أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 27th June,2000العدد:10134الطبعةالاولـيالثلاثاء 25 ,ربيع الاول 1421

الاقتصادية

شيء من المنطق
هل يحلِّق الصقر في أجواء أسواق النفط العالمية؟
د, مفرج الحقباني *
عاشت أسواق النفط العالمية خلال الاشهر الماضية مرحلة جديدة اتسمت بالارتفاع النسبي في الاسعار النفطية مع ميل هذه الاسعار إلى الارتفاع التدريجي مسجلة بذلك حالة استثنائية عما كانت عليه خلال الفترة التي اعقبت الطفرة البترولية في بداية الثمانينيات, ولقد ساهم العديد من الاسباب في حدوث هذا التغيير الجذري في اتجاه الاسعار لعل من اهمها:
1 التحرك الجاد والموقف القوي الذي اتخذته منظمة الدول المصدرة للنفط لوقف تدهور اسعار النفط خلال الاشهر الاولى من عام 1998م.
2 التحرك الجاد والموقف القوي الذي اتخذته المملكة العربية السعودية بصفتها أحد أكبر منتجي النفط في العالم على الساحة العالمية بهدف تحقيق التنسيق في المواقف الانتاجية والاستراتيجية مع بعض منتجي النفط من خارج المنظمة مما زاد من فاعلية القرار النفطي.
3 التحسن الملحوظ في معدلات النمو الاقتصادية العالمية مما زاد من الطلب العالمي على النفط.
4 انقشاع الازمة الاقتصادية الكبيرة التي تعرضت لها الدول الآسيوية التي تعتمد اعتماداً كبيراً على النفط المستورد مما زاد من الطلب العالمي على النفط.
5 الانخفاض الكبير في درجات الحرارة في معظم الدول المستهلكة للنفط مما زاد من الطلب على النفط لأغراض التدفئة.
6 انخفاض معدل التجاوز للحصص الانتاجية المحددة للدول الاعضاء في المنظمة مما ساعد على سحب اجزاء كبيرة من الفائض الانتاجي من السوق العالمية.
7 وأخيراً وليس آخراً التحسن الكبير في مصداقية منظمة الأوبك مما حسن من سيكولوجية السوق لصالح المنظمة والأسعار النفطية, فبعد ان كان العالم قد وصل إلى مرحلة اصبح معها لا يقيم اعتباراً لقرارات المنظمة لاقتناعه المسبق بعدم قدرتها على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، اصبح في هذه الايام على قناعة مختلفة نتيجة للموقف الموحد الذي اتخذته المنظمة أواخر عام 1998م مما ساعد على الابقاء على الاسعار مرتفعة طيلة الاشهر الماضية.
وبالنظر إلى العوامل السابقة يمكن القول بأن المرحلة الجديدة في اسواق النفط العالمية قد تحققت نتيجة لتفاعل العوامل المؤثرة في جانب الطلب مع تلك المؤثرة في جانب العرض.
إلا أن المتابع المهتم يلاحظ ان الدول المصدرة للنفط تسعى إلى اتخاذ اجراءات مضادة تستهدف الحد من الارتفاع الحالي في الاسعار كما حدث في الاجتماع الوزاري الذي عقد يوم الاربعاء الموافق 21/6/2000م في مقر المنظمة في فيينا حيث ثم الاتفاق على زيادة الانتاج بحوالي 700 ألف برميل يوميا, كما ان تصريحات الوزراء المعنيين وبشكل خاص معالي وزير النفط السعودي قد أشارت إلى ان المنظمة ستحلق في أجواء أسواق النفط العالمية بهدف مراقبة السعر ومحاولة ضبطه عند السعر 25 دولاراً للبرميل.
السؤال الآن هو لماذا تسعى الدول المنتجة للنفط إلى الحد من الارتفاع الحالي في الاسعار النفطية خاصة وان معظمها يعتمد اعتماداً كبيراً على تصدير النفط الخام كمصدر رئيس للدخل؟
على الرغم من ان الاجابة على هذا التساؤل تتطلب التعرف على الواقع السياسي والاقتصادي للدول المستهلكة والمصدرة للنفط، إلا أننا سنشير إلى بعض العوامل التي تجعل القرار يتسم بالمنطقية والواقعية السياسية والاقتصادية وذلك على النحو التالي:
1 أن معظم الدول المصدرة للنفط لا تتمتع بنفوذ سياسي قوي على الساحة العالمية مما يعني ضرورة الأخذ في الاعتبار مصالح الدول ذات النفوذ السياسي القوي عند الرغبة في صنع القرار النفطي, وهذا في اعتقادي اجراء منطقي وعقلاني يمكن ان يجنب الدول الاعضاء الاجراءات المضادة التي قد تتخذها الدول المستهلكة للنفط في حالة شعورها بتعمد المنظمة الإضرار بها اقتصاديا.
2 أن معظم الدول المستهلكة للنفط تعتمد اعتماداً كبيرا على النفط المستورد كمصدر للطاقة مما يعني عدم تقبلها لاستمرار ارتفاع الاسعار النفطية الذي من شأنه ان يعيق معدلات النمو الاقتصادي في هذه الدول ويساهم في انتشار البطالة بين مواطنيها, وبالتالي فإن مراعاة هذا الوضع ستساعد على تحسين الموقف الدولي للمنظمة وتنقلها من الشكل الاحتكاري المرفوض إلى الشكل التنسيقي المقبول.
3 أن معظم الدول المصدرة للنفط تعتمد اعتمادا كبيرا على استيراد معظم حاجاتها من الخارج مما يعني ان الارتفاع المستمر في الاسعار النفطية سينعكس لا محالة في ارتفاع مماثل في اسعار السلع المستوردة مما قد يؤدي الى حالة من التضخم في اقتصاديات الدول المصدرة للنفط مصدرها في هذه الحالة ما يسمى بالتضخم المستورد Imported Inflation.
4 ان الارتفاع المستمر في الاسعار النفطية سيخلق الدافع القوي لدى الدول المستوردة للنفط من اجل الحد من استهلاك النفط عن طريق محاولة ايجاد البديل او السعي نحو الاكتشافات الجديدة ذات الاستهلاك النفطي المحدود, وهذا بدوره سيؤثر على مستوى الطلب العالمي في الاجل الطويل مما يقلل من اهمية النفط بين مصادر الطاقة العالمية.
5 ان الموقف الحالي للمنظمة يؤمن لها مساندة دولية من قبل بعض الدول المستهلكة للنفط كالولايات المتحدة الامريكية التي تنتج كميات كبيرة من النفط وتستورد ايضا كميات كبيرة منه مما يعني حرصها على عدم ارتفاع السعر بشكل كبير حتى لا تضر بفئة المستهلكين وحرصها على عدم انخفاضه حتى لا تضر بالمنتجين لديها, وأخيراً نشير إلى ان توافق المواقف والمصالح بين الدول المصدرة للنفط وبعض الدول المستهلكة للنفط لا يعني بالضرورة تحقق التبعية السياسية والاقتصادية من الأولى للأخيرة، إذ ان العقل والمنطق السياسي والاقتصادي يفرض على الدول المصدرة للنفط مراعاة مصالحها دون السعي إلى إلحاق الضرر بالآخرين متى ما كان ذلك ممكناً وقد تحقق هذا الموقف والحمد لله رب العالمين, المطلوب فقط ان يستمر الصقر في تحليقه لتتبع المتغيرات الرئيسة المؤثرة في اسواق النفط العالمية ومحاولة توجيهها التوجيه السليم الذي يحقق مصالح الدول الاعضاء ولا يلحق الضرر بالغير.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved