلم لقلة خبرتهم او لعدم حماسهم في وقت تشتد فيه الحاجة لتحقيق نشر التعليم واستثمار مخارجه، وفي جانب آخر لم لا نقيم لمفهوم الإجازة الصيفية للمعلم والطالب ولولي امره وزنا، ألا يمكن ان نرسم حلولا عملية تفرغ الهم من جراء إكمال الطالب في نهاية العام الدراسي.
لقد أحسنت لائحة الاختبارات الجديدة عندما عالجت بعض جوانب النقص في الاختبارات في بعض مكوناتها، حيث ألغت من قاموسها في تقويم الصفوف الأولى من التعليم الأساسي لفظ ناجح ومكمل وراسب واكتفت بعبارة لم يجتز المهارات الأساسية للمادة ورسمت حلولا عملية متعددة للمعالجة وتحسين المستوى من بينها الإعادة، كما ألغت دور الاختبارات التقليدية في تلك الصفوف وقامت على نظام التقويم المستمر.
لذا فإننا بحاجة لوقفة عملية وشاملة لمد مرحلة التجديد في نظام التقييم وتحويلها الى أسلوب تقويم شامل ومتواصل، وقطع الخط على بعض الممارسين لعملية التعليم دون وعي بأسلوب وآثار التقويم العملي.
الحل المقترح في رأيي الشخصي يتمثل في بعض الاجراءات التي منها ما يمكن تنفيذه سريعا مثل النظر في زمن تنفيذ الاختبارات الذي لا يتطلب دراسة وتجريبا، خاصة انه قد نفذ في بعض الدول كدولة الإمارات العربية المتحدة، ويتمثل ذلك في تحديد موعد اختبار الدور الثاني بعد أسبوع او اسبوعين من ظهور نتيجة الفصل الدراسي الثاني بحيث يتزامن مع موعد اختبار المتأخرين عن اختبارات الفصل، فذلك يتيح للطالب فرصة للمراجعة والتذكر خاصة وان الاجراء يقوم على قياس مدى التمكن من استيعاب المهارات المعرفية، ولدى الجميع قناعة بأن الطالب لا يذاكر إلا قرب حلول الاختبار بأسبوع تقريبا، كما ان ذلك يتيح للطالب وأسرته ولهيئة المدرسة التمتع بالإجازة مع الجميع، وتفرغ المدرسة بعد عودة المعلمين لعقد الدورات التدريبية التنشيطية ولرسم الخطط والبرامج لبدء العام الدراسي الجديد بفاعلية,أما الإجراء الثاني فيتطلب تخصيص لقاءات متواصلة ومترابطة لرجال التربية والتعليم للخروج بنظام عملي يحد من رتابة وسلبيات الاختبارات المعتمدة في نظام التعليم العام، وليكن التطبيق نموذجيا ومتدرجا يبدأ في بعض المدارس حتى يتم قياس فاعليته وتأثيره, ولعل في تجربة التقويم المستمر للمواد الشفوية وللصفوف الأولى من التعليم الأساسي ما يشجع على تلك الخطوة.
إن طبيعة العصر التي تتطلب أهدافا متجددة وتتعامل مع نماذج من الطلاب لهم سماتهم وعقلياتهم ومطالبهم، وإن طبيعة الحياة الاجتماعية وما استجد عليها من متغيرات هي بحاجة لإجراء جديد في نظام التقويم يبقي على التعليم هيبته، ويحول دون كره الطالب لمدرسته ولمعلميه، ويخلق إلفا ومودة للمنهج المقرر ويعطي للأنشطة وللمفاهيم التربوية المنشودة عمقا وقبولا، ويهمش من تقييم حفظ المتلقي للمهارات المعرفية في عصر تعاظم طوفان المعرفة وتجددها وسهولة الحصول على مبهمها.
إن هناك طرقا وأساليب يمكن تنفيذها عن تلك الاختبارات التي عتقت وشاخت وضعفت دون تحقيق الأهداف المأمولة منها، وهي متعددة بدرجة يصعب حصرها، وكبيرة بصورة لا يمكن عرضها في مقال فهل لدينا القدرة والرغبة في تخصيص لقاءات تعالج تلك القضية, أملنا في رجال التربية والتعليم من منظرين في المؤسسات التعليمية وخبراء في مراكز مؤسسات البحوث التربوية وأكاديميين في كليات التربية، وفي تطلعات معالي الوزير الذي ينشد التجديد المثمر ويبارك في الخطوات العملية تحقيق ذلك.
*بريدة

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved