أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 28th June,2000العدد:10135الطبعةالاولـيالاربعاء 26 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

لا وقت للصمت
من الكلام,, وإليه!
فوزية الجارالله
الكلام طين الكتابة ,.
لا أدري حقيقة أين قرأت هذه العبارة أو أين سمعتها,, لكنها تحمل مؤشراً الى مفهومين متناقضين:
إما ان الكتابة تخرج أساسا من الكلمات التي نسمعها أو نقرؤها,, تلك الكلمات التي تتفاوت في نوعيتها:
فقد تكون هي تلك الكلمات الناعمة الحالمة الهامسة,, وقد تكون هي تلك الكلمات الحادة الجارحة,, وقد تكون كلمات باردة باهتة تصلنا بلا طعم أو رائحة!.
أما المفهوم الآخر للعبارة فقد تعني ان الكلام من أسوأ ما يمكن ان يؤثر في جمال الكتابة,, فقد يعمل الكلام الغوغائي المتجاوز لحدوده على خلخلة وتشويش الذاكرة,, وبالتالي يشكل حاجزا مؤقتا عن كتابة هادئة، موضوعية، مركزة!.
وقد يكون لكثرة الكلام في كافة المواقف دونما حساب مؤثر سلبي يجعل الكاتب يفقد فكرته ويجهضها بالحديث عنها حيث تتسرب من أعماقه تلك الطاقة النارية الصاخبة التي كان يمكن أن يبدع من خلالها ما هو أجمل,, لو لم يلجأ الى الثرثرة بدلا من تفريغ طاقته كتابة!.
أذكر أنني قرأت للشاعرة فدوى طوقان في كتابها حياة جبلية والذي يحوي مقاطع من سيرة حياتها,, قرأت لها ما معناه أن الضجيج والصخب والأصوات العالية عند الحديث هي ميزة للمجتمعات المتخلفة,, أما الكلمات الموزونة الهادئة فهي ميزة المجتمعات المثقفة الواعية,.
وما تحدثت عنه فدوى طوقان يبدو حقيقة الى حد بعيد,, فكلما كنت أكثر احساسا بالكلمات كلما كنت أكثر تقديرا لها,, وبالتالي يظهر أثر ذلك في استغراقك كثيرا في كل كلمة قبل أن تنطلق بها وذلك لادراكك العميق لأبعادها وتأثيرها على الطرف الآخر,, ليس ذاك وحسب، بل وتلجأ الى التعبير عنها كتابة أو رسما وذلك في حالة كونك تملك موهبة فنية ايا كان مجالها.
استعيد الآن في ذاكرتي عبارة قديمة تقول:
رُبَّ كلمة قالت لصاحبها دعني
أتأملها وأفكر لماذا صرخت الكلمة دعني هناك عدة احتمالات:
فربما أرادت أن تقول من خلال صرختها واحدا من ثلاث:
دعني لأنك نزق شرس لا تطاق,, دعني كيفما أكون,, دعني لمن خلقني!!
لأن أبوابك ونوافذك مشرعة,, لأن روحك باهتة,, لأنك لا تقدر شيئا ولا تحفظ لشيء قيمته,, إذاً دعني وليسمعني من يشاء,, وليغضب من يشاء!.
لقد طال احتباسي في اعماقك وأنا الأجمل والأكثر دفئا,, أما آن الآوان كي أرحل من خلالك إلى من يستحقني؟!.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved