أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 27th June,2000العدد:10134الطبعةالاولـيالثلاثاء 25 ,ربيع الاول 1421

عزيزتـي الجزيرة

مظاهر براقة,, وجودها لا ينفع,, وتركها لا يضر
عزيزتي الجزيرة
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد:
يقول الشاعر:


من راقب الناس مات هماً
وفاز باللذة الجسور

فلقد اطلعت على رسالة الاخ الكريم (محمد العواجي) التي وسمت بعنوان (هل أنا على خطأ,,؟) احتضنتها هذه الصفحة العزيزة (عزيزتي الجزيرة) في عدد الجزيرة ذي الرقم (10128) الصادر يوم الاربعاء 19/3/1421ه ضمنه صورة حية من الواقع المؤلم الذي نعيشه وهو: (واقع التنافس في حطام زائل) رغم ان البعض لن يوافقني على هذا الوصف الذي وصفت به واقعنا أنه مؤلم,, هذه الصورة التي كشفت عن استارها رسالة الاخ (العواجي) تدور حول تدخل بعض الناس في خصوصيات احدنا بل يصل الأمر الى المضايقة النفسية كما حدث مع الاخ الكريم (محمد) والذي قصته مختصرها أنه يريد أن يمد قدميه على قدر لحافه ليكف نفسه عن الناس الا ان الناس وعلى وجه الخصوص الأقرباء والأصدقاء والزملاء لم يدعوه في حاله بل هاتفوه وهو قد استغنى عنهم بالقناعة والكفاف,, فقد أراد ألا يحمل كاهله بالديون وان يكتفي لنفسه بسيارة قديمة تغنيه عن الناس وذلك لأنه لا يريد ان يحمل نفسه ما لا تطيق حمله من الديون فقنع بالسيارة القديمة ونفسه تتوق الى الجديدة؛ ولكن من حوله لم يدعوه لحاله ويتركوه وشأنه؛ بل عابوا عليه ذلك وعيروه فيه، وما هذا الا من الابتلاء والامتحان، وهنا تظهر الشجاعة والبأس والقوة والصبر والتحمل,, صحيح ليس هذا ميدان حرب وقتال؛ ولكنه مجال لتلك المواقف ومجال لإظهارها والتحلي بها.
إن المرء ليتحمل ما جنته يداه من أخطاء؛ لكن ان يحمله المقربون أمورا هرب منها عنهم وهو يبتغي كرامة نفسه وهم يبتغون هوانها,, فهذا من اشد البلاء وأعظمه,, فهو يريد ان يكف نفسه عنهم وهم يريدون ان يجبروه على ان يحتاج للناس,, يريد كرامة نفسه وهم يريدون إهانتها, الا يحتاج من يتعرض لمثل هذه المواقف ان يتحمل ما يتحمله من يخوض غمار المعارك والحروب من شجاعة وبأس وقوة وصبر وجلد,,؟؟
إن الحالة النفسية التي تمر بمثل ما تمر بالأخ (محمد العواجي) لهي من المصائب إذ اوقعته بين مرارة نفسه وحرقتها ومرارة إخوان يزيدون همه هما وكان الأحرى بهم ان يقفوا بجانبه ويساندوه,, فلم يعملوا بالأحرى ولم يتركوه وشأنه, وقد جاء في الحديث المتفق عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) وهل قولهم هذا لصاحبهم قول خير؟؟
وهنا أقول للأخ (محمد العواجي) اطع من يكلمك في هذا الموضوع بأن تستبدل سيارتك القديمة بسيارة جديدة بأن تحصر كل من يتكلم معك في هذا الأمر ثم تكلمهم في هذا الامر بأن تشكرهم على حرصهم واهتمامهم بك وانك عزمت على الأخذ برأيهم على ان يتحملوا تكلفة السيارة الجديدة (,,,,,) والتي تكلفتها (,,,,,) ألف وان قيمتها مقسمة على عددهم وهنا يظهر من يريد بقوله الخير ومن يريد غير ذلك, وحينئذ تعرف يا اخي هل انت على صواب أم انت على خطأ.
وبهذه المناسبة فأنت يا اخي تعتبر من الامثلة الحسنة في الاخذ بما يناسب الحال من الاكتفاء بالقليل والقناعة بما في اليد وعدم النظر لمن هو ارفع في امور الدنيا,, في زمن يتنافس فيه الناس بالمظاهر البراقة رغم انهم مثقلون بالديون إثر ذلك التنافس المقيت,, فتجد من يلبس ملابس غالية تنم عن شخص يرفل بالنعيم وهو في الحقيقة لا يجد ما يسد به رمقه، كذلك تجد من يركب سيارة فارهة باهظة الثمن ولكنه اثقل كاهله بدين تنوء عن حمله الجبال الراسيات,, كذلك من يسكن بيتا عظيما قد زخرف زخارف براقة يمكن الاستغناء عنها، إذ وجودها لا ينفع وتركها لا يضر, فاي فخر يفتخر به في هذا,, واي تنافس يتنافس به إذا كان التنافس بمثل هذا؟ ذهبت الهمم في حيص بيص، وضاعت النفوس إذ ارتاحت الأجساد في نعيم مصطنع قد ظللته غمامة من الديون تجر الى السجون لتضيع الكرامة وتداس المنزلة,, فهل هذا فخر يتطلع اليه؟ وهل هذه هي السعادة في اعين اولئك؟


وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام

وهنا اقول لك مذكرا بها نفسي ومن يطلع على هذه المقالة (لننظر الى من هو أعلى منا في امور الآخرة، ولننظر الى من هو اسفل منا في امور الدنيا، فذلك احرى الا نزدري نعمة الله علينا).
اما تساؤل الاخ (محمد العواجي) في آخر رسالته (هل يستطيع الانسان ان يتمسك بمبدئه في ظل كثرة معارضي هذا المبدأ وتزايدهم يوما بعد يوم؟! وهل يعقل ان نغير مبادئنا لكثرة معارضيها؟!), فأقول: اما إذا كان المبدأ خاصا فلا حق لأحد بالمعارضة الا اذا كان المبدأ يتعارض مع عقيدة او مسلمات المجتمع المحافظ فهذا المبدأ الخاص باطل للمخالفة,, اما إذا كان المبدأ مشتركا بين الجميع فالمخالف شاذ حينئذ,, وعليه الرجوع والتنازل عن هذا المبدأ.
بصرنا الله بالتقوى وجعلنا ممن يتنافس على الآخرة لا على هذه الدنيا, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
عبدالمحسن بن سليمان المنيع
الزلفي

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved