أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 29th June,2000العدد:10136الطبعةالاولـيالخميس 27 ,ربيع الاول 1421

الثقافية

متغيرات المسرح مفهوم مزامنة المكان
محمد العثيم
في مقال سابق اشرت الى تحول خشبة المسرح التي يعرض عليها العمل الى مسرحية بذاتها في مفاهيم المسرح الحديث بعد ان ساعدت التقنيات المادية والبشرية والتجارية المتكررة على الوصول الى تركيبة (كيمافيزيائية) جديدة في العرض المسرحي لا تجعل لأي من عناصر العرض السيطرة على بقية العرض بل يكون مجمل المدخلات في تفاعل العرض.
في هذه التركيبة تحول الممثل الى مكمل للعرض مع باقي المفردات لا موجها لها وتحول الديكور والصوت والإكسسوارات الى مفردات ومعان في مجمل السينوجرافيا مما جعل العرض المسرحي يتخطى بمراحل مشاكله مع السينما التي اخذت جماهيره ثم بدأت تهدد وجوده بصفته دراما تراجيدي او كوميدي, وفي هذا التحدي كان على المسرح ان يتحرك باتجاه الحصان الجامح في الطقس التشاركي في العرض الذي لا تحققه السينما او الدراما التلفزيونية مستفيدا من تفرده بالعرض الحي.
من الناحية التاريخية كانت منصة العرض مجرد ملعب يسرح ويمرح فوقه الممثلون لسرد فعل من الافعال او تنفيذه في مقولة درامية للإمتاع او التوجيه,, اليوم ليست هذه كل الحكاية فما نقدمه في المسرح النخبوي على وجه الخصوص يفترض ان يكون طقسا يفتح فراغ الاسئلة قبل الاجوبة, وهنا لا اتحدث عن عدم اكمال الحكاية لاترك لك التوقع كما يفعل منظمو المسابقات الثقافية، بل اقصد أن الفن هو السؤال الكبير في الحياة,, وعندما اقدم طقسا كاملا حول قصة او قضية او حكاية فأنا اقدمها من مرآة الفن الموجه بوضوح وبهاء وجمال فني لكي اتلامس مع روح الحياة,, ووهجها ولكي اهذب النفس بتذوق الفن, أما علاج المشكلات فهو علاج عرض ويقوم به كتاب التمثيليات,, ودور الفن الراقي لا يكون في الترفع على المعالجات لكنه يسلك طريق التهذيب العلوي للروح ويترك الشعارات النصحية لتمثيليات الدراما التي توظف الأساليب المسرحية في العمل.
***
والآن اترك الموضوع قليلا لأعود اليه في السياق مستفيدا من سؤال وجواب الفن في سبيل ان تتهذب الحياة ويرقى الذوق وليس من طرح البسيط والسوقي من الفكر في المسرح حتى وإن زعم البعض بان الواقع يطرح نفسه إلا أن الواقع الفني الأعلى يتحاشى السقوط في الفنون الأدنى وتبقى له السمات الجمالية والفكرية التي تراكمت في الحضارة الانسانية ليس مسرحا فقط بل ادبا وفنا للوجدان يعيد للحياة نقاء الروح.
هذه كانت بعض ذيول الموضوعات حول خمسة احاديث مضت كنت اتلقى حولها الكثير من التداخلات التي ذهبت كل مذهب,, والملعب المشكلة (المسرح) الذي لعب سمات الجمال هو القاعدة التي ينطلق منها الفن الراقي,,, وفي صنوف الفن الادبي لا يوجد ما هو خارج اللعبة المسرحية إذ لا نستطيع تصنيف السلطنة الغنائي او مشهد تمثيلي من كوميديا الزوج والزوجة بأنه خارج الوان الفن واحيانا الفن المسرحي متى حقق طقسه بنفسه,, والمشكلة الأكثر تعقيدا في هذه السياقات للمسرح بال واسع يستوعب المهرج والفنان والمتفرج في لعبة واحدة مما يجعل المثاليات الحديث عنها شيئا غير صائب.
المثير في المسرح ان كثيرا من المنتمين الى الإبداع يصيبهم ضيق من نوع او آخر وينسون ان فرص العرض للفن الادنى اقوى من فرص العرض والبيع للفن الأعلى,, وانت لا تستطيع في الفن التشكيلي مثلا شراء لوحة لرسم كبير من مكتبة لتعلقها على جدار غرفتك، لكنك تستطيع شراء خمسين لوحة متواضعة من محل ديكورات رخيصة وتملأ بيتك بها,, فهل نلغي القيم الفنية العليا لأنها قليلة الانتشار او محدودة التوزيع او مكلفة أو صعبة وننسى أنها (اي القيم الفنية العليا) هي النهر الذي لا ينضب والذي تستقي منه الفنون الأخرى رحيقها وتتنسم شذاها.
وفي خارج السياق الاول ايضا اقول إن هذا يؤكد اهمية تبني الجامعات وجهات لتعليم لنوع من الفن المسرحي الأدبي العالي في درجة الفن لأن دورها استثماري وليس ربحي,, والمحاولات التي يقودها بعض المسؤولين في التعليم العالي والأدنى في الطلب من المثقفين المسرحيين تبني ثيمات اجتماعية بسيطة لا تتجاوز النصح والتوجيه الى قيم الفن الأعلى لا يجب ان تلغي التفكير في القيم الجمالية التي يطرحها الفن المسرحي الأعلى وللمثال فإن جهات التعليم في العالم المتقدم رغم توفر كل انواع الاعمال الجديدة والشعبية تطرح في المدارس والجامعات الكتابات الشكسبيرية للتطبيق بصفتها من الاعمال الادبية القاعدة,, ولدينا يجدر طرح مترجمات لها مع مقتطفات من مسرح الحكيم او احمد شوقي لخلق مفهوم للفن وعدم التفكير بشكل كبير بمسرح اجتماعي يرسخ الشعبي والعامي مثل ما تقدمه المدارس من محاورات وحوارات لأن الحوارات الشعبية ليست قيما تربوية فهي اصلا تدخل المجال الثقافي من باب الادب الشعبي الذي ليس هو مجال عمل التعليم العام او العالي بقدر ما هو مجال لدراسته.
***
اعود من حيث بدأت الكلام عن الاهمية الفنية للحركات المسرحية الجديدة التي سيدت المسرح على عناصره ومكوناته لأنها لا زالت الطريق المنافس لباقي اشكال الفن الجماهيري الذي تنقله الوسائل المشاهدة ولذلك لا يحسن ان نقف موقف المتهيب من الحركات المسرحية الجديدة بل نجعها المساق الاساسي للمستقبل للبدء كلاسيكيا والانتهاء في الفن الراقي اما ما بينهما فيحقق نفسه بدون تدخلنا.
Othaimm @ hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved