أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 28th June,2000العدد:10135الطبعةالاولـيالاربعاء 26 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

شيء من الحق
الجامعة والدور الاجتماعي المنشود
د,خالد محمد باطرفي*
من أهم أدوار القطاع الأكاديمي كالجامعات والمعاهد العلمية المتخصصة توظيف القدرات العلمية البشرية والإمكانات البحثية المتوافرة لخدمة المجتمع, ومن بين الخدمات الأساسية الهامة دراسة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها التي تواجه المجتمع المحلي والعمل على وضع الحلول لها بالتعاون مع جهات الاختصاص, ومثال ذلك الدور الذي يلعبه معهد البحوث العلمية التابع لجامعة الملك فهد في المنطقة الشرقية في معالجة مشكلات المنطقة والتعاون مع الجهات المختلفة لدراسة تطوير المشاريع ووضع الحلول العلمية للمعضلات التي تواجه المخططين في القطاعات الحكومية والمنفذين في القطاع الخاص للمشاريع البلدية والتنموية المختلفة, وفي جدة مثلا، تعاونت كلية الهندسة بجامعة الملك عبدالعزيز مع أمانة مدينة جدة وشركة أجنبية متخصصة لدراسة مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية ووضع الحلول المناسبة لها, وبنفس الروح عمل مركز ابحاث الحج الذي كان يتبع جامعة الملك عبدالعزيز بجدة قبل انضمامه الى جامعة أم القرى على رصد وتوثيق وتصوير المواقع الأثرية والتاريخية وتوثيق طبوغرافية الأرض وسكانها ودراسة مشاريع مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة وحركة الحجاج في هذه المناطق والظروف التي تحكم توفير الخدمات لهم ويقدم الباحثون في المركز وأكثرهم من المواطنين العديد من الحلول الإيجابية التي تخدم الخطط والمشاريع الحالية والمستقبلية.
على أن هذه الاستثناءات ليست هي القاعدة مع الاسف الشديد، إذ يبدو أن هناك طلاقا مزمنا بين الجامعات والمجتمع صرف الطلاب والباحثين عن دراسة أحوال مجتمعهم والبحث فيها الى التنظير في قضايا ومشكلات لا تمت الى مجتمعنا بصلة أو لا تتصل بواقعه والى التحقيق في كتب التراث ومناقشة القضايا الدولية والأدبية والتاريخية التي وإن كانت تخدم العلم والمعرفة في هذه المجالات إلا أنها لا تتحدث الى الواقع المعيش والاحتياج الملح للبلد والمعاناة اليومية للمجتمع المحلي, كما ان هناك قطيعة بين العارفين باحتياجات سوق العمل والمستخدمين في الدوائر العامة والخاصة، وبين أصحاب القرار في تصميم المواد الدراسية الجامعية، وتحديد التخصصات ونسبة القبول فيها.
إن همومنا ومشكلاتنا عديدة وتحديات التنمية التي تواجه المخططين والمنفذين لمشاريعها كثيرة، وخصوصا عندما تتصل هذه المشاريع البنيوية وتتفاعل مع الخصوصية المتميزة لمجتمعنا إسلاميا وثقافيا وحضاريا, فمن الأسئلة التي يجب أن تطرح قبل إقامة مشروع ترفيهي أو سياحي في منطقة ما تلك التي تتعلق بمدى ملاءمة الموقع والخدمات المقدمة لتقاليد سكان المنطقة واحتياجاتهم اليومية ونسبة العمالة ونوعيتها بينهم، وتأثيرات استقدام وتوطين العمالة الوافدة على المجتمع والبنية الأساسية للمنطقة، وتوافر الخدمات الكافية للسياح والعاملين خلال وخارج الموسم السياحي من كهرباء وماء وهاتف ومساكن مؤقتة ودائمة وطرق وخدمات عامة وخاصة أمنية وبلدية وأساسية كالمطاعم والأسواق وخلافه, وتضع مثل هذه الدراسة الحلول والاقتراحات لتفادي المشكلات المتوقعة ولتهيئة المجتمع والمنطقة لإقامة المشروع الجديد, وبالطبع فإن مثل هذه الدراسات يمكن أن تقوم بها مكاتب استشارية من خارج المنطقة أو البلد، كما يحدث عادة، إلا أنها لن تكون في كفاءة الدارس المحلي الذي هو أعرف ببيئته ويستطيع بحكم انتمائه ومعايشته تلمس واستشفاف احتياجات المجتمع المحلي وظروفه ومتطلباته.
لذا فإن لحضور الجامعة الوطنية معايشة ومشاركة في خطط التنمية ومشاريعها العامة والخاصة دوراً حيوياً مهما لا ينبغي ان يصرفها عنه أو يشغلها دورها التعليمي, وخصوصا ان الدور التعليمي لا يكتمل أصلا بدون التطبيق العملي المعيش والمفيد, كما أن التعاون مع القطاع الخاص في هذا الشأن لا يقل أهمية في توجيه الطاقات نحو ما يحقق المصلحة ويؤمن للخريجين المواقع التي يستأهلونها, وهذه المشاركة لها كثير من الصور تصب جميعها في اتجاه نفس الهدف, فهناك المساهمة المباشرة من خلال تبني الكراسي الدراسية وبناء الكليات والمكتبات والقاعات، والتبرع بالأجهزة التعليمية والتكفل بمصاريف دراسة المتفوقين, وهناك المساهمات غير المباشرة من خلال شراء خدمات الجامعة البحثية والتعاقد مع طلابها وأساتذتها في خدمات اعارة وبحث علمي واستشارات.
وفي كل الأحوال يسهم هذا التعاون بين الجامعة والقطاعين العام والخاص في خدمة أساسية لا يمكن للمجتمع الاستغناء عنها, والخطوة الاولى تبدأ بالاتصال والتواصل بين الاطراف، وخيرهما من بدأ أخاه بالسلام .
*رئيس الشئون المحلية، جريدة الوطن، أبها

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved