أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 27th June,2000العدد:10134الطبعةالاولـيالثلاثاء 25 ,ربيع الاول 1421

الريـاضيـة

في منتصف الأسبوع
المنتظرون على رصيف الاحتكار
عبدالله الضويحي
لم يعد احتكار نقل المباريات سواء التي تشارك فيها أنديتنا أو منتخباتنا الوطنية خصوصاً في مجال كرة القدم أو البطولات العالمية مثل كأس الأمم الأوروبية وغيرها أمراً عادياً، بل أصبح يمثل ظاهرة تتكرر في كل مناسبة أو حدث من هذا النوع يتم من خلاله حرمان المشاهد المحلي ممن لا يملك وسيلة كسر هذا الاحتكار من متابعة الحدث والتفاعل معه، هذا المشاهد يمثل القاعدة والسواد الأعظم من المشاهدين,, لأسباب لا نحتاج لشرحها هنا، وقد نأتي عليها عرضا خلال الموضوع,.
وعندما يقترب حدث كروي ما بالمستوى الذي نتحدث عنه أو نشير إليه,, يبدأ الحديث عن ظاهرة الاحتكار وعن المحتكر,, الخ! وينشأ صراع جديد بين المتلقي من جهة وهذا المحتكر من جهة أخرى,, الذي أصبح ينظر للعملية، وهذه حقيقة شاء الجميع أم أبوا، على أنها نوع من التحدي,, يحقق من خلالها ذاته,, وتكون الغلبة في هذا الصراع دائماً له، وهي غلبة معنوية أكثر منها مادية على الأقل في الفترة الحالية بل إنه يخسر مالياً بعض الأحيان.
وعليه، فقد أصبح لزاماً دراسة الوضع، والبحث عن حلول مناسبة تحفظ للجميع حقوقهم بعد أن بدأت تظهر على الأفق بعض السلبيات الناشئة أو المتولدة عن هذا الاحتكار وهي سلبيات لا تنعكس بآثارها على الفرد فقط، بقدر ما تشمل الكرة السعودية بصورة عامة.
ولا بد هنا من الاشارة إلى بعض السلبيات المترتبة قبل الدخول إلى صلب الموضوع,, ولعل أبرزها نقطتان تتعلق احداهما بالكرة السعودية عموماً,, والأخرى بالمجتمع بصورة عامة.
الأولى:
ان عدم نقل مثل هذه الاحداث للمشاهد العادي (وهو القاعدة) يقلل من استفادته (فنيا) من مثل هذه المباريات، وهذه المستويات بمتابعتها، ونحن ندرك أن أحد أسباب ووسائل الارتقاء بالمستوى الكروي الاحتكاك بالمدارس الكروية الاخرى,, والمتقدمة منها على وجه الخصوص والاحتكاك المعني هنا,, ليس شرطاً أن يأخذ الأسلوب المباشر وهو (المباريات)، ولكن ايضاً حتى مجرد متابعة الحدث، ومتابعة المباراة له دوره في الارتقاء,, وهو أمر لا يقتصر فقط على اللاعب لكنه يشمل أيضاً الحكم والمدرب الوطني والإعلامي الرياضي والمشاهد العادي.
الثانية:
اننا إذا أدركنا أن معظم متابعي المباريات هم من الشباب ومن فئة عمرية تمثل الأخطر في سن المرء، وادركنا أن كثيرا من البيوت ليس لديها قنوات فضائية ناهيك عن القنوات المشفرة لأسباب إما اجتماعية أو اقتصادية,, أو تحفظية,, الخ فإننا ندرك أكثر الأساليب التي سيلجأ إليها هؤلاء الشباب لمتابعة هذه الأحداث,, وأهمها المقاهي,, أو الاستراحات,, وغيرها من أماكن قد تعود بآثار جانبية أخرى سلبية على الشباب على المدى البعيد، وعندما يستهوي التردد على مثل هذه الأماكن.
لكن وجود مثل هذه السلبيات وغيرها مهما بلغ حجمها لا تعني أن المحتكر يمكن أن يتنازل عن حقه من أجل ذلك,, لأن العلاقة بين المحتكر وبين المتلقي هي كالعلاقة بين الإعلام والتربية,, وتحديداً بين الإعلاميين والتربويين وهي علاقة أزلية جدلية كل يرمي فيها التهمة على الآخر.
والمحتكر الذي أعنيه هنا بالمناسبة ليس (محتكراً) بذاته أو بعينه,, وإنما أي محتكر,, فاليوم هذا,, وغداً ذاك وبعد غد محتكر آخر وثالث وهكذا,.
كما ان هذه السلبيات لا تجيز لنا نظاماً ولا تخولنا حق نفي صفة الاحتكار أو منعها.
فإذا كنا نملك حق القرار فيما يتعلق بمسابقاتنا المحلية,, فإننا لا نملك حق التحكم في مسابقات دولية أو قارية أو غيرها لأن العلاقة بين الأطراف المعنية في تلك البطولات هي علاقة تجارية تحكمها المصالح المشتركة بين الطرفين.
وعلى العموم، وقبل الوصول إلى زبدة الموضوع وخلاصته,, لا بد من الاشارة هنا إلى أن ظاهرة النقل التلفزيوني الحصري أو (الاحتكار) ليست وليدة اليوم,, فهي معروفة منذ أمد بعيد,, ومنذ أن بدأ التلفزيون يأخذ وضعه الطبيعي,, فالمتابع للبطولات والمسابقات العالمية مثل كأس العالم الأولمبياد الأمم الأوروبية، وغيرها حتى في مباريات الملاكمة,, والعاب القوى وغيرها يلحظ قيام شركات كبرى ودخولها في منافسة شديدة على شراء حق البث التلفزيوني، ومن ثم استثماره من خلال بيعه على التلفزيونات المحلية,, وشركات الدعاية والإعلان وغيرها بأساليب وطرق مختلفة,, وكان تلفزيوننا من ضمن التلفزيونات وما زال التي تشتري مثل هذه المباريات وغيرها,, لكن بروز القنوات الفضائية في الفترة الأخيرة,, وكثرة هذه القنوات، وارتفاع مستوى الوعي وتوالي الأحداث,, وكثرة مشاركات الفرق السعودية كلها عوامل ساهمت في تسليط الضوء على الاحتكار كظاهرة والتعامل معه بهذه النظرة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذه المعطيات هو:
كيف نتعامل كجهات مسؤولة مع هذا الوضع؟!
هل نقف منه موقف المتفرج غير آبهين بما يترتب عليه من سلبيات؟!
ألا يمكن الوصول إلى حلول وسط تحفظ لكل طرف حقه؟!
اننا يجب ألاّ نلوم (المحتكر) على تصرفه ويجب أيضاً ألاّ ننظر له بازدراء وتهكم وتلاعب بالألفاظ تقلل من قيمته كانسان,, أو حتى كرجل أعمال يهمه مصلحته وربحيته,, طالما أن ذلك يدور في اطار من النظم والقوانين التي نؤمن بها ونمتثل لها عندما تصدر من شركات وجهات بعيدة,, ونستكثرها على رجال الأعمال السعوديين,, وكأن احترامنا لهم أو مكانتهم مرتبطة بالتنازل عن حقوقهم,,، لكننا في الوقت نفسه يجب أن نتعامل مع الحدث بواقعية,, وبنظرة منطقية كما نتعامل مع الاحداث الأخرى.
وأعتقد أننا كجهات مسئوله أمام حالتين:
الأولى:
ان كان (المحتكر) أياً كان يعاملنا كسعوديين أو كتلفزيون سعودي بصورة تختلف عن تعامله مع التلفزيونات الأخرى فهنا يجب أن تكون لنا معه وقفة محاسبة ومساءلة,, لا مجال للدخول في تفاصيلها الآن.
الثانية:
أما إذا كان يتعامل معنا,, كما يتعامل مع غيرنا فإن علينا كجهات أن نستسلم للأمر الواقع ونبحث عن الحلول الأخرى,, بعضها آني وقصير المدى للبطولات التي تم احتكارها وأصبحت أمراً مفروغاً منه,, وآخر للبطولات والمسابقات الأخرى, وذلك من خلال شراء حق بث مثل هذه المسابقات على القنوات الأرضية كأي انتاج تلفزيوني خاص.
ان التلفزيون، ونحن ندرك ذلك، يدفع مبالغ طائلة مقابل شراء مسلسلات وبرامج تلفزيونية قد لا تكون فائدتها بالقدر الذي تحققه مثل هذه المباريات؟ فلماذا,, لا يطبق مثل هذا المبدأ على المسابقات الكروية؟!
ثم وهذا للمستقبل لماذا لا يستفيد التلفزيون السعودي من تجربة الاشقاء في مصر والمغرب وعضويتهم في اتحاد الإذاعات الأوروبية,، وإمكانية الانضمام إليه للاستفادة من خدماته؟!.
ما هو دور اتحاد الاذاعات العربية في هذا المجال,,؟! وما هي خططه المستقبلية؟!
لقد استطاعت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال اتحادات كرة القدم فيها ومن دون اتحاد إذاعات أن تتخذ قراراً مشتركاً,, بمنع النقل الحصري لدورات الخليج,, وهو قرار قوي وشجاع,, لتمكين أبناء المنطقة من متابعة الحدث إيماناً من قادة الشباب والرياضة في المنطقة بأهمية التغطية الإعلامية للحدث وانتشاره,, وهي خطوة يمكن أن يستفاد منها في اتحادات أخرى,.
المهم,, أن يكون هناك خطط مستقبلية لمواجهة مثل هذا الوضع,, فالأمر لم يعد عادياً,, ولا يمكن السيطرة عليه بقرار أو التعامل معه من خلال العواطف والمجاملات.
والله من وراء القصد.
***
بطولة كأس الأمم الأوروبية المقامة حالياً والتي دخلت مرحلتها الحاسمة (دور نصف النهائي) مرت على تلفزيوننا مرور الكرام.
إذا كان الاحتكار عاملاً معوقاً لمتابعتها وإذا كان التلفزيون لم يتعامل مع هذا الموقف بصورة صحيحة,.
فقد كان بالامكان التعامل مع الحدث بصورة أفضل,, وتوصيله إلى المشاهد المحروم من متابعته بسبب ظروف الاحتكار,.
كان بالامكان تقديم برنامج يومي لمدة ساعة,, (اليوم التالي) لمتابعة الحدث,, وتقديم ملخص كامل للمباريات وما صاحبها من أحداث,, مما تبثه وكالات الأنباء ويصل إلى التلفزيون,, وإثراء البرنامج بالتحليل,, والتعليق مما يتولد عنه برنامج ناجح يحظى بالمتابعة والمشاهدة، وكان بالامكان أيضاً استثمار البرنامج إعلامياً من خلال البحث عن راع رسمي له,, أو معلنين لتمويله, ألم يكن ذلك ممكناً؟!
والله من وراء القصد.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved